عقارب ساعة المرشد

عقارب ساعة المرشد

عقارب ساعة المرشد

 تونس اليوم -

عقارب ساعة المرشد

غسان شربل

نظر المرشد ومستشاروه الى البيت الابيض. رأوا فيه رئيساً لا يشبه ابداً جورج بوش. رأوا رئيساً لا يريد اطاحة النظام الايراني ولا يريد إقحام اميركا في حرب جديدة. هذا يعني ان باراك اوباما قد يشكل فرصة. التعامل معه افضل من انتظار خلفه. ثم إن الأزمة السورية وفّرت لروسيا فرصة العودة بقوة الى المسرح الاقليمي. نظر المرشد ومستشاروه الى الوضع الاقتصادي. العقوبات موجعة فعلاً. المداخيل تراجعت. والعملة تهاوت. وأرقام التضخم والبطالة تنذر بما هو أسوأ. الانتظار سنوات اضافية يحمل مخاطر عدة، بينها التفاوض لاحقاً من موقع اضعف. وبينها ايضاً إمكان انفجار غضب الشارع وعلى نحو يفوق «الحركة الخضراء» التي نجح النظام في وأدها. نظر المرشد ومستشاروه الى الاقليم. رأوا ايران منخرطة في حرب مذهبية اقليمية مكلفة على ارض سورية. تكاليف إبقاء النظام حياً هناك تقاس ببلايين الدولارات سنوياً. وهناك الالتزامات «السوفياتية» الباهظة من جبال الحوثيين الى غزة مروراً بلبنان. استمرار النزف الاقتصادي يهدد عملياً القدرة على الوفاء بالالتزامات وقد يُضعف الأوراق. نظر المرشد ومستشاروه الى المنطقة فتأكدوا من امتلاك اوراق مهمة. لا يمكن تشكيل حكومة جديدة في العراق من دون موافقة طهران. لا يمكن تشكيل حكومة جديدة في لبنان من دون موافقتها. ورثت ايران دور النظام السوري في العراق. ورثت ايضاً دوره السابق في لبنان. ثمة من يتحدث عن وراثة على الارض السورية نفسها. حان الوقت للحصول على الاعتراف الدولي بنتائج الهجوم الايراني الواسع على جبهتي الحلم النووي والدور الاقليمي. لا يمكن إسناد هذا الدور الى من يشبه احمدي نجاد. وقع «الخيار» على حسن روحاني، وهكذا كان. الديموقراطية الايرانية تعمل بفعالية تحت عباءة المرشد. في السباقات الطويلة لا بد من تبديل الأحصنة ولغة التخاطب. كشف الهجوم الديبلوماسي الذي شنّه روحاني من نيويورك تلهف اوباما للتفاهم مع ايران. المفاوضات الماراتونية التي شهدتها جنيف من ثمار ما جرى في نيويورك. لم يعد الجلوس مع الاميركيين خيانة وتفريطاً. بدا شعار «الموت لأميركا» لافتة عتيقة تمكن احالتها الى التقاعد اذا حصلت ايران على ما تريد او على قسم اساسي مما تريد. يعتقد بعض من رافق الملف الاميركي - الايراني ان طهران يمكن ان ترجئ صناعة القنبلة وأن تكتفي بامتلاك القدرة على انتاجها او الاقتراب من حافة هذه القدرة. في المقابل، يعتقد هؤلاء ان ايران ليست جاهزة لتقديم تنازلات اساسية في الهجوم الذي شنّته للتحول دولة كبرى في الاقليم. هنا تُطرح اسئلة صعبة: هل يمكن فصل مصير معركة الحلم النووي عن مصير الرغبة الدفينة في الحصول على موقع الشريك الاكبر لـ «الشيطان الاكبر»؟ وبصورة اوضح، هل تستطيع اميركا إبرام صفقة كبرى مع ايران من دون ان يكون ملف امن اسرائيل حاضراً على الاقل تحت الطاولة اذا تعذر حضوره مباشرة عليها؟ هل ايران جاهزة لمثل هذه الصفقة بعد عقود من اعلان قادتها ان اسرائيل «ورم سرطاني» يجب استئصاله؟ هل ايران جاهزة لهدنة طويلة في هذا الموضوع؟ وماذا عن قاموس المقاومة والممانعة الذي اتكأت عليه لتوسيع حضورها العسكري والسياسي والأمني في الاقليم؟ وماذا عن «حزب الله» في لبنان وعن المجموعات الفلسطينية التي تدور في فلك طهران والتي تحمي المساعدات الايرانية شرايينها من اليباس؟ هل تستطيع ايران إبرام صفقة فعلية مع الغرب من دون ان تتغير؟ أوليس الاشتباك مع الغرب وإسرائيل من شروط تماسك الدور الايراني في المنطقة؟ هل يمكن هذه الصفقة ان تولد وتعيش ما لم يقتنع المرشد نفسه بأن على الثورة ان تتقاعد مع قاموسها وأحلامها وأوهامها لتفسح المجال لقيام دولة طبيعية تحترم الحدود الدولية والقوانين الدولية وهواجس جيرانها؟ اغلب الظن أننا في بدايات مسار طويل ومعقد. اننا نتحدث عن منطقة تنام على ثروات كبرى. وتنام ايضاً على بحر من التوازنات الحساسة والهواجس والذاكرة المثقلة بالنزاعات والثارات. من المبكر الاعتقاد بأن الطرفين جاهزان لدفع أثمان الصفقة الكبرى. ومن المبكر وضع لائحة بثمار الهجوم الايراني الذي يهز المنطقة منذ ثلاثة عقود. ايران تعيش على عقارب ساعة المرشد. والمرشد حارس القاموس والوحيد القادر على تطويع مفرداته. وواشنطن تزعم انها «ليست عمياء ولا غبية»، كما قال كيري. نقلاً عن "الحياة"

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عقارب ساعة المرشد عقارب ساعة المرشد



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 14:43 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 12:31 2013 الأربعاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

"موبينيل" تدرس اقتراض 2.5 مليار جنيه من البنوك

GMT 16:24 2021 الأربعاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

درة تخطف الأنظار بإطلالة مميزة وعصرية

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 08:26 2021 الثلاثاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الغنوشي يدعو الرئيس التونسي للالتزام بالدستور الذي أقسم عليه

GMT 16:27 2013 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

شوبارد Chopard عود ملكي من أكثر المكوّنات العطريّة النفاسة

GMT 19:19 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أهم وأبرز اهتمامات الصحف اللبنانية الصادرة الأحد
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia