حرب الكل ضد الكل

حرب الكل ضد الكل

حرب الكل ضد الكل

 تونس اليوم -

حرب الكل ضد الكل

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

وصف الفيلسوف توماس هوبز (1588-1679) حالة المجتمع البريطانى فى القرن السابع عشر بأنها حرب يخوضها الجميع ضد بعضهم البعض. ورغم أن ما يحدث فى المجتمع المصرى اليوم لا يشبه تلك الحالة، تظل العبارة التى استخدمها هوبز صالحة للتعبير عنه.

فى مصر الآن فائض فى العنف اللفظى والإرهاب الفكرى والمهاترات الصاخبة والمزايدات المتهافتة والصراخ والضجيج. وفيها، من ناحية ثانية، ندرة فى الأفكار والحوارات الموضوعية والمجادلات الهادئة والهادفة.

ويرتبط التوتر والاحتقان السائدان فى المشهد العام على هذا النحو بتدهور ثقافى وفقر معرفى ينعكسان فى السطحية التى تجعل معظم النقاشات هابطة، وأغلب القضايا التى تدور حولها متهافتة.

وحين يحدث نقاش حول قضية جديرة بالاهتمام، فقليلاً ما يمضى فى الاتجاه الصحيح. وفى هذا كله يبدو قطاع واسع من المجتمع عازفاً عن المعرفة والتفكير المنطقى والنظرة الموضوعية.

لم تكن هذه هى حالة المجتمع قبل عدة عقود. كما أنها لم تبلغ المدى الذى وصلت إليه فجأة أو بين عشية وضحاها. وإذا كانت ذاكرتنا ضعيفة، يمكن أن نعود إلى أرشيف الصحف فى العقود الثلاثة الأخيرة، وإلى مواقع التواصل الاجتماعى منذ ظهور "الفيس بوك"، لنتذكر ما حدث وكيف وصلنا إلى هذه الحالة بشكل تدريجى وتراكمى. ورغم تعدد العوامل التى أدت إلى ذلك، كان لانغلاق نظام الحكم وتحويل التعدد الحزبى إلى "ديكور" أثر جوهرى أخذ يتراكم تحت السطح حتى ظهر واضحاً فى السنوات الأخيرة. فقد أنتج هذا الانغلاق ثقافة سياسية تقوم على الإقصاء والاستبعاد ورفض الآخر، وصولاً إلى التكفير والتخوين. وقد حدث مثل ذلك فى مجتمعات أخرى خلق فيها انغلاق نظام الحكم لفترة طويلة ثقافة أحادية لا مكان فيها لقيم الاختلاف والتنوع والتعدد والانفتاح وقبول الآخر واحترامه والتعايش معه. وفى مثل هذ الثقافة، يتعذر الحوار الجاد الموضوعى بين أطراف يظن كل منهم أنه يملك الحقيقة المطلقة.

ومع ذلك، يظل الإصرار على هذا الحوار هو السبيل إلى تغيير الحالة التى تبدد طاقات المجتمع، مهما كانت الصعوبات التى تواجه أية محاولة فى هذاالمجال. فالأخطار المترتبة على حالة "حرب الكل ضد الكل" تفرض بذل أقصى جهد من أجل تجاوزها تدريجياً للوصول فى النهاية إلى الحالة الطبيعية التى يمكن أن نسميها حوار الكل مع الكل.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حرب الكل ضد الكل حرب الكل ضد الكل



GMT 08:45 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

موقعة إنجليزية فى مدريد

GMT 07:24 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

أطفال تُعساء زى الفل!

GMT 08:29 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

أبعاد أزمة هواوى

GMT 07:38 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

فضيلة تفهم الدوافع

GMT 07:57 2019 الخميس ,23 أيار / مايو

ظاهرة «الفاجومى» علميا

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 18:51 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 16:30 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

مجالات جديدة وأرباح مادية تنتظرك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 09:11 2015 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

فريق نادي "النصر" يكتسح "نجران" بخماسية ودية

GMT 02:55 2017 الأحد ,05 آذار/ مارس

"بونت لاند" تتحدث عن سبب اعتقال شيخ قبلي

GMT 07:36 2014 الأحد ,22 حزيران / يونيو

12 مسلسلًا على قناة "أيه أر تي" حكايات في رمضان
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia