إفـراط  وتفريـط

إفـراط .. وتفريـط

إفـراط .. وتفريـط

 تونس اليوم -

إفـراط  وتفريـط

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

كم نحن مفرطون فى النقل، ومُفَّرطون فى العقل. لا يقتصر النقل على الغارقين حتى آذانهم فى تدين طقوس شكلى يعرفون فيه من تراث لم يعرف تجديدا أو تطويرا منذ قرون إلا فيما قل أو ندر. الجميع ينقلون عن بعضهم بعضاً دون أن يستخدموا عقولهم، ويُرددون ما يبدو لهم أنه صحيح دون أن يعرفوا له أساساً أو يزنوه بميزان عقل مُعَّطل.

وعندما يتعطل العقل، يَُكَّون الإنسان معارفه الأساسية عن طريق ما يسمعه فيروقه أو يعجبه، وينقله إلى آخر يأخذه بدوره إلى غيرهما، أو من خلال ما يشاهده فى وسائل الإعلام المرئية، أو ما يصادفه فى مواقع التواصل الاجتماعى. وهذه معارف بسيطة وسطحية عندما تصح، فضلاً عن أن الكثير منها موجه أو مُشوه مفبرك.

فأول ما يقوم به العقل حين يعمل هو التفكير فيما يسمعه أو يشاهده تحديد موقف منه. ولا يستطيع العقل أن يؤدى هذه الوظيفة دون أن يستخدم الأدوات المعرفية المتاحة له وفى مقدمتها القراءة والاطلاع والحوار الجاد الموضوعى، ولكى يحدث ذلك ينبغى تصميم نظام التعليم بطريقة تساعد على التفكير، بحيث تكون مخرجاته الأساسية عقولاً تعمل، وليس مجرد أيد عاملة تجد نفسها عاطلة فى كثير من الأحيان.

وهذا هو أهم ما نحتاجه بعد أن أصبح نظامنا التعليمى عبئاً على المستقبل فى عصر تتنافس فيه الدول للارتقاء بالعملية التعليمية. فالتعليم الذى يقوم على الحفظ والتلقين يدمر أهم عناصر رأس المال البشرى، وهو العقل. فما أن يدخل التلميذ المدرسة حتى يجد أن التكيف مع حالة التعليم البائسة يفرض إلقاء عقله من أقرب نافذة، والاستغناء عنه طول الوقت.

ولتغيير هذا النظام لابد من السير فى اتجاهين متوازيين. أولهما وضع مناهج حديثة تعتمد على ثلاث كلمات مفتاحية هى التفكير والبرهنة والنقد. والثانى تطوير أسلوب التعليم بحيث يقوم على حوار مستمر يتعود فيه التلميذ منذ الصف الأول الابتدائى على أن يسأل فى كل شىء دون أن يخاف شيئاً، وأن يشك فى صحة أى شىء، لأن هذه هى السبيل إلى تشغيل العقل بطريقة تحليلية ونقدية.

وعندئذ يبدأ المجتمع فى التحول من النقل الذى أعياه إلى العقل الذى يجدد خلاياه الميتة.

المصدر : صحيفة الأهرام

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إفـراط  وتفريـط إفـراط  وتفريـط



GMT 08:45 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

موقعة إنجليزية فى مدريد

GMT 07:24 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

أطفال تُعساء زى الفل!

GMT 08:29 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

أبعاد أزمة هواوى

GMT 07:38 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

فضيلة تفهم الدوافع

GMT 07:57 2019 الخميس ,23 أيار / مايو

ظاهرة «الفاجومى» علميا

GMT 11:28 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية يؤكد أن الوضع الأمني في تونس مستقر

GMT 15:40 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 19:05 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 06:40 2016 الجمعة ,08 تموز / يوليو

اصنعي بنفسك سيروم طبيعي لتنعيم الشعر المجعد

GMT 06:16 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

ضغوط مختلفة تؤثر على معنوياتك أو حماستك

GMT 11:30 2021 الأحد ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

نساء برج العقرب والحمل يعشقن السيطرة

GMT 15:21 2017 الثلاثاء ,13 حزيران / يونيو

​أحمد صفوت ضيف إذاعة "نغم إف إم" الإثنين
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia