وزارة السياحة والآثار المصرية

داخل عدد من المناطق الأثرية المصرية، ارتفع رنين هواتف ثلاثة من الأثريين، جرى إبلاغهم بوقوع الاختيار عليهم للفوز بجائزتي أفضل أثري ومُرمم خلال عام 2020 من مركز زاهي حواس للمصريات، التي تُقدم في يناير من كُل عام، بدت السعادة على وجوههم بينما يستعيدون مغامراتهم خلال التنقيب عن كنوز القدماء.

وبحسب وزارة السياحة والآثار المصرية فقد حصل على جائزة أفضل أثري كلا من صلاح الماسخ، مدير معبد الكرنك عن أعمال حفائر الكباش بالفناء الأول، ومحمد وهب الله، مفتش الآثار بتونا الجبل، فيما ذهبت جائزة أفضل مرمم لسعدي زكي، مدير ترميم منطقة الكرنك.

وظهرت جائزة مركز زاهي حواس للمصريات للمرة الأولى في عام 2018، وصارت تقليدا سنويا لتكريم أفضل النماذج من رجال الآثار خلال احتفالية كبرى في حضور وزير السياحة والآثار خالد العناني، والأمين العام للمجلس الأعلى للآثار مصطفى وزيري، لكن جائحة كورونا حالت دون إقامته هذا العام.

يوم لا يُنسى

ويتحدث صلاح الماسخ عن فوزه بجائزة أفضل أثري قائلا: "يوم لن أنساه أبدا، لم أصدق حينما تلقيت الخبر نظرا للمنافسة الكبيرة على الجائزة وانتشار المشروعات الأثرية العملاقة في أنحاء مصر، اعتبرها تكريم جديد لما تحقق في ترميم كباش الكرنك".

كان مدير معبد الكرنك قد تقدم إلى المسابقة 3 مرات دون أن يحالفه الحظ إذ يعمل في المجال الأثري منذ 21 عاما، شارك خلالها في اكتشاف العديد من الحفائر الهامة مثل مقبرة سنوسرت الثالث في منطقة أبيدوس والحمامات الرومانية بالكرنك.

وعن مشروع كباش الكرنك الفائز بالجائزة يقول الماسخ "الصدفة قادتنا إلى ترميم كباش الصرح الأول في الكرنك عند الاستعانة بـ 4 تماثيل لنقلهم إلى ميدان التحرير، كان علينا إنقاذ باقي التماثيل وإعادتهم لصورتهم الأولى بأيادي 6 أثريين و26 مُرمم".

العمل لسنوات طويلة وسط الأثار  منح الماسخ لحظات فريدة وكثير من المفاجأت كما يؤكد لموقع "سكاي نيوز عربية" مُشيرا إلى الواقعة التي تمت في عام 2007 أمام معابد الكرنك بينما ينخرط رفقة مجموعة من زملائه في حفائر تعود إلى عصر بطليموس الثاني،

ويتابع الرجل الأربعيني : "عثرنا على قطعة جميلة من الفخار متوسطة الحجم، مُغلقة بشكل مُحكم، حاولنا فتحها لنجد بداخلها كميات من العملات البرونزية الضخمة وصل عددها إلى 316 عملة شديدة الجمال من القرن الثالث قبل الميلاد".

عمدة طيبة

اكتشاف جديد يعتبره الماسخ إنجازا لم يكن في الحسبان، حيث كانت أعمال الحفائر تدور على قدم وساق في الحمامات الرومانية بالكرنك، يسير الجميع على كتلة حجرية من الجرانيت على مدار 3 شهور، ولا يعلم أحد أنها تحمل من الناحية الأخرى نقوش بديعة لباب وهمي لمقبرة شخص عظيم اسمه "وسر آمون" الشهير بين الأثريين بعمدة طيبة أو وزير الصعيد".

ويذكر الماسخ: "أرضية المكان كانت ممتلئة بكتل من الحجر الرملي، والوجه المقابل لنا من البوابة خالي من أي نقوش، كنا نمر فوقه قبل أن يقترب منه أحد العاملين ويصرخ لرؤيته جزء من النقوش، قمنا على الفور بالتعامل مع الأثر لتظهر المفاجأة".

وشارك الماسخ في مشروع حماية المعابد بمنطقة القرنة من المياه الجوفية، من بينها معبد سيتي الأول ومدينة هابو الجنوبية وتكللت التجربة بالنجاح عام 2010،  كما ساهم في الكشف عن ميناء رئيسي لمعابد الكرنك والسدود التي أقامها الفراعنة لحماية المنطقة من فيضان النيل.

على مسافة 450 كم من الأقصر، كان محمد وهب الله، مفتش الآثار بتونا الجبل بمحافظة المنيا، يتجول في منطقة الغريفة الأثرية لمتابعة سير العمل عندما عرف بحصوله على لقب أفضل أثري رفقة "الماسخ" التقط الرجل الثلاثيني أنفاسه أولا من فرط السعادة ثم شارك زملائه الاختيار لتبدأ إحتفالية صغيرة من أجله.

 ويوضح وهب الله لموقع "سكاي نيوز عربية" أنه منذ التحاقه بفريق العمل بالغريفة عام 2017 من أجل العثور على جبانة الدولة الحديثة يحاول بذل أقصى جهد في أداء دوره من خلال ترجمة النصوص الهيروغليفية المدونة على التوابيت والقطع الأثرية وتوثيقها بجانب المشاركة في الحفائر وعمل الرسوم المعمارية للمقابر وتصويرها.

المقابر البِكر

ويعتقد عضو البعثة المصرية بالغريفة أن عمله أتاح له الفُرصة لمعايشة تجارب غير تقليدية قائلا عنها: "أهم اللحظات التي عايشتها خلال الحفائر هي اكتشاف المقابر البِكر أي السليمة، احساس رائع  عند النظر للقطع الأثرية لأول مرة، أن تكون أول يد تمتد إليها بعد آلاف السنين ".

ويسترسل وهب الله: "بعد أسبوعين من التواجد في الغريفة، وجدنا مقبرة سليمة بكل محتوياتها لكبير كهنة الإله تحوت بالأشمونين، ثم العديد من المقابر الخاصة بأمين الخزانة الملكية وحامل أختام مصر السفلى وأحد كبار الشخصيات خلال تلك الفترة".

ويستطرد لموقع "سكاي نيوز عربية": "عثرنا على آلاف التماثيل ونحو 100 تابوت حجري ، وتوابيت خشبية منقوشة، وأكثر من 1000 تميمة مختلفة المواد بعضها من الذهب الخالص، و 12 مجموعة أواني من الألباستر والحجر الجيري".

خطر الأفاعي

وعن صعوبات العمل التي يواجهها الأثريين ببسالة يذكر وهب الله: "المخاطر التي تعرضنا لها خلال التنقيب عن الأثار  من قبل الأفاعي وخاصة أفعى (الطريشة) القاتلة حيث تم العثور على 12 نوع منها بالموقع وقمنا بالتعامل معها قبل إيذاء العاملين بالمشروع".

يتعامل الأثريين بصدر رحب مع الظروف المختلفة خلال الانهماك في عملهم، كما ينوه الدكتور سعدي زكي، مسؤول ترميم منطقة الكرنك، الحائز على لقب أفضل مُرمم في 2020، حيث ينصب تركيز الجميع على الانتهاء من المشروعات الأثرية على أكمل وجه.

تحدي كورونا

ويردف زكي لموقع "سكاي نيوز عربية": "هذا العام واجهنا تحدي في استكمال ترميم كباش الكرنك خلال تفشي كورونا، لكن تعاهدنا على استمرار العمل والاجتهاد قدر الإمكان للوصول إلى أفضل نتيجة".

ورغم تحديد دوره من قِبل المجلس الأعلى للآثار في الإشراف على مشروع ترميم كباش الكرنك لكن زكي تمسك بالمشاركة في الأعمال المطلوبة ويقول عن ذلك: "لا أؤمن بالجلوس في المكتب وانتظار النتائج، لدي خبرة كأخصائي ترميم ساهمت بها بجانب زملائي".

ويثمن مدير ترميم منطقة الكرنك الدور الذي يقدمه المسؤولين والدكتور زاهي حواس، لدعم رجال الآثار في مصر  ودفعهم بتلك المبادرات والجوائز إلى الاستمرار في نشاطهم ودفعهم لمزيد من الإنجازات، وفقا لحديثه لموقع "سكاي نيوز عربية".

ويختتم أفضل مُرمم أثري في العام الماضي حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" قائلا: "احتفلنا بالجائزة وفي اليوم التالي عدنا إلى العمل لبدء تجارب أخرى لأن مدينة الأقصر تشهد في كل عام مشروعات جديدة".

قد يهمك ايضا 

"لزوم ما لا يلزم" يضمّ أدوات حرفية وصناعات قديمة و200 قطعة فنية

يضمّان منازل تُشبه القبو إلى جانب أدوات مِن الفخار