كل هذه الكراهية

كل هذه الكراهية

كل هذه الكراهية

 تونس اليوم -

كل هذه الكراهية

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

هباءً ذهبت جهود متواصلة بُذلت على مدى نحو قرن ونصف لوضع قواعد تكفل الحد الأدنى من السلوك الإنسانى خلال النزاعات والحروب. ما يحدث فى منطقتنا البائسة الآن يهيل الثرى على هذه الجهود التى أقرت منظومة كاملة من الاتفاقيات الممتدة من اتفاقية جنيف لعام 1864، وحتى اتفاقيات 1949 الأربع فى جنيف أيضا وبروتوكولاتها الإضافية.

وضعت هذه الاتفاقيات القواعد التى يفقد البشر صفتهم الإنسانية إذا تجاوزوها، مهما تكن حدة المعارك التى يخوضونها، أو حتى عدالتها من وجهة نظر هذا أو ذاك منهم.

فى عدة بلدان عربية الآن انتهاكات ممنهجة لهذه القواعد على نحو يفرض التساؤل عما إذا كانت الكراهية يمكن أن تصل إلى حد تجريد أعداد مهولة ممن يُعدون بشراً من الإنسانية على هذا النحو.مفهوم أن تبلغ الكراهية هذا المبلغ فى حالة أو حالات محدودة، فيكون التجرد من الإنسانية استثنائياً أو خارجاً عن المألوف. ولكن ما يحدث هو أن عشرات الآلاف, وربما أكثر, ينتهكون القواعد المتضمنة فى الاتفاقيات المتعلقة بأوضاع المدنيين فى الحروب والنزاعات المسلحة، ويذهبون إلى أقصى مدى فى تجويع سكان مناطق بأكملها وإذلالهم وتركهم فى أوضاع يصبح الموت خيراً من استمرار الحياة فى ظلها.

وليس منع وصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق يتضور أطفال فيها جوعاً، ويزداد عدد من يلفظون أنفاسهم لعدم وجود علاج أو دواء يتوقف استمرار حياتهم عليه، إلا آخر تداعيات الكراهية المجنونة التى لا يبقى معنى للإنسانية فى ظلها. ولم يعد الهدف من منع المساعدات مقصوراً على إرغام سكان منطقة أو أخرى على الركوع. فقد أصبح السطو على هذه المساعدات وبيعها أمراً شائعاً فى معظم البلدان التى تشتعل فيها حروب داخلية, وخاصة فى سوريا حيث تنتهك معظم الأطراف المتحاربة أبسط قواعد معاملة المدنيين فى المناطق التى تحاصرها. وحتى فى جنوب السودان، حيث »احتفل« العالم بإقامة دولته قبل 5 سنوات، يتنافس طرفا النزاع فى انتهاكات من هذا النوع.

وليس هذا إلا نذراً يسيراً من انتهاكات يتجلى فيها التجرد من الإنسانية. وهذا بعض ما تفعله الكراهية التى نستهين بها حين نظن أن نشرها يحقق تعبئة سريعة فى معركة ما دون أن يدرك مروَّجوها أن خطرها عليهم لا يقل عن غيرهم.

المصدر : صحيفة الأهرام

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كل هذه الكراهية كل هذه الكراهية



GMT 08:45 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

موقعة إنجليزية فى مدريد

GMT 07:24 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

أطفال تُعساء زى الفل!

GMT 08:29 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

أبعاد أزمة هواوى

GMT 07:38 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

فضيلة تفهم الدوافع

GMT 07:57 2019 الخميس ,23 أيار / مايو

ظاهرة «الفاجومى» علميا

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 18:51 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 16:30 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

مجالات جديدة وأرباح مادية تنتظرك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 09:11 2015 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

فريق نادي "النصر" يكتسح "نجران" بخماسية ودية

GMT 02:55 2017 الأحد ,05 آذار/ مارس

"بونت لاند" تتحدث عن سبب اعتقال شيخ قبلي

GMT 07:36 2014 الأحد ,22 حزيران / يونيو

12 مسلسلًا على قناة "أيه أر تي" حكايات في رمضان
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia