يدخل الكاتب محمود الوردانى في روايته "بيت النار" إلى أعماق القاهرة، ببطله "مصطفى" وقصة كفاحه التي بدأها وهو طفل، حمله القدر مسئولية أمه "قمر" السيدة التي توفى زوجها وآبت أن تدخل رجل غريب على أبنائها "مصطفى" بطل الرواية وشقيقته الصغرى "قمر" حتى ولو كان العريس لا يمانع، متحملة أعباء المسئولية التي جعلتها تدفع ابنها التلميذ بالصف السادس بائع ثلج يحملها على أكتافه الصغيرة والتي كادت أن تودي بحياته نتيجة أكله الثلج مقابل ربع ريـال أسبوعيا، لكي يساعد فى نفقات معيشته مع أسرته الصغيرة داخل حجرة بشقة على أحد أسطح القاهرة. وهنا يلقي "الورداني" الضوء على ما تعانيه الأسرة المصرية التي فقدت عائلها مع الشئون الاجتماعية ليثبت أحقيته في جنيهات معدودة يأخذها بعد شهور من الشقاء مع الموظفين. بداية خروج "مصطفى" للعمل كانت في الستينيات، وبدأ مع كل نهاية مرحلة دراسية يتنقل من وظيفة لأخرى، لا يهتم ما هى الوظيفة بقدر ما يهتم بكم سيحصل منها على أجر أسبوعي، ليعود الخميس من كل أسبوع محملا بالبهجة وهو يدخل على "قمر" ويعطيها النقود. ومن بائع ثلج إلى صبي مطبعة إلى صبي مكوجي، والمكواة هى "بيت النار" ومنها أخذ اسم الرواية، فالنار تحتاج لفن أثناء التعامل معها ارتفاع درجتها يؤدي إلى حرق الملابس، كما أن عدم تسخينها لا يؤدي إلى كيها، كما هى حياتنا التي تحتاج لضبط إيقاعها وإلا فقدناها في، ثم انتقل للعمل "كاشير" في محل قصب، وفى تلك الوظائف دخل بنا إلى بيوت القاهرة في هذه الفترة موضحا مستويات المعيشة وكيف كانت الحياة وقتها، وملقيا الضوء على نماذج مختلفة من المصريين قابلهم في طريقه وصنعوا معه الأحداث.