«حزب الله» والزمن الصعب

«حزب الله» والزمن الصعب

«حزب الله» والزمن الصعب

 تونس اليوم -

«حزب الله» والزمن الصعب

غسان شربل

«حزب الله» ليس ضعيفاً. ترسانته الحالية تفوق تلك التي كانت في حوزته إبان «حرب تموز» في 2006. طوَّر بعد تلك الحرب قدراته ودخل في ما يشبه سباق تسلح مع إسرائيل على رغم الفوارق في طبيعة الطرفين. هذا يجعله أقوى مما كان عليه في تلك الحرب. لكن باستطاعة أي مراقب أن يقول إن الحزب الآن قوي يعيش في زمن صعب. في البيان الذي أصدره أمس، اعترف الحزب أن الغارة الإسرائيلية الأخيرة استهدفت أحد مواقعه عند الحدود اللبنانية- السورية. وقال: «إن هذا العدوان الجديد هو اعتداء صارخ على لبنان وسيادته وأرضه وليس على المقاومة فقط». وأضاف: «لن يبقى بلا رد من المقاومة، وإن المقاومة ستختار الزمان والمكان المناسبين وكذلك الوسيلة المناسبة للرد عليه». انتهت «حرب تموز» بمعادلة هي الآتية: تمتنع إسرائيل عن استهداف الأراضي اللبنانية في مقابل امتناع «حزب الله» عن تحريك جبهة جنوب لبنان التي وضعت عملياً تحت رقابة دولية. ويمكن القول إن هذه المعادلة احتُرمت وكأنها حدود بين دولتين، وإن شهدت أحياناً اختراقات صغيرة حملت رسائل صغيرة بلا تواقيع واضحة. وسمى الحزب ذلك القدرة على الردع. يمكن القول إن أسباب الغارة الإسرائيلية الأخيرة سورية أكثر منها لبنانية. أعلنت إسرائيل أكثر من مرة ما سمته الخطوط الحمر في ما يتعلق بالوضع السوري، وأولها التصدي لأي محاولة لنقل أسلحة نوعية إلى «حزب الله» يمكن أن تخل بالتوازن القائم. وتحت هذا العنوان، استهدفت أكثر من مرة داخل الأراضي السورية ما قالت إنه أسلحة كانت تعد لنقلها إلى لبنان. ولم يرد الجيش السوري على هذه الهجمات ذلك أنه يقيم في زمن شديد الصعوبة تاركاً موعد الرد مؤجلاً في انتظار «الزمان والمكان المناسبين». من الصعب على «حزب الله» اعتماد سياسة إرجاء الرد بانتظار «الزمان والمكان المناسبين» إذا تكررت الهجمات، لأن ذلك سيعني خسارة مكسب القدرة على الردع الذي جناه من «حرب تموز». لهذا يغلب الاعتقاد أن الحزب سيرد لاحقاً ولكن ربما عبر رسالة صغيرة لا تحمل توقيعاً. لا يفتقر «حزب الله» إلى القدرة العسكرية على الرد. تستطيع صواريخه الوصول إلى العمق الإسرائيلي. لكن ثمة أسئلة تطرح في هذا السياق، وأولها ماذا لو اختارت إسرائيل الرد على هذا الرد وتدحرجت الأوضاع باتجاه حرب جديدة؟ وماذا لو قررت إسرائيل خوض هذه الحرب الآن والتي يمكن أن تؤدي إلى نسف المفاوضات الأميركية- الإيرانية سواء اقتصرت على الملف النووي أم تخطته؟ وما هي آثار حرب من هذا النوع على الأوضاع الميدانية في سورية، خصوصاً بعدما قال السيد حسن نصرالله إن حزبه تدخل لمنع سقوط دمشق في أيدي المعارضة المسلحة؟ يملك الحزب القدرة العسكرية على الرد لكن عليه الالتفات إلى الزمن الصعب الذي يتحرك فيه. عمقه اللبناني اليوم مختلف جذرياً عما كان عليه في 2006. ممثلو نصف اللبنانيين على الأقل يعارضون إدراج ثلاثية «الشعب والجيش والمقاومة» في البيان الوزاري. عمقه السوري يختلف جذرياً عما كان عليه في «حرب تموز». وفي العمقين يصطدم الحزب بكتلتين سنيتين، اللبنانية منهما موازية لعدد أبناء طائفته، والسورية تفوق بمرات عدد سكان لبنان. ثم إن بيئة الحزب نفسها تدفع حالياً ثمناً أمنياً واقتصادياً نتيجة انخراط الحزب في سورية فهل يستطيع تحميلها وتحميل اللبنانيين الآخرين أعباء مواجهة جديدة مع إسرائيل؟ يضاف إلى ذلك أن وضع الحزب العربي والدولي أصعب اليوم بكثير مما كان عليه في 2006. ثمة من يعتقد أن العدوان الإسرائيلي الجديد سيتيح للحزب التشدد في المطالبة بـ «حق المقاومة» في البيان الوزاري، وأنه سيتيح له التأكيد أن حربه على التكفيريين لم تبدل موقعه وأولوياته. لكن المسألة أبعد من ذلك. الحرب في سورية مرشحة للتفاقم بعد الصفعة التي تلقاها فلاديمير بوتين في أوكرانيا. وهناك من لا يستبعد أن نشهد ثلاث سنوات أخرى من القتال في سورية وعليها. الزمن الصعب مقيم، وصعوبته تزداد. لا شك في أن «حزب الله» يحتاج إلى مراجعة عميقة لوضعه وخياراته وعلاقته بالعباءة اللبنانية. لا نملك معلومات دقيقة عما إذا كان الحزب يشعر بضرورة هذه المراجعة أو إذا كان قادراً على إجرائها.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حزب الله» والزمن الصعب «حزب الله» والزمن الصعب



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 14:43 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 12:31 2013 الأربعاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

"موبينيل" تدرس اقتراض 2.5 مليار جنيه من البنوك

GMT 16:24 2021 الأربعاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

درة تخطف الأنظار بإطلالة مميزة وعصرية

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 08:26 2021 الثلاثاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الغنوشي يدعو الرئيس التونسي للالتزام بالدستور الذي أقسم عليه

GMT 16:27 2013 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

شوبارد Chopard عود ملكي من أكثر المكوّنات العطريّة النفاسة

GMT 19:19 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أهم وأبرز اهتمامات الصحف اللبنانية الصادرة الأحد
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia