برّح بنا فراقه

برّح بنا فراقه

برّح بنا فراقه

 تونس اليوم -

برّح بنا فراقه

بقلم - د. وحيد عبدالمجيد

لم أتخيل أنه كان فى ساعاته الأخيرة عندما كتبت فى اجتهادات 24 ديسمبر الماضى عن صلاح عيسى كمؤرخ مبدع تفوق على معظم المؤرخين وأساتذة التاريخ المصريين والعرب.

صدمنى نبأ رحيله، مثل كُثر أحبوه وتعلموا عنه. ورغم علمنا أنه باق معنا وبعدنا بأفكاره وإسهاماته التى قل مثلها فى نصف القرن الأخير، فقد برَّح بنا فراقه، وهو الذى كان أول من لفت انتباهنا إلى مدى ثراء لغتنا بالمفردات المعبرة عن الآلام والأوجاع التى يشعر بها الآن كل من أحبه وعرفه عن قرب. استخدم مفردة تباريح التى لم تكن مألوفة فى كتابه «تباريح جريح» الصادر عام 1988. لم يكن هذا أبرز كتبه، ولكنه أكثرها تعبيرا عن قدرته غير العادية على النقد الساخر الذى يوجع وقد يُبكى، ولكنه يتضمن أيضا ما يُضحك القارئ على حاله. وهذا يفسر العنوان الفرعى المكتوب بحروف صغيرة أسفل عنوانه الرئيسى، وهو «شر البلية ما يُضحك .. وأوجع الضحكات ما ينتهى بالدموع». تعلمت منه أكثر من غيره من أبناء جيله. جذبنى تفكيره النقدى العميق قبل أن أعرفه شخصيا فى آخر السبعينيات، حين كان يراسل بعض المجلات الثقافية العربية فى الوقت الذى أُغلقت الأبواب أمامه فى مصر. نبهنى فى بداية تعاوننا إلى ما كان يعتبره ثروة معلوماتية فى أرشيف الأهرام. وفهمت أنه يتمنى استخدام هذا الأرشيف، رغم أنه لم يطلب. ولذلك اقترحت على الراحل الكبير السيد يسين مدير مركز الدراسات الاستراتيجية وقتها تكليفه بدراسة، واستصدار تصريح له لدخول الأرشيف. لم تنقطع علاقتنا رغم اختلافنا الفكرى. كنت مع حزب الوفد حين كان حياٍ، وكان هو قريباً من حزب التجمع ومديراً لتحرير صحيفته فى أفضل مراحلها على الإطلاق. دعانى للكتابة أسبوعياً، عندما رأس تحرير صحيفة «القاهرة» التى هاجمه من لا يعرفونه بسببها لأنها تابعة لوزارة الثقافة، رغم أن أفضل المجلات الثقافية والفكرية فى نصف القرن الأخير صدرت عن مؤسسات عامة، مثل مجلة «الكاتب» التى تسبب مقال لصلاح عيسى فى غلقها. وظلت «القاهرة» من أفضل الإصدارات الثقافية العربية إلى أن ترك رئاسة تحريرها، فصارت نسياً منسيا. ورغم أن فراقه برّح بنا, ستبقى مدرسته مفتوحة لكل من يريد أن يعرف، ويتعلم.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

برّح بنا فراقه برّح بنا فراقه



GMT 08:48 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

زيادات مستحقة ومتكررة

GMT 08:52 2019 الثلاثاء ,08 كانون الثاني / يناير

لفت انتباه وزيرة!

GMT 07:38 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

الأحزاب حلم مصرى قديم

GMT 07:10 2018 الجمعة ,28 كانون الأول / ديسمبر

وبقيت مصر.. ورحل الغزاة

GMT 08:52 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز يستحق الفخار

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 16:09 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

حلم السفر والدراسة يسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 17:58 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 14:23 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الدلو الخميس 29-10-2020

GMT 07:56 2014 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

انتخاب أبو زيد رئيسة لـ"الاشتراكي" في "النواب"

GMT 11:46 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

بعض مناطق النجم العملاق المشتعل أكثر سخونة من مناطق أخرى

GMT 01:18 2018 الثلاثاء ,24 إبريل / نيسان

رفع "المصحف" في نبروه يُطيح بوكيلة مدرسة من منصبها

GMT 10:01 2021 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

"فيسبوك" توسع نطاق مكافحة المعلومات المضللة

GMT 01:20 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

"خريف البلد الكبير"رواية جديدة للإعلامي محمود الورواري
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia