ما لا نستوعبه

ما لا نستوعبه!

ما لا نستوعبه!

 تونس اليوم -

ما لا نستوعبه

د. وحيد عبدالمجيد

قبل عقدين تقريباً، أصدرت الخبيرة فى شئون الحركات الإسلامية جنييف أبدو كتاباً بالغ الأهمية تحت عنوان (No god .. but god)، بعد أن أمضت فى مصر أكثر من عامين لدراسة هذه الحركات.

وحفل هذا الكتاب باستنتاجات مازال بعضها يرقى إلى مستوى الدروس التى فاتنا استيعابها، ولم نجن إلا ويلات إرهاب متوحش نتيجة استهانتنا بمثلها مما نبَّه إليه آخرون غيرها منذ ذلك الوقت.

ولكثرة هذه الدروس التى يمكن استخلاصها من دراسة جنييف أبدو، نكتفى هنا بأربعة منها. وهى كلها تثبت أنه كان فى إمكاننا أن نغير مساراً مضينا فيه على مدى نحو عقدين لو أننا خرجنا من الصندوق القديم الذى كلما صدأ ما فيه أعدنا طلاءه واستخدامه دون تفكير فى جدواه.

أول هذه الدروس هو وجود فرق كبير بين ما سمته تطوير الخطاب الدينى، وإضفاء شكل حديث على هذا الخطاب. والحال أن هذا هو ما تفعله المؤسسة الدينية الرسمية عادة عندما نعهد إليها بمهمة تطوير خطاب أسهمت هى فى تكريسه.

أما الدرس الثانى فهو أن سيطرة السلطة على المساجد لا تعنى بالضرورة محاصرة الخطاب الدينى المتطرف، حيث لاحظت المؤلفة (وجود آلاف الوُعَّاظ الذين يعتبرون الشارع هو منبرهم الرئيسى). وفى وجود مواقع تواصل اجتماعى يتفاعل عبرها ملايين الناس الان, صار فيها متسع للخطاب الذى يُحاصر فى المساجد، ويظن من يحاصرونه أنهم كسبوا المعركة ضده.

وثمة درس ثالث عن جدوى فكرة التوبة والعودة عن الفعل الإرهابى دون تغير الظروف التى أنتجت من مارس هذا الفعل ثم تاب عنه، أو بدا الأمر كذلك. فقد التقت جنييف أحد التائبين فى تلك الفترة التى سبقت بقليل المراجعات الواسعة التى قامت بها «الجماعة الإسلامية»، ويُدعى الشيخ سلطان. ووفق ما خلصت إليه من متابعتها ما يفعله بعد توبته، ومن المقابلة معه، فإن (سلطان الواعظ صار أخطر من سلطان الإرهابى).

ويبقى درس رابع يصعب استيعاب الدروس السابقة، وغيرها، دونه، وهو أن التطرف وما يؤدى إليه من عنف ليس وليد هذا الوعظ فى حد ذاته، ولا من صنع الخطاب الدينى وحده، بل نتيجة تخلف سياسى واجتماعى مترتب على سياسات عامة. فهذا التخلف ليس أقل خطراً من تخلف الخطاب الدينى المتطرف. وعندما يلتقى التخلفان فى لحظة معينة، يكون العنف ثالثهما.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما لا نستوعبه ما لا نستوعبه



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 16:09 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 17:58 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 14:23 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الدلو الخميس 29-10-2020

GMT 07:56 2014 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

انتخاب أبو زيد رئيسة لـ"الاشتراكي" في "النواب"

GMT 11:46 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

بعض مناطق النجم العملاق المشتعل أكثر سخونة من مناطق أخرى
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia