ليسوا كلهم ملحدين

ليسوا كلهم ملحدين

ليسوا كلهم ملحدين

 تونس اليوم -

ليسوا كلهم ملحدين

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

فى حوار مع داعية وعالم مستنير، لم أستأذنه فى النشر، بدا مقتنعاً بفكرة أن المفكرين والعلماء الذين يُطلق عليهم تنويريون لابد أن يكونوا مؤمنين بأن المعرفة لا يمكن إلا أن تكون حسية، أى أننا نصل إليها عن طريق حواسنا فقط. لم يتسع الوقت لنقاش مستفيض فى موضوع عميق بطابعه. ولأن هذا الاعتقاد شائع، لابد من توضيح خطأ التعميم فى هذا المجال، كما فى أى مجال. خذ مثلاً المفكر الألمانى عمانويل كانط (1724-1804)، الذى لا يُعد واحداً فقط ممن يُساء فهمهم، بل يُعتبر عُمدة مفكرى عصر التنوير.
  فقد اختار أن يكون كتابه الأول، فى ثلاثيته التى كانت نقلة كبرى فى الفكر الإنسانى، عن العقل المجرد، أى العقل الذى نكتسب المعرفة عن طريقه، وليس عبر حواسنا فقط. فالحواس، عند كانط، لا تؤدى إلى معرفة صحيحة فى كل الأحوال، ولا تستطيع الإلمام بكل جوانب العالم الذى لا نهاية له، أو إدراك ما يقع خارجه. العالم، إذن، بهذا المعنى, يتجاوز قدرات حواسنا، ولا يمكن إدراكه دون استخدام العقل الذى ينبغى تحريره من أى قيود تُكبله.

واستخدم كانط تعبيراً بالغ الدلالة فى هذا السياق، وهو أننا نحتاج إلى عيننا الباطنة، أى إلى ما نراه بعقولنا، أكثر فى بعض الأحيان من العين التى نرى بها الأشياء. وعندما أعطى معظم مفكرى التنوير أولوية متقدمة لتحرير العقل، وإطلاقه ليفكر ويُبدع ويبتكر ويُجدد، كانوا مؤمنين بدوره الجوهرى فى الحصول على المعرفة. وهذا هو الأصل التاريخى لمبدأ حرية التفكير والاعتقاد، الذى لم يهدف إلى الحد من سلطان الكنيسة فى أوروبا وتحكم رجالها فى تفكير الناس فقط، بل إلى فتح الباب الذى كان مغلقاً أمام العقل لاكتساب المعرفة التى يتعذر الحصول عليها بواسطة الحواس.

ولا يخفى أن كل ما وراء الطبيعة، أو الميتافيزيقا، يتجاوز قدرات الحواس، بما فى ذلك الأديان بطبيعة الحال. ولأن ثلاثية كانط مترابطة، لا يكتمل فهم مقصده إلا عبر الإطلاع على الكتاب الثانى فيها نقد العقل العملى، الذى يخلص فيه إلى عدم إمكان تحديد الموقف تجاه الدين على أساس العلم.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليسوا كلهم ملحدين ليسوا كلهم ملحدين



GMT 12:13 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

ماذا سيفعل العراقيون بعد اقتحام السفارة؟

GMT 12:10 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

أردوغان يعاني في بلاده

GMT 11:56 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

دبلوماسيّون: حراك مكثف على ساحة متأرجحة!

GMT 11:38 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الباجي وخطيئتا بورقيبة وبن علي

GMT 11:29 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

الإمارات ملتقى الأمم

GMT 17:58 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 20:47 2020 الجمعة ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الأضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 15:59 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

تواجهك عراقيل لكن الحظ حليفك وتتخطاها بالصبر

GMT 10:05 2019 الإثنين ,11 شباط / فبراير

أزياء Azzi & Osta خريف وشتاء 2016 - 2017

GMT 18:28 2019 السبت ,06 إبريل / نيسان

الكشف عن سبب غضب جوميز في لقاء "الحزم"

GMT 05:45 2015 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

الحارس عبدالله العنزي احتياطيًا في قمة "النصر" و"الأهلي"

GMT 19:23 2012 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

مبارك يغادر مستشفى سجن طرة إلى "المعادي العسكري"

GMT 04:13 2016 الإثنين ,24 تشرين الأول / أكتوبر

صباح فخري ينفي تقديمه سهرات طربية باستثناء بعض الإطلالات

GMT 01:05 2015 الثلاثاء ,11 آب / أغسطس

"أجمل ليالي عمري" اسم ألبوم رامي صبري الجديد

GMT 16:53 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

فوائد زيت الخروع للشعر والرموش والبشرة وكيفية استخدامه

GMT 14:54 2019 الجمعة ,01 آذار/ مارس

شباب بلوزداد يعاقب جمال الدين شتال

GMT 05:41 2017 الخميس ,29 حزيران / يونيو

إشبيلية يستعيد إيفر بانيجا من الإنتر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia