الاتحاد التونسي للشغل

أثار عقد الاتحاد التونسي للشغل (نقابة العمل) مجموعة من اللقاءات مع عدد من القيادات الحزبية ورؤساء المنظمات، تساؤلات عن طبيعة التحركات التي سينفذها الاتحاد خلال الفترة المقبلة، إثر مطالبته بـ«خارطة طريق» توضح مستقبل العمل الحكومي في تونس، وكيفية إنهاء «حالة الاستثناء» التي فرضها الرئيس التونسي، إثر تفعيله الفصل 80 من الدستور التونسي. وبرر الاتحاد تلك الاجتماعات ذات الطابع السياسي والأهداف الاجتماعية والاقتصادية التي يسعى إلى تنفيذها بقوله إنها تأتي «في إطار الحوار حول الوضع العام بالبلاد»، نافياً أن يكون الاتحاد يتبنى وجهة نظر الأحزاب الراغبة في العودة بتونس إلى ما كان عليه نظام الحكم قبل 25 يوليو (تموز) الماضي، مؤكداً أنه يستمع إلى كل الآراء، حتى تلك المختلفة عن تقييمه. ويرى مراقبون أنه إثر التدابير الاستثنائية التي أقرها الرئيس التونسي قيس سعيد، وعطل من خلالها عمل البرلمان، وأقال رئيس الحكومة ورفع الحصانة عن أعضاء البرلمان، لم يبق غير طرفين رئيسيين يمكنهما المطالبة بالعودة إلى المسار الطبيعي للحياة السياسية، وهما «الاتحاد التونسي للشغل»، بثقله الاجتماعي وتمثيله النقابي الواسع، و«حركة النهضة» التي تعتبر القوة السياسية المعنية في المقام الأول بما آلت إليه الأوضاع في تونس، ما جعل معظم الأطراف السياسية تحملها المسؤولية عما حدث من تطورات. ولئن تضاربت آراء قيادات حركة النهضة حول التدابير الاستثنائية التي أقرها قيس سعيد، وهو ما انعكس على مجموعة من القرارات والمواقف، من بينها حل المكتب التنفيذي لـحزب «حركة النهضة»، وعدم موافقة قيادة الحزب على الشكوى القضائية التي تقدم بها أحد نواب «النهضة» ضد رئيس الجمهورية، فإن اتحاد الشغل، وتحت ضغط المطالب النقابية، طالب بإزالة الغموض وإنهاء حالة الاستثناء، وتشكيل حكومة بصفة عاجلة يمكن أن يتفاوض معها حول عدد من الملفات والمطالب العالقة.
وفي هذا الشأن، قال سامي الطاهري، المتحدث باسم اتحاد الشغل، إن عدداً مهماً من الأحزاب عدلت من مواقفها باتجاه المطالبة بـ«خارطة طريق» توضح طبيعة وآجال الإجراءات للفترة المقبلة، على غرار ما سبق أن دعا إليه اتحاد الشغل سابقاً.
وأضاف الطاهري أن إدراك العديد من الأحزاب والمنظمات للدور الوطني للاتحاد يجعل منه الجهة التي تحتضن كل وجهات النظر، وهو ما يعني قيادته «بذرة المعارضة» ضد جمع كل السلطات في يد واحدة.
وأوضح الطاهري أن رؤية اتحاد الشغل ترتكز في المقام الأول على تشكيل حكومة إنقاذ وطني مصغرة، وإنهاء الحالة الاستثنائية، والانتقال إلى وضع دائم يحفظ استقرار البلاد، مع العمل على تحديد الخطوات المقبلة التي يجب أن تحسم الجدل حول موضوع تنظيم انتخابات مبكرة. واعتبر أنه يمكن من الناحية العملية تأجيل النظر في إمكانية تنقيح الدستور وتحديد طبيعة نظام الحكم إلى مرحلة لاحقة، لأن التطرق إلى هذه المسائل في الحالات الاستثنائية «قد تكون نتيجته سلبية»، على حد تعبيره. وفي السياق ذاته، قال المحلل السياسي التونسي جمال العرفاوي لـ«الشرق الأوسط» إن تونس قد تجاوزت حالة المفاجأة التي أعقبت قرارات يوم 25 يوليو الماضي، وإن أطرافاً سياسية واجتماعية عدة ساندت ذاك التوجه في حربها المعلنة مع الائتلاف الحاكم، غير أن الضبابية وعدم وضوح الطريق قد تدفع أحزاباً ومنظمات عدة إلى الإعلان عن مواقف قد تتناقض مع توجهات الرئيس، لذلك يبقى الرئيس مطالباً بالوضوح العاجل وبالفاعلية في محاربة الفساد والاحتكار والرفع من مستوى معيشة التونسيين، ليبتعد عن شبح تشكل معارضة تجمع كل المتضررين من التدابير الاستثنائية المعلنة. على صعيد آخر، تساءلت أطراف سياسية وحقوقية عن أسباب التأخير في إعلان تشكيلة الحكومة الجديدة التي سيعين الرئيس سعيد أعضاءها، بعد مرور أكثر من شهر على إقالة حكومة هشام المشيشي. وفي هذا الشأن، أوردت المعطيات القادمة من قصر قرطاج والمحيطين برئيس الجمهورية أنه لن يستعجل في الإعلان عن خطواته المقبلة إلا عندما يستكمل الاستعدادات ويضمن انطلاقة صحيحة لـ« مشروعه الإصلاحي». ولفتت المصادر إلى التعارض بين مضمون البلاغ الذي يفيد بأن الرئاسة حددت خياراتها، خصوصاً المرشح الأقرب ليكون وزيراً أول يشرف على عمل «حكومة الرئيس»، باعتبار أن السلطة التنفيذية ستتوحد ليكون لها رأس» وحيد هو رئيس الدولة، وما سرب من معطيات حول تشكيلة الحكومة التي من المرجح أن يتولى قيادتها توفيق شرف الدين، وزير الداخلية التونسي الأسبق. ومن شأن هذا الاختيار أن يكون محملاً بمجموعة من الرسائل التي سيوجهها الرئيس التونسي إلى الداخل والخارج، سواء بالكشف عن هوية مَن سيتقلد منصب الوزير الأول أو بمضمون «الدستور الصغير» (التنظيم المؤقت للسلطات).

قد يهمك ايضا 

مستجدات الحوار الوطني خلال لقاء الرئيس قيس سعيد وأمين الاتحاد التونسي للشغل

الاتحاد التونسي للشغل يؤكد أن "النهضة" تسعى لإفشال مبادرة الحوار