رام الله – من وليد ابوسرحان
وجَّه المسلَّحون الذين أطلقوا النَّار على مكتب وزير الأوقاف محمود الهباش (أحد أبناء غزَّة) مساء الأربعاء، رسالتين، الأولى للوزير المستهدف تقول: وفق ما يدور في صالونات رام الله بأن "سيارة دحلان المصفحة كبيرة عليك"، فيما كانت الرسالة الثانية للأجهزة الأمنية الفلسطينية تقول: عليكم سرعة الكشف عن من أطلق النار خلال الأسابيع الماضية على سيارة النائب ماجد أبو شمالة (أحد قيادات حركة فتح من القطاع) وعلى سيارة عضو المجلس الثوري لحركة فتح الدكتور سفيان أبو زايدة.
وفيما تواصل الأجهزة الأمنية الترديد بأنها تواصل التحقيق للكشف عن المسلحين الذي استهدفوا سيارتي أبو شمالة وأبو زايدة خلال الأسابيع الماضية، في رسائل تحذيرية لهم بأن عليهم التوقف عن انتقاد قيادة فتح وقرارها بفصل القيادي السابق بالحركة محمد دحلان ومساندتهم له، جاء إطلاق النار على مكتب الهباش لحث الأجهزة الأمنية على العمل بشأن من أطلق النار على تلك السيارات التي كانت مركونة على جانب الطرق في رام الله.
وحملت الرسالة الموجه للأمن الفلسطيني عبارة "إننا قادرون" على إطلاق النار، وإذا ما كان هناك من استطاع إطلاق النار على سيارتي أبو شمالة وأبو زايدة وهي مركونة على قارعة الطريق، فإن لدينا من يطلق النار على الوزير الأقرب للرئيس عباس وهو في مكتبه.
وكشف مدير مكتب الهباش أن "الوزير تعرض لإصابة سطحية في الكتف، نتيجة إطلاق النار على مكتبه مساء الأربعاء من قبل مجهولين 2 على الأقل، في حي الجنان في مدينة البيرة"، مشيرا إلى أن "ما يقارب 28 رصاصة أطلقت باتجاه مكتب الهباش، اخترقت 3 رصاصات شباك المكتب، بحيث أصابت إحداها كتف الوزير بشكل طفيف أثناء وقوفه أمام الشباك، وأحدثت الرصاصتان أضرارا في أثاث المكتب".
وكان مرافقو الوزير ردوا على مصادر النيران، قبل أن تحضر إلى المكان قوة أمنية شرعت بفتح تحقيق في الحادث، فيما لم يتم التوصل حتى الآن إلى الفاعلين.
فيما كانت رسائل الرصاص الذي بات معروفا فلسطينيا بالمجالس الخاصة في رام الله "رصاص غزة" مقتصرة في المرات السابقة على سيارات موالين لدحلان، فإن زخة الرصاص الأخيرة لوحت بإمكانية أن تصل للدم ردا على استهداف أبناء غزة غير المرضي عنهم في الضفة الغربية بحجة أنهم من الداعمين والموالين لغير القيادة الفلسطينية.
ويدور في الكواليس الفلسطينية أن إطلاق النار على مكتب الهباش لم يكن مطلوبا منه قتل الوزير بقدر توجيه رسالة بأننا قادرون على إعادة الفلتان الأمني للضفة الغربية إذا ما تقاعست الأجهزة الأمنية عن الكشف عن المسلحين الذين دوى رصاص سلاحهم في رام الله وفي المربع الأمني لقيادات الأجهزة الأمنية عندما تم إطلاق النار على سيارة أبو شمالة وهي واقفة أمام منزله في منطقة الطيرة، ولم تحرك تلك الأجهزة ساكنا.
وردا على الرسالة التي وجهها المسلحون من خلال إطلاق النار على الهباش بمقدرتهم على إعادة الفلتان الأمني إذا لم تتعامل الأجهزة الأمنية مع أبناء الشعب الفلسطيني بروح العدل والمساوة ودون الوقوف إلى جانب هذا الخصم السياسي أو ذاك أكد مدير عام الشرطة اللواء حازم عطا الله خلال زيارته لمديرية شرطة رام الله الخميس أن "المؤسسة الأمنية لن تسمح على الإطلاق بعودة عقارب الساعة إلى الوراء أو التراجع على الصعيد الأمني"، لافتا إلى "قطع المؤسسة الأمنية شوطا كبيرا في تحقيق الأمن والاستقرار للمواطنين الذين من حقهم أن ينعموا بالأمن والأمان"، لافتا إلى أن "المؤسسة الأمنية واحدة موحدة وتربطها علاقة تكاملية مما يحقق المزيد من الإنجازات على الأصعدة كافة".
وجاء إطلاق النار على مكتب الهباش الذي يعتبر من أكثر الوزراء حماية وأقربهم للرئيس محمود عباس في ظل تعرضه أخيرا لهجوم من أنصار دحلان، بحيث هاجموه بأنه زاد ثراء بعد أن جاء لرام الله حافي القدمين في حين يدور في مجالسهم الخاصة بأن سر قرب الهباش من عباس هو نقله للرئيس الفلسطيني ما كان يقوله دحلان في مجالسه ومهاجمته لأبناء الرئيس.
وكان سفيان أبو زايدة المقرب من دحلان وتعرضت سيارته لإطلاق نار في رام الله مؤخرا كتب مقالا قبل أسابيع انتقد فيه الهباش بسبب خطبة ألقاها أمام عباس في صلاة الجمعة بمسجد التشريفات، ووصفها بأنها ليست خطبة دينية بقدر ما هي خطبة لقائد سياسي أو ناطق إعلامي.
وكتب عضو المجلس الثوري لحركة فتح سفيان أبو زايدة في مقاله قائلا: إن تخصص خطبة جمعه كاملة تدافع فيها عن الرئيس، هذا ليس من حقك فقط و لكن من واجبك أيضا، لما لا والسيد الرئيس فرط برئيس وزراء من أجل أن تبقى أنت وزير وكاد أن يفرط برئيس وزراء آخر لولا أن الأخير تراجع عن موقفه، لما لا وأنت بالنسبة للرئيس أهم من أي عضو لجنة مركزية و أهم من أي عضو لجنة تنفيذية.
وجاء ذلك الانتقاد على خلفية ما يدور خلف الكواليس بأن انقلاب الهباش على دحلان وجماعته وهم من جاءوا به إلى السلطة ووضعوه وزيرا في حكومة الدكتور سلام فياض عقب سيطرة حماس على قطاع غزة، وتنكره لذلك المعروف وتقرب من عباس بنقل بعض الأحاديث المسجلة لدحلان ضده الرئيس وأبنائه مما قاد في نهاية الأمر لفصل دحلان من فتح، إضافة لإقدامه قبل أسابيع على بأخذ سيارة دحلان المصفحة لتنقلاته هي من فاقم الصراع ما بين أبناء غزة على أرض رام الله.
ويدور خلف الكواليس بأن الهباش الذي أخذ السيارة المصفحة التي كان يستخدمها دحلان خلال تواجده في الضفة الغربية، وهي ما تعرف الآن باسم "سيارة دحلان" بأنها هي القشة التي قسمت ظهر البعير في الصراع المحتدم ما بين أبناء غزة الموالين لعباس وما بين الموالين لدحلان وأن سماء رام الله بانتظار أن يدوي فيها صوت الرصاص ما بين سلاح المؤيدين والمعارضين إذا لم تضرب الأجهزة الأمنية بيد من حديد دون النظر لهذا الخصم السياسي أو ذاك.