بقلم : خلود الخطاطبة
الارهاب وزبانيته، وعلى رأسهم تنظيم داعش الارهابي شكل التحدي الأمني الخارجي الأهم للمواطن الاردني على مدى الاعوام الماضية خاصة مع انطلاق احداث العنف في سوريا، وبقي هذا الملف وتطوراته الميدانية على الساحتين السورية والعراقية مبهما أمام المواطن الأردني ومثارا لاثارة القلاقل والمخاوف، الى ان تولى رئيس هيئة الاركان المشتركة الفريق الركن محمود فريحات موقعه في قيادة القوات المسلحة في تشرين الاول الماضي. كان الحديث عن داعش وجرائمه وحجمه على الارض من المحرمات لفترة من الوقت حتى استغلت وسائل اعلام عالمية هذا الصمت لترويج المخاوف في الداخل الاردني من التنظيم الارهابي، فأحيانا تهول في حجم تأثيره وامتداده وقربه من الحدود الشمالية، واحيانا أخرى تحذر من امكانية توسعه الى دول مجاورة. اللقاء الاول الذي اجراه الفريق الركن فريحات مع قناة البي بي سي، نهاية العام لماضي، وبعد أشهر من تسلمه منصبه، شكل في جانب رسالة تطمين للمواطن من حجم تواجد التنظيم الارهابي على الارض وتأثيره على الاردن عندما قال «تنظيم داعش سيكون في لحظاته الاخيرة نهاية العام المقبل (2017)»، ومن جانب أخر أظهر تغيرا في نهج المؤسسة العسكرية الاردنية بالتواصل بشكل مباشر مع وسائل اعلام، وهو مشهد لم يألفه المواطن الاردني من قبل. لم تكن هذه التصريحات اليتيمة لقائد القوات المسلحة حول هذا الخطر الذي يهدد المنطقة، فقد ظهر ثلاث مرات أخرى وفي مناسبات متعددة حرص خلالها على ابقاء المواطن الاردني على اطلاع بمجريات تطور التنظيم الارهابي وموقف الاردن من بعض الاتهامات التي تنقلها وسائل اعلام خارجية، وهو أمر لم يعهده المواطن الاردني من قبل. في لقائه وبتوجيهات من جلالة الملك عبدالله الثاني، مع متقاعدين عسكريين جمعهم افطار رمضاني في اربد بداية حزيران الماضي، قال فريحات «القوات المسلحة لن يكون لها أي تواجد أو دخول للاراضي السوريه»، وكان بهذا التصريح يرد على تقارير صحفية خارجية تحدثت عن حشود عسكرية اردنية على الحدود الشمالية، وفور تناقل تصريحاته توقفت التحليلات العسكرية التي بنيت على معلومات غير صحيحة، وهذا نهج جديد. واستثمر قائد الجيش مشاركته في مؤتمر التحالفات العسكرية في الشرق الاوسط الذي عقد في المنامة منتصف تشرين اول الماضي، للحديث حول ما استجد في القضاء على التنظيم الارهابي، حرص فيه على ابراز الدور الاردني ومساهمته في التحالف للقضاء على هذه الافة، واستمر في التحذير من خطورة فلوله ومعتقداته
على المنطقة. وخلال لقائه القادة العسكريين قبل ايام ، أعلن رئيس هيئة الاركان المشتركة عن نهاية تنظيم داعش الارهابي في العراق وسوريا، لكنه استمر في التأكيد على أهمية ادراك دول المنطقة ومنها الاردن بلا شك، بان القضاء على العصابة لا يعني الا مزيدا من الوعي والحذر، وبهذا يكون قد اكمل مهمته في وضع آخر التطورات على هذا الصعيد أمام المواطن الاردني. ما اود قوله، هو ان هذه السياسة الاعلامية العسكرية التي تتبعها قيادة القوات المسلحة الاردنية هي محط تقدير واحترام ودليل على انفتاح هذه المؤسسة العسكرية التي تشكل عصب الدولة الاردنية على الاعلام، ومؤشرا واضحا على تغيير في نهج التواصل بين المؤسسة العسكرية والمؤسسات الاخرى، والدليل الاكبر على هذا الانفتاح هو دعوة رئيس هيئة الاركان القادة الى ضرورة اطلاع الجنود على مجمل ما يجري داخليا وخارجيا حتى يبقوا على معرفة بقضايا الاقليم والعالم، وهذا نهج جديد أيضا.