غزة ـ محمد حبيب
نفت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن يكون لجماعة "أنصار بيت المقدس" أيّة علاقة أو تواجد داخل قطاع غزة، مفندة، على لسان الناطق باسمها سامي أبو زهري، تصريحات اللواء المصري سامح سيف اليزل، بأنّ غزة تهرب إلى سيناء صواريخ "سام 7".
وأوضح أبو زهري، في تصريح صحافي، الاثنين، أنّ "هذا السلاح لا يُصنع في غزة، بل هو سلاح روسي، يمكن لأيّة مجموعات في سيناء أو غيرها الحصول عليه من السوق السوداء".
واعتبر محاولة إلصاق اسم هذه المجموعة المصرية بغزة هو هروب للأمام، ومحاولة لتصدير الأزمة المصرية، داعياً إلى التوقف عن استمرار تدفق مثل هذه الأكاذيب، التي لا تخدم إلا الاحتلال الصهيوني.
وأكّدت مصادر فلسطينية أنّ "حركة حماس تأخذ كامل استعداداتها لمواجهة أيّ عمل مصري استخباري، يهدف إلى التخلص من حكمها في قطاع غزة، وإنهائه، في ضوء عدم وجود علاقات ترابط قوية بين الطرفين، وذلك عقب ما كشفه مسؤولون أمنيون كبار في القاهرة، تحدثوا عن أمر إسقاط حكم الحركة، علانية هذه المرة، وهو ما دفع قادة الحركة لشنّ هجوم مضاد، ينتقد "تورط القاهرة" في الملف الفلسطيني الداخلي، بهدف "تدمير قوى المقاومة".
ويرى المراقبون للمشهد السياسي والأمني بين البلدين أنّ التصريحات التي نقلت عن المسؤولين المصريين، قد تؤسس لمرحلة جديدة من الخلاف، يخرجه من دائرة التصريحات الإعلامية إلى "العمل الحاد"، فمسئولو القاهرة لم يكتفوا هذه المرة بتوجيه اللوم لـ"حماس"، أو اتهامات بالتدخل في شؤونهم الداخلية، عبر الإنحياز لجماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة، فالأمر تجاوز كل أساليب النقد السابقة، ودفعهم إلى الإعلان، وفق خطوات مدروسة مع أعلى سلطات القرار في القاهرة، للكشف عن نيتهم إسقاط حكم الحركة في قطاع غزة، الذي يرتبط بحدود مع مصر عرضها فقط 12 كيلو متر.
وتفرض على "حماس"، التي طالما تواجه بانتقادات واتهامات من النظام المصري، بعد أنّ تمّ عزل الرئيس محمد مرسي، وهو الرئيس المصري الذي استقبل قادة "حماس" أكثر من مرة في القصر الجمهوري، بحكم علاقة الترابط بين الحركة والجماعة، مرحلة جديدة في التعامل مع حكام مصر، لا أحد يعرف الأدوات التي ستستخدمها القاهرة في حق الحركة، بغية إفشال وإسقاط حكمها لغزة، الممتد منذ أكثر من ستة أعوام، سوى ما كشفته مصر عن نيّتها الاستعانة بخصوم للحركة، وتحديدًا من منافستها وخصمها السياسي "فتح".
ويبدو واضحًا أنّ قوّة "حماس" المسلحة في غزة، التي تضاعفت بشكل كبير، هي ما تؤرق قادة القاهرة، لاسيما في ضوء الخطط الرامية لإسقاط الحركة.
وتمتلك حركة "حماس" جناحًا عسكريًا قويًا، وله منتسبون عددهم الأكبر بين نشطاء التنظيمات المسلحة، ولحكومة الحركة أيضًا قوات أمنية مختلفة، استعرضت ثلاثة آلاف منهم أمام رئيس الحكومة إسماعيل هنية، قبل يوم واحد فقط من تصريحات المسؤولين الأمنيين المصريين، حيث ظهروا وهم يحملون الأسلحة الرشاشة، وينفذون مناورات في البحر وفي البر، وعمليات إنزال من بنايات مرتفعة.
ويمكن لهذه القوات مواجهة أيّة حركات تمرد ضد حكم الحركة، حيث سبق وأن أنهت، باستخدام القوة، فعاليات مناهضة لـ"حماس" في غزة، وحالت هذه القوة دون خروج نشطاء في مسيرات في غزة، على غرار ثورات الربيع، تحت اسم "تمرد".
وانتقدت حركة "حماس" توجهات القاهرة الجديدة، فيما أعلن القيادي في الحركة صلاح البروديل عن امتلاكهم وثائق وتسجيلات مصورة، تؤكّد "تورط جهات أمنية مصرية بمحاولة بث الفوضى في قطاع غزة، عبر ضباط مخابرات فلسطينيين، يعملون لصالح جهات مصرية".
وأضاف البردويل، وهو يشير إلى امتلاك حماس أوراق قوّة تفيدها في الأزمة، أنّ "حركته أوقفت بث هذه التسجيلات، بطلب من الجهات المصرية، لكنه توعد بكشفها، حال استمرت الحملة المصرية ضدهم".
ونفى البردويل أن يكون لحركة "حماس" أيّ تدخل في شؤون مصر الداخلية، مؤكّدًا أنّ ما يروج في إعلام مصر يهدف إلى "إرضاء إسرائيل"، عبر التركيز على السعي لإسقاط "حماس"، ولصرف الأنظار عن ما يحدث داخل مصر، متهمًا جهات مصرية بأنها "تعمل على تقديم قطاع غزة كبش فداء لهذه الحملة".
ورأى أنّ "التهجم على حركة حماس وغزة يمثل منطقًا همجيًا، وكِّبرًا غير منطقي"، وتابع أنه "حال تمّ الإعتداء على حماس، سوف ندافع عن أنفسنا بكل ما أوتينا من حق".
وأكّد البردويل أنّ "استهداف المقاومة الفلسطينية لم يتوقف، وأنّ تشديد الحصار هو جزء من هذا الاستهداف"، حسب تعبيره.
وبيّن أنّ "تشديد الخناق على قطاع غزة هو موقف سياسي، يرفض فكرة المقاومة، تشارك فيه أطراف فلسطينية وعربية وأميركية وصهيونية".
وأشار إلى أنّ "المقاومة تعي ذلك جيدًا، وهي تدفع ثمن مواقفها المتمسكة بالثوابت دون تنازل، ولكنها لن تدفع لوحدها ثمن استهدافها، وإنما كل الأطراف التي تشارك في هذا الاستهداف للمقاومة وللشعب الفلسطيني ستدفع الثمن، كل حسب دوره".
على صعيد آخر، حذّر البردويل من تبعات خطة كيري، التي يجري الحديث بشأنها بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، لافتًا إلى أنَّ "كل المؤشرات التي تسربت عن خطة كيري، التي يجري التفاوض بشأنها بين السلطة والاحتلال، تؤكّد أنها ذات أبعاد خطيرة على حقوق الشعب الفلسطيني الأساسية، من القدس إلى حق العودة، وهي خطة لن يمرّرها الشعب الفلسطيني، ولن يقبل بها، مهما تكالب عليه الأعداء"، على حد تعبيره.