دعا رئيس الحكومة اللبنانيّة المُستقيلة نجيب ميقاتي، "المؤتمر الدوليّ الثاني للمانحين لدعم الوضع الإنسانيّ في سوريّة"، المُنعقد حاليًا في الكويت، إلى تحييد بلاده عما يجري في سوريّة والمنطقة. وقد ألقى ميقاتي كلمة لبنان أمام المؤتمر الذي انعقد في الكويت، قبل ظهر الأربعاء،  برئاسة أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح، وحضور الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ورؤساء وزراء ووزراء خارجيّة عدد من الدول العربيّة والاجنبيّة، قائلاً " أُعبّر عن تقديري وشكري لدولة الكويت الشقيقة، على استضافتها، للسنة الثانية على التوالي، مؤتمرًا لمساعدة سوريّة، وعلى رعايتها وبذلها جهودًا استثنائيّة لمساعدة دول الجوار، على التعامل مع ارتدادات الأزمة السوريّة، عدا جهودها الحثيثة لمساعدة الشعب السوريّ المنكوب، كما أتوجه بالشكر إلى كل الدول المانحة التي ساعدت لبنان ومكّنته من القيام بواجبه الإنسانيّ في استضافة النازحين السوريين، رغم الصعوبات الاقتصاديّة والاجتماعيّة التي يُعاني منها، بفعل أعباء هذه الأزمة، وأخصّ بالشكر المنظمات الدوليّة وتلك المرتبطة بمنظومة الأمم المتحدة، وخصوصًا المفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR ) و(اليونيسيف) وغيرها من المُنظّمات الفاعلة التي تعمل جاهدة لمساعدة لبنان على تجاوز هذه المرحلة الصعبة، ولقد عَمِلَتْ الحكومة اللبنانيّة، منذ بدء الأزمة السوريّة، على معالجة تداعياتها على لبنان في المجالات الاقتصاديّة والاجتماعيّة وغيرها، ومن ضمنها وقع حركة النزوح البشريّ غير المسبوقة من حيث الحجم، وقد تحمّل لبنان العبء الأكبر لأزمة النازحين السوريين، سواء من حيث أعداد النازحين بشكل مُطلق، أو بالنسبة إلى صغر مساحته وعدد سكَّانه، وأظهر لبنان، شعبًا وحكومةً، تعاطفًا وتضامنًا أخَوِيَيْن مع مأساة النازحين،ولكن مع التزايد المستمر لحركة النزوح، من دون بروز مؤشرات على تقلّصها، وتسجيل معدل ثلاثة آلاف نازح يوميًا، بات النازحون السوريّون يُشكّلون ربع عدد سكان لبنان المقيمين تقريبًا، وبات من الضروريّ والمُلحّ إيجاد حلولٍ لدرء أعباء موجة النزوح على المجتمعات المضيفة، وتأمين الموارد الكافية لإدارة تداعيات هذا التدفّق المتواصل وتطويقها، ولقد أدّى تمدّد آثار الحرب في سوريّة إلى انعكاسات سلبيّة مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد اللبنانيّ، من حيث تراجع الاستثمارات، وتعطيل حركة التجارة والسياحة، وانخفاض إيرادات الخزانة، ولقد كان وقع النتائج السلبيّة ظاهرًا، نظرًا إلى اعتماد الاقتصاد اللبنانيّ على قطاع الخدمات، الذي يتأثر بالمخاطر السياسيّة والأمنيّة". وأفاد رئيس الحكومة المستقيلة، أن الدراسات التي أُجريت على سنوات 2012-2014  أظهرت تقلّصًا في الناتج المحليّ، يُقَدَّر بمبلغ 7.5 مليار دولار، وكلفةً على الخزانة تُقدّر بمبلغ 5.1 مليار دولار، تشمل 3.6 مليار دولار نفقات مباشرة جرّاء تقديم خدمات للنازحين، و1.5 مليار دولار تقلُّصًا في عائدات الخزانة نتيجة تراجع نمو الاقتصاد، وكذلك ازداد ضغط النزوح على أبناء المجتمع اللبنانيّ الأكثر ضعفًا الذين باتوا يتنافسون على لقمة العيش مع إخوانهم السوريين، مما أدَّى إلى تراجع في مستويات الأجور، وارتفاع مُعدّل البطالة إلى ضعف نسبته الحالية، لا سيما اليد العاملة غير المؤهلة المتواجدة في المناطق اللبنانيّة الأشدّ فقرًا بنسبة عشرين في المائة، وأن لبنان لا يزال في حاجة ماسّة للمساعدات الإنسانيّة، للتعاطي بشكل فعّال مع أزمة النازحين السوريين، إضافة الى مساعدات لتفعيل الاقتصاد اللبنانيّ ودعم الخزانة اللبنانيّة، ومساعدات تنموية لصالح المجتمعات المحليّة، بهدف دعم المؤسسات القائمة كالمدارس والمستشفيات بشكل مستدام، والمساهمة في إيجاد فرص عمل جديدة في المناطق الأكثر فقرًا، لذلك نناشد المجتمع الدوليّ مرة أخرى، الاستجابة لحاجات البلدان المُستضيفة والنازحين من الأزمة السوريّة. وأشار ميقاتي، إلى أن احتياجات لبنان الضروريّة للعام 2014، لضمان عدم تدهور مستوى الخدمات إلى درجة مُزرية، تفوق الـ 800 مليون دولار، بالإضافة إلى المبالغ المذكورة في خطة الاستجابة الإقليميّة السادسة "RRP6"، ولذلك فقد انشأنا صندوقًا إئتمانيًا بإشراف البنك الدوليّ، لقبول الهِبات من الدول والجهات المانحة، على أن تكون إدارة الصندوق عملاً مشتركًا بين البنك الدوليّ والحكومة اللبنانيّة، مؤكدًا أن الأزمة السوريّة كانت، ولا تزال، أزمة عالميّة، من حيث مفاعيلها وتأثيراتها، ولكنها أرخت بثقلها على لبنان، فقام، ولا يزال، بما يفوق قدرته على التحمّل.