الحكم بالسجن على مراهق سوري في ألمانيا

قضت محكمة بايرويت في ولاية بافاريا الجنوبية بسجن لاجئ سوري (19 سنة) لمدة سنة ونصف السنة، بعد أن أدانته بتهمة التحضير لعملية إرهابية في ألمانيا. ورفض القاضي طلب الدفاع تنفيذَ العقوبة مع وقف التنفيذ بالنظر إلى خطورة المتهم، وقالت متحدثة باسم المحكمة إنه "كان وسيبقى من الخطرين". وكانت النيابة العامة طالبت بسجن المتهم لمدة سنتين ونصف السنة، فيما طالب الدفاع بـ"حكم شبابي" لا يزيد على أربعة أسابيع مع وقف التنفيذ. ومنح القاضي الفرصة النيابة العامة والدفاع للطعن في القرار أمام محكمة الولاية في ميونيخ. وذكرت متحدثة باسم محكمة بايرويت أن الحكم المخفف على السوري يعود إلى عمره الصغير وقت تنفيذ العملية، وخضوعه إلى قانون الجزاء الخاص بالشباب.

وكان من الممكن أن يرتفع الحكم إلى عشر سنوات لو أن الشاب اعترف بالانتماء إلى منظمة إرهابية، إلا أنه نفى هذه التهمة بإصرار طوال جلسات المحكمة، التي بدأت يوم 5 فبراير/شباط الحالي. وصل اللاجئ السوري إلى ألمانيا سنة 2015، وتم اعتقاله في الصيف الماضي. وقالت المتحدثة باسم المحكمة إن المتهم ذو وجهين؛ وجهه البريء كطالب لجوء سياسي، ووجه الداكن كمتعاطف مع الإرهابيين.

وجاء في صحيفة الدعوى التي تقدمت بها النيابة العامة في ميونيخ: "عقد المتهم العزم في منتصف يونيو/حزيران الماضي، على أقصى التقدير، على شن هجوم إرهابي في ألمانيا أو سورية لقتل أكبر عدد ممكن من الأفراد".وعثرت في منزل المتهم بمدينة بيغنيتس الألمانية على مواد دعائية لـ"داعش" وفيديوهات لإعدامات وحشية وإرشادات لتصنيع قنبلة. وكانت الشرطة تخضع السوري للمراقبة للاشتباه في تورطه في جرائم أخرى، وعثرت الشرطة على هذه الأدلة بالصدفة.

وثبت للقاضي أن المتهم وزَّع أفلاماً دعائية وشعارات "داعش" إلى آخرين على هاتفه الجوال، كما اعترف بالسفر خارج ألمانيا لا شرعيّاً خلال فترة إقامته كطالب لجوء في ألمانيا. واعترف المتهم أمام المحكمة بالتهم المنسوبة إليه، إلا أنه نفى تخطيطه لشنِّ هجوم إرهابي أو انتمائه إلى تنظيم إرهابي. واعترف أيضاً بأنه "حمّل" أفلاماً جنسية مع أطفال على هاتفه الجوال ووزَّعها على آخرين. وكان رجال التحقيق عثروا على هذه الأفلام بعد تحليل محتويات هاتفه الجوال.

واعترف المتهم أيضاً بأنه "حمّل" على هاتفه الجوال فيلماً لمنفذ عملية انزباخ الإرهابية في صيف 2016. والعملية المذكورة نفذها السوري محمد دليل (27 سنة)، الذي فجَّر نفسه قرب كونسرت للموسيقى في مدينة انزباخ في ولاية بافاريا، وتسبب بجرح 15 شخصاً. ويظهر الفيلم محمد دليل مقنعاً حتى عينيه بمنديل، يعلن فيه انتماءه إلى "داعش" ويقول إنه ينفذ العملية "باسم الله" ويقسم الولاء فيه لأبو بكر البغدادي. ويذكر الشخص الملثم بالذات العملية الانتحارية في انزباخ ببافاريا، ويقول إنها انتقام من الألمان لمسؤوليتهم عن قتل المسلمين. ويهدد دليل في الفيلم الألماني بالقول: "لن تعيشوا بسلام ما دمتم تحاربون "داعش".

وخرج المتهم عن صمته في الجلسة الأولى من جلسات المحكمة، وقال: "لستُ إرهابياً". واعترف بأنه حمّل أشياء "خطيرة" على هاتفه الجوال، وبرر الفيلم عن محمد دليل، بأنه شاهد الفيلم فقط ولم يعرف أن الجوال سيخزنه، مؤكداً أنه يتلقى آلاف الرسائل الإلكترونية يومياً على البريد الإلكتروني. وصبَّت شهادة موظف في دائرة الشباب في صالح المتهم، وفي صالح نظرية تشوُّشه الذهني. إذ قال الموظف أمام المحكمة إن الشاب ماكان قادراً على تنظيم حياته دون مساعدة الغير، وإنه لم يكن يعرف كيف يتصرف بالنقود. وأضاف الموظف أن المتهم نأى بنفسه عن الميول المتطرفة في الفترة الأخيرة.

إلى ذلك، وعلى صعيد الإرهاب أيضاً، عبرت دائرة الجنايات الاتحادية عن قلقها من وجود 150 "خطراً" في السجون الألمانية. وتصنف السلطات الألمانية المتشددين المستعدين لتنفيذ الأعمال الإرهابية أو المشاركة فيها في خانة "الخطرين"، وتقدر وجود نحو900 منهم في ألمانيا. وأضافت الدائرة، في ردها على صحيفة "دي فيلت"، وجود الكثير من "الخطرين نسبياً" في السجون أيضاً، وعبَّرت الدائرة عن قلقها من تأثير هؤلاء على السجناء العاديين من المسلمين.

وأشارت شرطة الجنايات الاتحادية إلى نحو 1000 قضية وتحقيق في قضايا الإرهاب انشغلت فيها المحاكم الألمانية سنة 2017. وذكرت إيفا كونين، وزيرة العدل في ولاية هيسن، أن ما كان يُعتَبَر "موجة" التحاقات من قبل الخطرين من ألمانيا إلى سورية والعراق قبل سنتين، تحول جزئياً إلى "موجة داخل السجون".