أنقرة ـ جلال فواز   تجمع منطقة جيبوكلي تيبيه في شرق تركيا بين مظاهر الحضارة القديمة للبلاد ومظاهر الحياة المعاصرة، حيث تعلو قمم تل جيبوكلي تيبيه قطعان من الغنم والماعز، بينما في أسفل التل، تقع الحقول المزروعة بالميكنة الحديثة. و يرى الخبراء أن تكوين هذا التل يؤكد أنه ليس تلاً عاديًا، ولا جزء من تضاريس المنطقة، حيث يبدو كأنه من صنع البشر.



و تنتشر قنوات الري والمنازل التقليدية، حيث لم تصل ثورة المعمار إلى هذا المكان بعد. وذهب بعض الخبراء إلى أن هذه المنطقة كانت مليئة بحشائش السافانا، ومظاهر الحياة البرية، من حيوانات وطيور، في حين يرى السكان المحليون أنه مكان مقدس، وهو المكان الذي يصل ارتفاع الصخور به إلى متر، وعرضها إلى ثلث المتر، مما يؤكد أنه ليس من صنع الطبيعة، بل هو من صنع الإنسان، إلا أنه أثر قديم رغم ذلك.



كما تم اكتشاف بعض الكتل الحجرية الموضوعة بشكل رأسي، يرجح أنها تماثيل لبشر، يصل ارتفاع الواحد منها إلى خمسة أمتار، والتي نُقشت برسومات لحيوانات وطيور، وهي التماثيل التي قد تكون أهم الكشوف الأثرية من العصر الحجري.
ورغم ما يبدو على المنطقة من طبيعة خاصة، وما يظهر للناظر من الوهلة الأولى من أنها منطقة أثرية، هناك بعض الأكواخ التي يقطن بها سكان محليون، يعملون بالزراعة أسفل التل، ولكنه عدد قليل جدًا من الأكواخ. كما لا يزال هناك علامات، هي بالأساس آثار للأسهم، التي كانت تطلق في الأزمان الغابرة.
ومن الغريب، والذي أثار دهشة علماء الآثار، الذين يعملون في الموقع، هو أنهم لم يصادفوا على الإطلاق أي عظام بشرية أثناء البحث. فمن يكون إذن قد نحت هذه الكهوف والمنازل في قلب الصخور، ومن بنى تلك البنايات، ومن يا تُرى كان يطلق السهام التي تظهر آثارها على الأرض. هل نحت هذه المدينة في قلب الصخور الثعالب أم الذئاب؟.
ومن أغرب الممارسات التي تتم أثناء العمل في هذا الموقع الأثري أيضًا، والتي تتم على يد العاملين في الموقع، والمسئولين عنه من خبراء وعلماء الآثار، هو السماح للسائحين بالدخول إلى الموقع على اختلاف جنسياتهم، وهو ما يبرره المسئول عن فريق العمل قائلاً "لابد للجميع من جميع أنحاء العالم أن يشاهدوا الكشوف المتوالية، والمحتمل التوصل إليها قريبًا".