آيديولوجيات معرض مصري يمزج الفن بالفلسفة والفكر
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

ناثان دوس يواصل تطويع البرونز في منحوتاته الجديدة

"آيديولوجيات" معرض مصري يمزج الفن بالفلسفة والفكر

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - "آيديولوجيات" معرض مصري يمزج الفن بالفلسفة والفكر

معرض مصري يمزج الفن
القاهرة - تونس اليوم

كثيراً ما يصيب الفنان المصري ناثان دوس جمهوره بالدهشة والارتباك، بداية من اسمه الذي يوحي بأن صاحبه أجنبي أو - بالتعبير الشّعبي المصري «خواجة»، في حين أنّه مصري قلباً وقالباً، بل هو «صعيدي» وتحديداً من مدينة «ملوي» التابعة لمحافظة المنيا إحدى بقاع الجنوب الساحرة، حيث بدأت علاقته بالنّحت عبر تشكيل الطمي على ضفاف النيل، هناك أيضاً تلك العناوين غير المألوفة التي يختارها هذا النحات لمعارضه، والتي تبدو للوهلة الأولى وكأنها تخص مفكراً يبحث قضايا وجودية وفلسفية شائكة مثل «طرح الفراغ» و«عاطفة العقل».

وفي معرضه الحالي «آيديولوجيات» المقام في قاعة «فن» بالزمالك (وسط القاهرة)، والمستمر حتى الثلاثين من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، لا يبتعد دوس عن هذا الخط كثيراً، فهو يمزج القطع النحتية بالفلسفة ويطرح على المتلقي العديد من الأسئلة الوجودية في خضم تلك التجربة الفنية والروحية.

تمثال نصفي لرجل لم يتبقَ منه سوى رأسه هو العمل الذي اختاره الفنان شعاراً لمعرضه وتزيّنت به بطاقات الدّعوة للحدث المميز. ولكنّه رأس مثقوبة بالعديد من الفتحات مع نظرة حزينة وعينين شبه مغلقتين على نحو يذكرك بالبيت الشعري الشهير للمتنبي «ذو العقل يشقى في النعيم بعقله، وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم».

مزيد من التدقيق في التمثال، يتبين لك أنّ ما ينطبق عليه من بيت المتنبي هو الشّطر الأول فقط «ذو العقل يشقى».

يلفت نظرك بقوة، وأنت تخطو خطواتك الأولى داخل قاعة العرض، هذا التمثال الذي يبدو كأنه صيغ من الذهب اللامع لرجل في كامل هيئته يقذف بشيء ما بقوة إلى البعيد. أنت هنا أمام جسد رشيق يضجّ بالحيوية والحياة، لكنّك لا تعرف ما كنه هذا الذي يقذف به، هل هو شيء خطير أراد أن ينقذ القوم منه، أم كرة من النور أراد أن يضيء الظّلام بها؟ كل الاحتمالات واردة، فهذا العمل الفني البديع مفتوح على كل التأويلات، ولكن مرة أخرى تذهب إلى العين باعتبارها نافذة على الروح لعلّك تلتمس فيها تفسيراً ما، فتجد نفسك أمام نفس الحياد المشوب بلمسة من الحزن، وقد تلمح صدى بعيداً لما يشبه الاستسلام.

لكنّك على الجانب الآخر لا تملك سوى أن تشعر بطاقة المقاومة وعبقريتها في هذا النحت الذي يجسد ببراعة ما يشبه برجاً حديدياً ضخماً ينهار ويسقط، فإذا بشخص عادي للغاية يقاوم هذا السقوط الكارثي بعزيمة لا تقهر. في المقابل هناك بشر مقيدون بسلاسل لا تكاد تُرى فيما يعد إسقاطاً بارعاً على دوامة الحياة المعاصرة التي تلتهمنا بتفاصيلها اليومية التي لا تنتهي.

ومن الأعمال التي تثير دهشة زوار المعرض أيضاً، هذا العمل البديع الذي يصوّر ببراعة كبشاً ينظر بضراعة وخوف إلى أعلى، حيث حمار ينظر إلى المجهول، لتتساءل، ماذا أراد الفنان بهذا؟ على الفور يأتيك الجواب فيما يشبه «مذكرة تفسيرية» عبارة عن لوحة صغيرة مجاورة يشرح فيها النحات بالكلمات كيف أنّه في بعض المجتمعات الرّعوية، يُفطم الكبش بمجرد ولادته ويذهبوا به إلى أنثى الحمار يرضع منها حتى يظن أنّها أمه ويتعلق بها، وحين يكبر الكبش يُسمّن ويُعلّق جرس في رقبته حتى يصبح له هيبة ويتبعه قطيع الأغنام، بينما يتبع هو الحمارة التي يسوقها الراعي كيفما أراد، فالفنان هنا ينتقد بشدة «ثقافة القطيع».

ويبرّر النحات دوس استخدامه لخامة البرونز في معظم معارضه، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «إنها خامة ليّنة يسهل تطويعها، كما أنّها تنطوي على إمكانات تعبيرية هائلة»، مشيراً إلى أنّه يتولى «سبك» أعماله وصهرها بنفسه، ولا يذهب بها إلى «المسابك»، كما يفعل غيره من المثّالين حتى يضمن ألّا يفسد عنصر خارجي مساعد الشكل النهائي الذي يستهدفه.

ويضيف دوس: «أتحدث إلى شخصيات منحوتاتي وأتفاعل معها كأبطال حقيقية على مسرح الفن والحياة، ربما أنحتها في أحجام صغيرة توفيراً للتكلفة وبحثاً عن التنوع والتعدد، وأحياناً أتمرد على الحجم الصغير فأجعلها ضخمة لا تهاب شيئاً».

قد يهمك ايضا 

فنانة تُجدد التواصل الإنساني والتباعد الاجتماعي بطريقة مبتكرة

مذكرات الرئيس الأميركي أوباما تبيع 800 ألف نسخة أول يوم

 

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آيديولوجيات معرض مصري يمزج الفن بالفلسفة والفكر آيديولوجيات معرض مصري يمزج الفن بالفلسفة والفكر



GMT 01:36 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

جزيرة سريلانكا تعدّ المكان الأفضل لقضاء العطلات

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:29 2015 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة "النصر" تخصم شهرين من راتب عبدالله العنزي

GMT 15:34 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

شروط الحصول على قرض "السيارة" الجديد في 5 بنوك

GMT 22:50 2018 السبت ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب "النصر" يوضح أسباب هزيمة فريقه أمام "الأهلي"

GMT 01:16 2013 السبت ,15 حزيران / يونيو

لطيفة تنعي الإعلامي طارق حبيب عبر " فيسبوك "

GMT 03:48 2018 الثلاثاء ,31 تموز / يوليو

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 07:18 2013 الخميس ,17 كانون الثاني / يناير

"سنوقد ما تبقى من قناديل" للكاتب عبد الغفور خوى

GMT 12:17 2016 الجمعة ,08 إبريل / نيسان

عدد مقاتلي تنظيم "داعش" تضاعف في ليبيا

GMT 21:19 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة الطليعة" تعاقب اللاعبين بعد تدهور النتائج"
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia