ظهرت في قطاع غزة، خلال الأيام القليلة الماضية، مجموعة مجهولة، أخذت على عاتقها ما تسميه "بتأديب" السلفيين، على خلفية نشاطهم المتزايد في إطار محاربة ازدياد ظاهرة "التشيّع" في صفوف المواطنين. ونفّذت هذه المجموعة خطواتها الأولى بالاعتداء بالضرب المبرح على الشيخ مجدي المغربي، وهو أحد أعضاء جمعية "بن باز" الخيرية الإسلامية، في مدينة رفح، أثناء ذهابه إلى صلاة الفجر، فيما تواصل المجموعة التهديد بضرب كادرين آخرين من كوادر "السلفيّة الدعويّة". وسادت في جنوب قطاع غزة حالة من التوتر الشديد بين أوساط السلفيين، الذين هدّدوا بعقاب المجموعة، التي اعتدت على أحد أعضائها. وأوضحت مصادر متعددة أنّ "بداية التوتر كانت بعد أن نشط أعضاء السلفية الدعوية في تنفيذ حملة ضد ما وصفوه بازدياد نفوذ الشيعة الروافض في قطاع غزة"، في إشارة إلى زيادة التأثير الإيراني في المنطقة"، مبيّنة أنّ "الأمر أثار حفيظة مجموعة مجهولة لتقوم بالرد على هذه الحملة، عبر الاعتداء بالضرب المبرح على الشيخ المغربي، وتكسيره، إضافة إلى تدشين صفحة على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، تحمل عنوان (تأديب السلفيين)، ووضعت أسماء وصور ثلاثة كوادر من السلفيين، ووسمت صورة الشيخ المغربي بإشارة (إكس)، كدلالة على الانتهاء منه. وأشار رئيس جمعية "بن باز" الشيخ عمر الهمص إلى أنّ "الحديث عن الشيعة الروافض أثار حفيظة بعض الإخوة في حركة الجهاد الإسلامي، لاعتقادهم بأن الحديث يدور عنهم، مع أنه لا يوجد لدينا أية مشكلة مع حركة الجهاد، التي نعترف ونقر بجهادها ونضالها". وأكّد الهمص أنّ "الاعتداء على الشيخ المغربي جاء باعتباره أكثر من يتحدث عن الشيعة الروافض، وتمّ الاعتداء عليه، ووضع رسومات على صفحات الإنترنت له، واتهامه بأنه بوق لأميركا". وكشف عن جلسة عقدت بين حركة "الجهاد الإسلامي" والسلفيين، تمّ خلالها الإيضاح للحركة أنّ الحملة ضد الشيعة الروافض لا تقصدهم، منوهًا إلى قيام مجموعة بخطف الشيخ المغربي، بعد أيام من الجلسة، وتكسير عظامه، والتهديد بضرب الشيخين حسام الجزار ونائل مصران. ولفت الهمص إلى أنّ "حركة الجهاد نفت أن يكون المعتدون منها، متعهدة برفع الغطاء التنظيمي عنهم وتسليمهم للأجهزة الأمنية"، مضيفًا أنّه "على الرغم من تمكن الأجهزة الأمنية من كشف العناصر التي ارتكبت الاعتداء، فإن حركة الجهاد لم تسلمهم، ولم ترفع عنهم الغطاء التنظيمي". وتوسطت كتائب الشهيد "عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، بغية حل المشكلة، حيث أعلنت "حركة الجهاد" أنها تريد حل القضية مع عائلة الشيخ المغربي، الأمر الذي رفضه السلفيون، على اعتبار أنّ للقضية ثلاثة أبعاد (قضائي وسلفي وعائلي)، الأمر الذي لم تقبله "حركة الجهاد". وشدّد الهمص على أنّ "حالة من الغضب تعتري الشباب السلفيين"، مشيرًا إلى أنّ "جهات مختلفة منهم جاءت معلنة رغبتها في الرد والانتقام، إلا أن الجمعية رفضت ذلك، بغية وأد الفتنة". بدوره، أكّد عضو المكتب السياسي لحزب "الشعب" نافذ غنيم أنّ "معالجة القضية لا تتم من خلال استخدام العنف من أية جهة"، داعيًا إلى الحوار، والتسامح، وعلاج الأسباب الرئيسة، التي أدت إلى هذه الأجواء المشحونة". واعتبر غنيم أنّ "الانقسام في المجتمع غيّب روح التسامح، وعزّز مشاعر الحقد والكراهية، الأمر الذي يجب معالجته بأقصى سرعة"، مؤكّدًا أهمية أن يفهم الجميع أنه لا يمكن لأية سلطة أو جماعة تكريس نفسها بالقوة، لافتًا إلى أنها لو نجحت فلن تدوم طويلاً. وأشار غنيم إلى أهمية إنهاء الانقسام، وإجراء الانتخابات، بغية مواجهة "البديل الأسود"، الذي ينتظر الشعب، لاسيما مع وجود محاولات لتحويل الصراع إلى صراع طائفي، كما حدث في حرق كنيسة اللاتين في غزة، حسب تعبيره.