الأمير سعود الفيصل العقلانية السعودية

الأمير سعود الفيصل.. العقلانية السعودية

الأمير سعود الفيصل.. العقلانية السعودية

 تونس اليوم -

الأمير سعود الفيصل العقلانية السعودية

طارق الحميد

خلال أربعين عامًا قضاها في وزارة الخارجية، كان الأمير سعود الفيصل، رحمه الله، رمزًا للعراقة الدبلوماسية السعودية، وصوتها العقلاني المنافح عن المصالح الوطنية، وكذلك قضايا الأمة العربية والإسلامية. لم يكن الأمير سعود يشبه الراحل الملك فيصل وحسب، بل كان يشبه بيت الحكم العقلاني، من حكم المؤسس، مرورًا بملوك السعودية، رحمهم الله، وحتى عهد الملك سلمان بن عبد العزيز. عرفت الراحل منذ بداية عملي الصحافي، صحافيًا صغيرًا، وبعد ذلك رئيس تحرير لهذه الصحيفة، ثم كاتبًا فيها، وفي كل مرة التقيته فيها، أو هاتفته، أو عندما أتلقى اتصالاً هاتفيًا منه، رحمه الله، كان هو نفسه سعود الفيصل الذي التقيته منذ أول مرة في هدوئه، وحيويته رغم المرض، والانشغال. عرفت الفيصل، رحمه الله، عبر عدة قضايا تاريخية ليت المقربين منه يرصدونها في كتاب، بل كتب.
عرفت الأمير سعود، وتعاملت معه كصحافي، أثناء مبادرة السلام العربية التي قدمها الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، رحمه الله، حين كان وليًا للعهد، ثم بعد إرهاب «القاعدة» في أميركا، وقبل غزو العراق، ثم عقب اغتيال رفيق الحريري، وحرب لبنان 2006، وما تلاها من حروب وأزمات بالمنطقة، وحتى الربيع العربي، وغيرها، وكلها أحداث ربما لا تحدث إلا كل ربع قرن، بينما تشهدها منطقتنا كل عام! كان الأمير سعود صوت العقل المتحدث باسم السعودية، والشارح لسياساتها، واضح الرؤية، حليمًا لا يستفز. حضرت لسموه عدة لقاءات مع الصحافيين، خاصة وعامة، كان، رحمه الله، يستفيض بالإجابة أحيانا، ويكتفي بخفة الظل بمواقع أخرى، لكنها خفة ظل ذات مغزى. مازحه أحد الزملاء، وقبل غزو العراق، قائلا: «إنكم تخشون الديمقراطية في العراق»! فرد قائلاً: «تعتقد أن القادم للعراق هو قبعات جيفرسون؟ وماذا عن العمائم؟» وهذا ما حدث ويحدث. وذات يوم كنا في لقاء خاص مع سموه خارج السعودية، ودار نقاش حاد بين أحد رؤساء التحرير السعوديين وبين وزير إعلام سعودي سابق، وكان الفيصل يستمع بهدوء لافت، وعندما انتهى النقاش، همست في أذنه مازحًا: «إنها الفوضى الخلاقة»، فرد، رحمه الله، مبتسمًا: «لكنه نقاش أهدأ من نقاشات المؤتمرات العربية».
حنكة الفيصل، وحلمه، ورقيه الذي هو جزء من دبلوماسيته، أكسبه ثقة كل ملوك السعودية الذين عاصرهم، واحترام العالم، ولا أنسى حين قال لي وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد قبل عامين: «ليت سعود كان أصغر بثلاثين عامًا، أو ليتني عملت معه في شبابه». رحم الله سعود الفيصل رحمة واسعة فهو جزء لا يتجزأ من العقلانية السعودية الداعية للاستقرار والازدهار، وحين يصلي المصلون على الفيصل في مكة المكرمة في هذا الشهر الفضيل فإنهم يصلون على رجل دافع عن قضاياهم طوال أربعين عامًا من سعوديين وعرب ومسلمين مثلما دافع عن السلم، والاستقرار في العالم.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأمير سعود الفيصل العقلانية السعودية الأمير سعود الفيصل العقلانية السعودية



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 16:09 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 17:58 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 14:23 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الدلو الخميس 29-10-2020

GMT 07:56 2014 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

انتخاب أبو زيد رئيسة لـ"الاشتراكي" في "النواب"

GMT 11:46 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

بعض مناطق النجم العملاق المشتعل أكثر سخونة من مناطق أخرى
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia