بعيداً عن السياسةقريباً منها

بعيداً عن السياسة..قريباً منها

بعيداً عن السياسة..قريباً منها

 تونس اليوم -

بعيداً عن السياسةقريباً منها

عريب الرنتاوي

أكثر ما استوقفني في وصف العدوان الإسرائيلي على سوريا، قول بعضهم أنه "غادر" و"جبان"..وهي نعوت عادةً ما تُقال من دون تفكير مُتأمل في معنى المفردات..حتى أنني استخدمت أحدها في معرض تعليق إذاعي على العدوان، ومن دون أن أقصد. لماذا "غادر"؟..هل كان من المفترض بإسرائيل أن تبلغ مسبقاً عن عدوانها، وتكشف للسوريين "ساعة الصفر" و"بنك الأهداف" الذي تنوي صواريخها وطائراتها تدميره؟..هل يحصل ذلك في الحروب، قديمها وحديثها؟..هل كانت إسرائيل في دائرة أصدقاء سوريا ثم "غدرت" بها فجأة ومن دون مقدمات، وانتقلت إلى دائرة أعدائها؟..أليس البلدان في "حالة حرب" معلنة؟ ولماذا "جبان"؟..هل لأن الطائرات ألقت بصواريخها من مسافات بعيدة؟..هل كان يتعين على طياري سلاح الجو أن "يتمتختروا" لبعض الوقت، وعلى ارتفاع منخفض فوق سماء سوريا، قبل إلقاء حمولاتهم التدميرية القاتلة؟..أم هل كان يتعين عليهم الزحف إلى "ريف دمشق" على ظهور الخيل، ممتشقين سيوفهم ورماحهم؟..ألم يُقل في وصف الغارة بأنها "مجازفة"، بعضهم قال أنها محسوبة وبعضهم الآخر قال أنها "غير محسوبة؟..ألم تكن الغارة بمثابة "عملية جراحية" جريئة، لاستئصال الأهداف على مقربة من قاسيون، حارس دمشق الطبيعي، وغير بعيد عن "قصر الشعب"؟..لماذا هي "جبانة"، وكيف تكون العمليات "الجريئة" و"الشجاعة" إذا؟. * * * * * استوقفني قبل أيام، نبأ يتحدث عن اعتقال السلطات في تنزانيا خلية إرهابية من ستة أفراد، أربعة منهم سعوديي الجنسية، كانوا يعملون على تفجير "الكنائس" في ذلك البلد الإفريقي الجار..إنه 11 سبتبمر تنزاني، وبذات "النسب المئوية" تقريباً..لماذا يذهب سعوديون لتفجير الكنائس في أفريقيا؟..ألا يكفي خلو بلادهم منها؟..ما الذي دار في عقول هؤلاء وهم يتحضرون لامتطاء صهوة المجازفة بحيواتهم وحرياتهم، نظير القيام بعمل شنيع من هذا النوع؟..أية عملية "غسيل دماغ" تعرض لها هؤلاء؟..هل من الإسلام في شيء، أن نطارد بيوت عبادة الآخرين، حتى وإن كانوا من أهل الكتاب؟..هل مطلوب منّا عرباً ومسلمين، أن نطارد المسيحيين واليهود والبوذيين والهندوس والكونوفشيين والصابئة والبهائيين وغير المتدينين؟..هل مطلوب منّا أن نخوض الحرب مع خمسة مليار "بني آدام" في قارات العالم السبع، لا لشيء إلا لأنهم غير مسلمين؟..وماذا عن بقية المسلمين من غير أنصار "السلف الصالح"، هل مطلوب منا تعميم نموذج قتل الشيعة (الروافض) في بغداد وكويتا حتى نتقرب إلى الله، وماذا عن الدروز والعلويين والصوفيين والزيديين والأباظيين..هل نقتلهم كذلك، ونهدّم عليهم معابدهم؟..أية كارثة حلّت بالأمة من هذه القراءات المريضة لرسالة السماء السمحاء؟...إذا أردت أن تفهم بعض ما يجري في سوريا والعراق، عليك أن تفهم ما حصل في تنزانيا. * * * * * واستوقفتني كذلك، تقارير صحفية إسرائيلية (معاريف) قبل أيام، تقول فيها أن الولايات المتحدة، وقد استمرأت المذاق الحلو للتنازلات العربية المجانية في "بلير هاوس"، حيث تنطح من لا يملك، لتقديم مُزقٍ من الأرض الفلسطينية إلى من لا يستحق..أن الولايات المتحدة تخطط الآن للخطوة التالية، وهي الطلب من الرئاسة القطرية للقمة العربية، ورئاسة لجنة متابعة مبادرة السلام العربية، برئاسة حمد بن جاسم، الاعتراف بإسرائيل "دولة يهودية"، كخطوة لإقناع إسرائيل القبول بـ"رزمة كيري"، التي تدور حول السلام الاقتصادي (براءة الاختراع لنتنياهو). والحقيقة أنني قبل معاريف بأسبوع، كنت كتبت في هذه الزاوية بالذات، إن كنتم تذكروون، مقالة بعنوان: "الخطوة التالية: يهودية الدولة"، توقعت فيها أن تعمل الرئاسة القطرية على تقديم تنازلات إضافية لواشنطن وتل أبيب، وتحديداً في باب "يهودية الدولة"، نظير "حماية دورها المتضخم" في المنطقة، أي أن تدفع من "كيس الفلسطينيين، أرضاً وحقوقاً ومقدسات" نظير أحلامها المريضة بقيادة العالم العربي، وبالطبع، بعد تدمير حواضره الكبرى وإغراقها في الفوضى وصراعات المذاهب والجيوش الأطلسية والخراب والدمار. لم ننتظر طويلاً، فقد جاء من ينبئنا بأن "الموضوع قد وضع على السكة"، وأن العمل جارٍ للخطوة التالية، وأن الحل الذي تتنطح قطر لتسويقه وتسويغه بالإغراء والإكراه، بالمال والغاز والجزيرة والشيخ والمفكر، سينهض على أنقاض القدس والمقدسات وحق العودة وتقرير المصير، وستكون حدوده في أحسن حالاته، حيث تصل جرافات الاستيطان الإسرائيلي الزاحف. ولأن الشيء بالشيء يذكر، هل تذكرون مقالة "سوريا بين ثالوث الأمير والشيخ والجنرال" قبل أيام أيضاَ..يبدو أن هذا الاخطبوط الثلاثي مرشح للامتداد إلى غزة، وفرد شباكه حولها وعليها..قبل أشهر قلائل، زارد الأمير (حمد) قطاع غزة لوضع اللبنة الأولى لـ"البنية التحتية للتهدئة المستدامة"، وليس "التنمية المستدامة"..ها هو الشيخ (القرضاوي) يسير في خطى أميره، ويأتي غزة من ذات الطريق، ليكمل ما بدأه "ولي الأمر"..فيما الجنرال (يعلون) يقف على أهبة الاستعداد لتمرين عضلاته وتدشين ولايته، بتوجيه ضربة "غادرة" و"جبانة" أيضاً، للقطاع المقاوم. نقلا عن مركز القدس للدراسات السياسية

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعيداً عن السياسةقريباً منها بعيداً عن السياسةقريباً منها



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين

GMT 13:42 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحمل الخميس 29 -10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 14:52 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia