جُناة أم ضحايا

جُناة أم ضحايا؟

جُناة أم ضحايا؟

 تونس اليوم -

جُناة أم ضحايا

بقلم ـ د. وحيد عبدالمجيد

 معظم من يخطئون لا يعون حقيقة أنفسهم، وكثير منهم لا يقرون بأخطائهم, ولا يدركون أن الاعتراف بالخطأ فضيلة. يبحث الإنسان عادةً عن مبرر عندما يخطئ, أو يقدُم على فعل غير مشروع، أو غير أخلاقى. وتميل الطبيعة البشرية فى الأغلب الأعم إلى إخفاء ما يُعد مُشيناً أو مُخجلاً. ولذلك يبدو عمر عيَّاش بطل رواية أحمد مجدى همام الصادرة فى العام الماضى استثناء من هذه القاعدة. تأخرت فى قراءة هذه الرواية, التى ترسم صورة شخص منافق وأنانى يعمل كاتباً، ولكنه لا يعرف عن الكتابة إلا أنها وسيلة للصعود الذى لا يملك إمكاناته المهنية، فيسعى إليه عن طريق وضع نفسه فى خدمة من يمكن أن يساعده.

وعندما يتحول فى هذا الاتجاه, يلجأ إلى أساليب متدنية. ويُبدع المؤلف فى رسم ملامح هذا التحول فى شخصية بطل روايته الذى يبدأ بقبول الغوص فيما يشبه مستنقع قاذورات، وينتهى بأن يصبح هو، وهذا المستنقع، سواء بسواء.

بدأ «عيَّاش» بتحويل الكتابة من مهنة إلى سلعة يبيعها لمن يُحقَِّق له نفعاً أو مصلحة، ولكنه يتحول هو شخصياً إلى سلعة رخيصة تُباع وتُشترى. لا يخفى «عيَّاش» ما يفعله رغم كل تدنيه، بل يُظهره ويبوح به، بخلاف المعتاد فى مثل هذا النوع من البشر الذين لا يعرف المرء هل يدينهم، أم يُشفق عليهم. ولكن الأهم من إصدار أحكام بحقهم بحث العوامل المؤثرة فيهم، ودراسة الدوافع التى تدفعهم إلى التدنى، وخصوصاً فى حالة من يبدو أنهم مضوا فى هذه الطريق نتيجة سوء أوضاعهم، وسعيهم إلى البقاء والاستمرار فى الحياة.

وربما تكون هذه هى دلالة اختيار المؤلف اسم «عيَّاش» لبطل روايته، الذى قد يعنى فى هذا السياق الإصرار على العيش بأى وسيلة (كلمة «عيَّاش» لُغوياً صيغة مبالغة من عائش أى الكثير العيش، ويجوز استخدامها للدلالة على التشبث بالحياة).

وتزداد أهمية السؤال فى حالة شخص مثل عيَّاش الذى يبدو فى نهاية الرواية نادماً على آثام ذهب بعض زملائه ضحايا لها، بعد أن انكشف أمره، فرخص ثمنه، بل لم يعد له سعر، وتخلى عنه من عمل فى خدمتهم دون أن تأخذهم به شفقة، فينتهى به الحال كائناً مُخَرباً حتى النخاع.

المصدر : جريدة الأهرام

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جُناة أم ضحايا جُناة أم ضحايا



GMT 08:45 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

موقعة إنجليزية فى مدريد

GMT 07:24 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

أطفال تُعساء زى الفل!

GMT 08:29 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

أبعاد أزمة هواوى

GMT 07:38 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

فضيلة تفهم الدوافع

GMT 07:57 2019 الخميس ,23 أيار / مايو

ظاهرة «الفاجومى» علميا

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 16:09 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 17:58 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 14:23 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الدلو الخميس 29-10-2020

GMT 07:56 2014 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

انتخاب أبو زيد رئيسة لـ"الاشتراكي" في "النواب"

GMT 11:46 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

بعض مناطق النجم العملاق المشتعل أكثر سخونة من مناطق أخرى

GMT 01:18 2018 الثلاثاء ,24 إبريل / نيسان

رفع "المصحف" في نبروه يُطيح بوكيلة مدرسة من منصبها

GMT 10:01 2021 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

"فيسبوك" توسع نطاق مكافحة المعلومات المضللة

GMT 01:20 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

"خريف البلد الكبير"رواية جديدة للإعلامي محمود الورواري
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia