بدأت وحدات من الجيش اللبناني، صباح الثلاثاء، في الانتشار في شارع سورية الفاصل بين باب التبانة السنية وجبل محسن العلوي، من خلال تسيير الدوريات وإقامة الحواجز في هذا الشارع ومتفرعاته. بدأت جرافات الجيش بإزالة السواتر الترابية التي كان المسلحون قد وضعوها على مداخل الشوارع الفرعية في مواجهة بعل محسن في ما عزز مواقعه بالتحصينات وأكياس الرمل، مما يوحي بأن الجيش لن يخلي المنطقة من اليوم وصاعدا، وسيرد على مصادر النار بما أوتي من قدرة. وجاءت خطوة الجيش، صباح الثلاثاء، لتحسم المرحلة الثانية من الخطة التي تقول بالانتشار في شارع سورية، تمهيدا لإنهاء خطوط التماس بين الطرفين وتحويل المنطقة السنية والعلوية بأكملها إلى وحدة أمنية متكاملة تنتفي معها ظاهرة الانقسام بين المنطقتين. وحضر، الإثنين، في قصر بعبدا بين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ووزير الداخلية مروان شربل، بحيث تمّ استعراض التطوّرات كافة. وقال شربل لـ "العرب اليوم: إنّه أطلع سليمان على الخطوات والخطط الموضوعة، والتي يجري تنفيذها بالتدرّج وفق آلية محدّدة تمّ الاتفاق عليها بين القوى الأمنية والعسكرية المكلّفة بأمن المدينة. وقال: إنّ الرهان يبقى قويّاً على التزام الطرابلسيّين مصلحتهم ووقف استخدام مناطقهم رسائل في هذا الاتجاه أو ذاك. وأكّد أنّ "القوى الأمنية لن تتهاون في هذه المرحلة بالذات". وتعترف مراجع أمنية وسياسية بأن "هذه الخطوة ليست سهلة". وقالت لـ "العرب اليوم": إن العملية هدف كبير ينشط الجيش من أجل إتمامها وترتيبها في أفضل الظروف، لكنها مهمة صعبة للغاية. وقالت مصادر أمنية: إن ما شهدته طرابلس، الإثنين، من تطورات ميدانية، بدا أنه تجاوز جميع قدرات الدولة، من رأس الهرم إلى قاعدته، فلا أحد من القيادات السياسية والدينية والأمنية يستطيع أن يكبح جماح بعض مسؤولي المجموعات المسلّحة عن الاستمرار في إشهار السلاح، وصولا إلى حدود مواجهة الجيش اللبناني والتصدّي له بشكل مباشر لمنعه من الانتشار في شارع سورية والحارة البرانية، كما حصل ظهر الإثنين، وأدى إلى سقوط 3 جرحى من العسكريين، أحدهم فيلا حال الخطر الشديد. وأعلنت قيادة الجيش أنّه "خلال تنفيذ مهمة الانتشار لضبط الأمن في طرابلس، أطلق مسلّحون النار على دورية عسكرية في محلّة التبّانة، في شارع سورية، مما أدّى إلى إصابة 3 عسكريين. وقد ردّت عناصر الدورية على مصادر النار بالمثل، واتّخذت وحدات الجيش إجراءات استثنائية لتعقّب مطلقي النار لتوقيفهم وإحالتهم إلى القضاء المختصّ، متابعةً مهمّة انتشارها. ولاحظ "العرب اليوم" غياب المواقف عن الساحة الطرابلسية فوقف السياسيون عاجزين أمام قادة المحاور، الذين على ما يبدو خرجوا على سيطرة السياسيين ولم يردوا على اتصالات أحد منهم. وكانت محاور جبل محسن وباب التبانة شهدت ليلا هادئا نسبيا، بحيث توقفت الاشتباكات بين الطرفين بعد الساعة الحادية عشرة من ليل الإثنين، بعد اتصالات مكثفة جرت مع المعنيين لتأمين دخول الجيش إلى شارع سورية. وشهدت المدينة، الإثني، 4 حالات إطلاق نار متفرقة، بعيدا عن المناطق الساخنة، قام بها ملثمون على متن دراجات نارية، فأصابوا جنودا خلال التحاقهم بمراكز عملهم، أحدهم في حالة الخطر، واستكملت هذه الاعتداءات، بتعرض وحدات الجيش إلى كمين خلال انتشارها ظهرا في شارع سورية والحارة البرانية، رغم جميع الاتصالات السياسية الإيجابية التي مهدت لهذا الانتشار، مما أدى إلى إصابة 3 عسكريين. وبدا واضحا أن مَن استهدف الجيش في شارع سورية، الإثنين، وهو على عتبة المرحلة الأخيرة من تنفيذ الخطة العسكرية، لوقف النزف الحاصل في المدينة، كان يهدف إلى إعادة سيناريو مخيم البارد أو عبرا في التبانة، أو في طرابلس بشكل عام، خصوصًا أن الاعتداءات استهدفت العسكريين ودفعت الجيش، الإثنين، إلى القيام بمزيد من التحصينات حول مراكزه، وبقائه على أهبة الاستعداد لمواجهة أي طارئ.