«حزب الله» اليوم

«حزب الله» اليوم

«حزب الله» اليوم

 تونس اليوم -

«حزب الله» اليوم

حازم صاغيّة
درج، قبل سنوات قليلة، تعبير «قوّة فائضة» في وصف «حزب الله» وحاله قياساً بالمجتمع اللبنانيّ البالغ الضعف، فضلاً عن دولته الهزيلة. ويمكن الكلام الآن عن «انتصارات فائضة» أحرزها الحزب ذاته، أو زيّن لنفسه وللعالم أنّه أحرزها، ثمّ تصرّف بموجب ذلك. فليس قليلاً، مثلاً، أن يتولّى الأمين العام للحزب التعريف بطبيعة الحرب في سوريّة ومجرياتها، وكيف أنّها كُسبت، وكيف أنّ تدخّله وتدخّل حزبه كانا سبب كسبها وسقوط الرهان على انهيار النظام السوريّ. والحال أنّ الحزب يراكم، منذ 2005، انتصارات أو أوهام انتصارات يُشكّ في قدرته على هضمها، خصوصاً أنّ الكثير من تلك الانتصارات والأوهام نجم عن خسائر مُني بها حلفاء الحزب أنفسهم، لا أعداؤه. ففي 2005، ومع انسحاب الجيش والأمن السوريّين من لبنان، تحوّلت وظيفة ردع لبنان إلى السيّد نصرالله وحزبه. وقد ظهر غير طرف يتّهم الأخير بالضلوع في اغتيال رفيق الحريري، وهذا قبل أن يستدعي الحزب نفسه حرب 2006 لتحويل التركيز عن الموضوعات التي أطلقها اغتيال الحريري وإعادة الاعتبار للأجندة القديمة ذات الأولويّة الإقليميّة كما فُرضت على لبنان بقوّة «وحدة المسارين». وبنتيجة الحرب هذه، زعم الحزب لنفسه انتصاراً إلهيّاً غير مسبوق عُيّر به، علناً أو ضمناً، العرب والفلسطينيّون الذين سبق لجيوشهم ومقاوماتهم أن هُزمت أمام الدولة العبريّة. وعلى رغم احتفال الحليف السوريّ بالانتصار الإلهيّ في 2006، ظلّ من الصعب التكتّم على إحراجه الناجم عن مضيّ جبهة الجولان في صمتها الذي افتُتح مع «فصل القوّات» في 1974. وتقدّم الحزب، مثقلاً بانتصاراته وبأوهام انتصاراته، من بيروت التي غزاها في أيّار (مايو) 2008، مستولياً على موقع القرار الحاسم في السياسة اللبنانيّة، الداخليّ منها والخارجيّ. ثمّ، مع انفجار الثورة السوريّة وتصدّع نظام الأسد، هبّ «حزب الله» ليضطلع بدور المنقذ والمخلّص، بحيث انقلبت تماماً المعادلة التي تجمعه بذاك النظام والتي باشرت انقلابها المديد والمتعرّج مع الانسحاب العسكريّ من بيروت في 2005. على امتداد هذه الرحلة الشاقّة تعدّدت الأدوار وتحوّلت، كما تغيّر اتّجاه البنادق وفوّهاتها. وما كاد يتنامى الدور الداخليّ للحزب حتّى تعاظم دوره السوريّ، مع ما استجرّه هذان الدوران من تكثير للأعداء في الداخل وفي العالم العربيّ، فضلاً عن إسرائيل والولايات المتّحدة وأوروبا. وربّما، مع جنيف الإيرانيّ، بات الحزب أمام وظيفة جديدة قد تناقض الكثير من وظائفه السابقة. وهو ما يجيز التساؤل المشروع حول قدرته على إنجاز تمدّد شبه إمبراطوريّ من جهة، وعلى تقلّب في الأدوار لا يملك التحكّم به ولا السيطرة عليه. وقد يكون في مقتل قياديّه حسّان اللقّيس، بعد جريمة التفجير الذي تعرّضت له الضاحية الجنوبيّة، ما ينمّ عن اقتراب الحزب من منعطف بارز في حياته. فإذا كانت إسرائيل من قتل اللقّيس، تأكّد أنّ الدولة العبريّة لن تنسى الحزب حتّى لو نسيها، وفقاً لقرار 1701 الذي أبطل المقاومة. وإذا كان غير إسرائيل هم القتلة، تأكّد أنّ أعداء الحزب يتزايدون بالوتيرة نفسها التي تشهد توسّع أدواره وتعدّدها. وغنيّ عن القول إنّ السياسات التي لا تنتج إلاّ تكثير الأعداء تستوجب من أصحابها الحذر الأقصى.
arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حزب الله» اليوم «حزب الله» اليوم



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 16:09 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 17:58 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 14:23 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الدلو الخميس 29-10-2020

GMT 07:56 2014 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

انتخاب أبو زيد رئيسة لـ"الاشتراكي" في "النواب"

GMT 11:46 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

بعض مناطق النجم العملاق المشتعل أكثر سخونة من مناطق أخرى
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia