مقتل المرء بين فكّيه

مقتل المرء بين فكّيه

مقتل المرء بين فكّيه

 تونس اليوم -

مقتل المرء بين فكّيه

قمر النابلسي
بقلم : قمر النابلسي

كثيرة هي الأمثال والحكم التي تتكلم عن قوة الكلمة وتأثيرها ,وكيف لها أن ترفع صاحبها وكيف من الممكن أن تورده المهالك , مقتل الرجل بين فكّيه فقد يكون موته وهلاكه فعلاً من كلمة, وقد سمعنا من القصص الكثير الكثير عن كلمة لم يتأنَّ ولم يفكر فيها صاحبها فكانت سبباً في قتله , وإن لم تقتله جلبت له المتاعب والمصائب والخسارة ,فرحم الله امرأً أطلق ما بين كفّيه , وأمسك ما بين فكّيه ,وصدق الشاعر حين قال :

تكلّم وسدّد ما استطعت؛ فإنما ….كلامك حيٌّ والسكوت جماد

فإن لم تجد قولاً سديداً تقوله …فصمتك عن غير السداد سدادُ

فأنت لن تندم على السكوت لكنك حتماً ستندم على الكلام إن لم تفكر وتتأنَّ قبل أن تنطق به, فالكلمة كالرصاصة إذا خرجت فلا يمكن استرجاعها ,وقد ضمّن الشيخ أبو سهل النيلي شرائط الكلام فقال :

أوصيك في نظم الكلام بخمسة … إن كنت للموصي الشفيق مطيعا

لا تغفلنّ سبب الكلام ووقته …والكيف والكم والمكان جميعا .

فالكلمة تكتسب قوتها من قائلها ومعناها وتوقيتها ومضامينها الخفية وفي هذا الزمن تعاظمت قوتها من الأثر الذي قد تحدثه في خضم الفوضى الإتصالية والتطورات التقنية الحديثة .

إذاً على قدر أهمية الكلمة ,من المهم جداً وقت الكلام و الزمان المناسب والمكان ,أما الأسلوب ونبرة الصوت فإن لم يتم مراعاتها يخسر صاحبها حتى وإن كان على حق ,وخير الكلام ما قلّ وجّل ودلّ ولم يمل ,فالأمر ليس بكثرة الشرح والإسهاب , بقدر ما هو بالمعنى والحُجة والبرهان .

ومع انتشار وسائل التواصل الإجتماعي كل كلمة محسوبة والأخطاء أصبحت كارثية ولا تغتفر, خاصة مع سرعة ومدى انتشارها, الناس تقرأ وتسمع وتحلل وتحكم وتؤثر ,ليس المطلوب أن تصمت فلا تعطي رأياً ولا أن تكون سلبياً فلا تتفاعل مع الأحداث , لكن تذكر دائماً أن الكلمة قبل أن تخرجها هي تحت سيطرتك فاحرص على ألا تخرج إلا بعد التبصر والتأمل واستحضار ما قد ينتج عنها من آثار ونتائج وعواقب .

ولأن الكلمة تكسب قوتها من قائلها فكلمة السياسي و المسؤول و الشخص الذي يمثل الشعب في برلمان أو نقابة أو حتى الأشخاص الذين يُطلق عليهم مؤثرون تؤخذ كلماتهم على محمل الجد , فالكلمة مع هؤلاء لها هويتها ودلالاتها , لكن للأسف ما زال أغلب هؤلاء يجهل قوة الكلمة, والبعض يتجاهلها ,وقد يتعمّد البعض الآخر استغلالها , لم يدرك هؤلاء أن الكلمة رداء الأفكار, وأن الكلمات تحمل في باطنها رسائل.

وما أصبحنا نراه ونسمعه مؤخراً وبشكل متكرر من تعليقات وضجة تعقب تصريحات لمسؤولين وسياسيين تفتقد للمنطق والموضوعية ولا تحترم عقول البشر ,تؤكد الجهل والإستهانة بأهمية مهارة التواصل ,يضاف إليها عند البعض قلة الخبرة وضحالة الثقافة والمعرفة على المستوى السياسي والإجتماعي .

فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة … وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم …

tunisiatoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقتل المرء بين فكّيه مقتل المرء بين فكّيه



GMT 07:03 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

جرح فلسطين المفتوح

GMT 14:28 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

الاعلام الايجابي والاعلام السلبي

GMT 14:23 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

خانه التعبير واعتذر.. فلِمَ التحشيد إذن!

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 17:54 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 18:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 06:58 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

مشعل بن ماجد يرعى غداً الحفل الختامي لمسابقة جامعة جدة

GMT 12:08 2019 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

4 أخطاء عليك تجنبها في تصميم غرف النوم

GMT 06:23 2019 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

كريري مديرًا للكرة في نادي "الهلال" السعودي

GMT 18:02 2015 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ليل يقيل هيرفيه رينار ليصبح أول مدرب يترك منصبه هذا الموسم
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia