مئويتان

مئويتان

مئويتان

 تونس اليوم -

مئويتان

سمير عطا الله
سمير عطا الله

لدى روسيا ما يدعو إلى الاحتفال: ربما إلى أبد الأدب والرواية. في مثل هذا الوقت قبل مائتي عام، ولد لها فيودور دوستويفسكي، الذي صنفه معظم النقاد، أعظم الروائيين الروس. البعض قال بل هو مواطنه تولستوي. ما من أحد تقدم باسم ثالث. وبعد دوستويفسكي وتولستوي توجت صناعة الرواية للروس، بارتضاء الأدباء من جميع الأمم. والرواية الأهم في دوستويفسكي لم تكن «الجريمة والعقاب»، أو «الإخوة كارامازوف» بقدر ما كانت سيرته البائسة والمعذبة: يحكم بالإعدام وتستعد الفرقة لإطلاق الرصاص وهو معصوب العينين، وفي اللحظة الأخيرة يصل أمر القيصر بالعفو عنه. ويستبدل بالإعدام السجن ست سنوات في سيبيريا، ذلك المنفى البارد الرهيب، الذي حوله القياصرة، وبعدهم الشيوعيون، إلى أقسى عقاب للمعارضين. أما الأقصى فكان الموت الذي أنزل بالملايين.
خرج دوستويفسكي من السجن لكي يكتب الرواية الإنسانية الكبرى. وأتقن، أيما إتقان، فيما داء الصرع يرميه ويمزقه، رحلة البحث في أعماق النفس البشرية وكرامة الإنسان المهان. وبعد وفاة زوجته الأولى التي هام بها، تزوج من فتاة هامت هي به، وأصبحت الزوجة والخادمة والكاتبة التي يملي عليها أعماله. لكن برغم نجاحه الأدبي وذيوع شهرته، افترسته الديون بسبب غرقه في إدمان القمار. وعندما كان في ألمانيا وصل الأمر به إلى أن اضطرت زوجته إلى بيع معطفها كي يسدد ديونه إلى كازينو «بادن بادن».
لا يزال الروائيون حول العالم يتأثرون بأعماله وآدابه. وتأثر هو أيضاً بكبار الأدباء مثل فيكتور هوغو، وأونوريه دو بلزاك، وشكسبير، وإدغار آلن بو. وأحب كثيراً أعمال تولستوي، وكتب إليه وحاول الالتقاء به، غير أن اللقاء لم يتم.
كان دوستويفسكي ضد الإقطاع والعبودية، لكنه كان أيضاً ضد النظام الجمهوري ووضْع نظام دستوري للبلاد، داعياً إلى وحدة كلية بين الشعب والقيصر. ورأى أن الحل الأمثل خليط من الاشتراكية والمسيحية.
كتب دوستويفسكي في كل شيء: المطالعة الفلسفية، الشعر، القصة القصيرة، المنشور السياسي، التحليل النفسي، والسخرية والرواية. تميز عن سواه بطاقة إبداعية في الجمع بين أبطال عدة في عمل واحد، كما في تحفته «الإخوة كارامازوف». وهي حكاية الصراع بين الخير والشر في عائلة واحدة.
ترجم الدكتور سامي الدروبي (سوريا) جميع أعمال دوستويفسكي إلى العربية، ولا تزال طبعاتها تتتالى إلى الآن.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مئويتان مئويتان



GMT 16:23 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

ايران والعجز عن ابتلاع العراق

GMT 16:19 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

مجرد تشابه

GMT 18:04 2021 الإثنين ,29 آذار/ مارس

أخبار من اميركا وعمليات إطلاق النار فيها

GMT 15:25 2021 الإثنين ,29 آذار/ مارس

الكتاب جيّد... لكنْ امنعوه!

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 16:09 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 17:58 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 14:23 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الدلو الخميس 29-10-2020

GMT 07:56 2014 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

انتخاب أبو زيد رئيسة لـ"الاشتراكي" في "النواب"

GMT 11:46 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

بعض مناطق النجم العملاق المشتعل أكثر سخونة من مناطق أخرى
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia