جون كيري  رايح جاي

جون كيري .. "رايح جاي"

جون كيري .. "رايح جاي"

 تونس اليوم -

جون كيري  رايح جاي

عريب الرنتاوي

قلنا في مستهل الجولة الأولى لجون كيري في المنطقة، أن شروط نجاح رئيس الدبلوماسية الأمريكية في مسعاه للوصول إلى حل نهائي للقضية الفلسطينية، ليست متوفرة .. وعليه أطلقنا حكمنا القائل، بأن الرجل سينتقل سريعاً إلى "إدارة الأزمة" بدل حلّها، وشراء الوقت وتقطيعه، قبل أن يتحول إلى سيف يقطّع مصالح واشنطن وأحلام حلفائها في المنطقة. أما شروط نجاح مسعى كيري، فأوجزناها في اثنين رئيسين: الأول، وجود قيادة "تاريخية" في إسرائيل، قادرة على اتخاذ قرارات بحجم القبول بمرجعيات عملية السلام والوفاء باستحقاقاتها، وهذا غائب تماماً، ليس الآن فحسب، وإنما في المدى المنظور كذلك، في ظل استمرار "الانزياح" المنهجي المنظم للمجتمع الإسرائيلي صوب اليمين الديني والقومي سواء بسواء .. أما الشرط الثاني، فيتجلى في وجود إدارة أمريكية "تاريخية" كذلك، قادرة على ممارسة ضغط حقيقي على إسرائيل لدفعها للقبول بالمرجعيات والوفاء بالاستحقاقات، وهذا غير متوفر الآن، وقد لا يتوفر في المدى المنظور كذلك. إذن، نحن أمام "بدائل" أخرى، يعمل كيري على بلورتها، بعد أن أيقن بأن مقاربة ملفات "الحل النهائي" غير ممكنة .. وهي "بدائل" تراوح ما بين إجراءات بناء الثقة و"السلام الاقتصادي" والحلول المؤقتة، التي مضى على تجريب أول طبعة منها ما يقرب من العقدين من الزمان "أوسلو"، من دون جدوى. القيادة الفلسطينية وضعت ثلاثة شروط / مطالب، للقبول باستئناف المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، بعد معاناة مديدة ومريرة مع تجربة "المفاوضات العبثية": وقف الاستيطان، التزام خط الرابع من حزيران، والإفراج عن المعتقلين .. إسرائيل ليست راغبة في القبول بأي من هذه الشروط / المطالب الثلاثة، وبفرض توفر الرغبة في فعل ذلك، فليس في إسرائيل قيادة قادرة على تنكّب عناء المجازفة باتخاذ القرار. وسوف يكون من الصعب على القيادة الفلسطينية أن "تلحس" مطالبها وشروطها، أو تقبل بأن "تُجلب" إلى مائدة المفاوضات جلباً، من دون أن يتوفر لها ما يحفظ حقوق شعبها وماء وجهها .. وعند هذه النقطة بالذات، تتركز جهود كيري اليوم، الذي يسعى في "استيلاد" صيغة تمكن الفلسطينيين من الجلوس على مائدة المفاوضات من دون الظهور بمظهر المنكسر والمفرط والمهزوم .. وفي هذا السياق بالذات، جاءت صفقة السلام الاقتصادي بملياراتها الأربعة، وقد تُستتبع ببعض الخطوات الإسرائيلية الشكلية التي لا تقدم أو تؤخر، من نوع رفع بعض الحواجز، وتسهيل حركة بعض الأموال، والإفراج عن بعض المعتقلين، وتعليق الاستيطان لعدة أسابيع، لا أكثر ولا أقل. وقد تنجح جهود كيري وضغوطه في إقناع السلطة الفلسطينية بإعادة إنتاج تجربة المفاوضات قصيرة الأمد، في مطلع العام الفائت (2012)، سيما وأن الرجل مدعوم بمواقف عربية وأوروبية، ضاغطة في الاتجاه نفسه .. وقد تنحني السلطة أمام عاصفة الضغوط والإغراءات التي تهب عليها من كل حدب وصوب .. وقد تشترط أن تكون المفاوضات مشروطة زمنياً، وأن تكون رزنامتها الزمنية معدودة بأسابيع أو أشهر، ظناً منها أنها تلعب على حواف "هامش المناورة"، ورغبة منها في تفادي الاتهام بتعطيل مسعى الدولة الأعظم لحل القضية الفلسطينية، وهو ما ينتظره نتنياهو و"جوقته" بفارغ الصبر. لكن بعيداً عن لعبة "العلاقة العامة" التي ينخرط فيها الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي، ومناورات كل منهما لتحميل الطرف الاخر المسؤولية عن إفشال مهمة كيري، فإن القناعة التي تتسرب وتتوطن في عقول مختلف صنّاع القرار في العواصم ذات الصلة، بأن مهمة كيري، محكوم عليها أمريكيا وإسرائيلياً بالفشل الذريع، طالما أن شرطيّ نجاحها غير مكتملين. كيري الذي "هبط بسقف توقعاته ورهاناته" الشخصية، يريد الآن، أكثر من أي وقت مضى، أن يصيب بعض النجاح في مسعاه الفلسطيني، حفظاً لمصالح واشنطن المنخرطة بأزمتين أكثر إلحاحاً وأولوية: سوريا وإيران، وحفاظاً على ماء وجهه هو بالذات، بعد أن أخذ على عاتقة "أن يأتي بما لم تستطعه الأوائلُ" .. ولهذا السبب بالذات، بدأ الرجل منذ جولته الثانية، سياسة "التغميس خارج الصحن"، مُدشناً رحلة البحث عن حلول وتسويات وصفقات، خارج إطار "الحل النهائي" وبعيداً عن ملفائته المعقدة والشائكة، والذي يبدو أن شروطه الإسرائيلية – الأمريكية لم تنضج بعد، كما يعرف الدبلوماسي المحنك أتم المعرفة. كيري جاي .. كيري رايح ..والجولة الخامسة لن تكون آخر الجولات .. لكننا نعرف، وتتعمق معرفتنا بعد كل جولة، بأن طريق الرجل مسدود .. وأن الحبل الذي مدّته له حكومة نتنياهو، سيلتف حول عنقه، ويزهق روح مهمته .. وعلينا فلسطينيين وأردنيين وعرباً، أن نخرج من صندوق اوهامنا ورهاناتنا الخادعة، وأن نشرع جدياً في البحث عن جواب مقنع وممكن لأكثر الأسئلة استراتيجيةً وخطورةً التي تجابهنا: ماذا بعد فشل عملية السلام؟ .. ماذا بعد سقوط "حل الدولتين"؟. نقلا عن مركز القدس للدراسات السياسية 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جون كيري  رايح جاي جون كيري  رايح جاي



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 17:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 00:01 2020 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

الرجاء البيضاوي يتعثر أمام الزمالك المصري في المغرب

GMT 12:40 2021 الإثنين ,24 أيار / مايو

بريشة : علي خليل

GMT 21:12 2019 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

فساتين صيف تزيد من بهجة إطلالتك من "ريزورت 2020"

GMT 10:42 2019 الخميس ,07 شباط / فبراير

أسعد يُشيد بإمكانات مصر في مجال التكنولوجيا

GMT 04:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

منتجع "جبل نوح" يوفر تجربة سياحية فريدة من نوعها
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia