إخوان الأردن والحدث المصري

إخوان الأردن والحدث المصري

إخوان الأردن والحدث المصري

 تونس اليوم -

إخوان الأردن والحدث المصري

عريب الرنتاوي

      أدلى "إخوان الأردن" بدلائهم في قراءة الحدث المصري، وصدرت عن عددٍ من كبار مسؤوليهم، تصريحات تصف خصوم نظام مرسي الإخواني، بأنهم أسوأ من نظام مبارك وفلوله، وتختصر الصراع المحتدم في مصر، بأنه صراع بين البلطجة والبلطجية من جهة والإرادة الشعبية كما يجسدها نظام مرسي من جهة ثانية. والحقيقة أن هذه القراءة ليست سطحية وبائسة فحسب، بل وتشفُّ عن ضيق بالديمقراطية وقواعدها وأدوات تعبيرها، وتؤكد أسوأ مخاوف خصوم الإسلاميين ومجادليهم، والتي درج أصحابها على اتهام الإخوان بأنهم يريدون الديمقراطية لمرة واحدة، وأن علاقتهم بها ليست سوى علاقة "استخدام وتوظيف"، فهي تصلح فقط طريقاً ذي اتجاه واحد: نحو السلطة، وتصبح مرذولة، حين تكون وسيلة خصومهم لإخراجهم منها وإنزالهم عليائها. ما حصل أيها السادة، أن الشعب المصري خرج بغالبيته الواضحة (لا أقول الساحقة أو العظمى) إلى الشوارع والميادين، مطالباً برحيل الرئيس الشرعي والمنتخب (لا أحد يجادل في ذلك)، من خلال انتخابات رئاسية مبكرة، متوجاً ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة، بثورة الثلاثين من يونيو المجيدتين على حد سواء ... ميادين مختلف المدن والقرى والبلدات، عجّت بمئات الألوف والملايين التي تشجب وتندد وتطالب، فهل كل هؤلاء "فلول" و"بلطجية" و"أسوأ من نظام مبارك" ... ألا يكتسب هؤلاء شرعية شعبية طالما تغنى الإخوان بها ونسبوها لأنفسهم ... أم أن "الشرعية" لا تكون إلا حيث يكون "الإخوان" ... و"الشعبية" لا تسير إلا في ركابهم وحدهم ... لماذا لم ير إخوان الأردن، إلا ميداناً واحداً في مصر: "رابعة العدوية"؟ ... لماذا أشاحوا بأبصارهم عن كل الميادين والشوارع التي عجت بخصومهم السلميين؟ ... لماذا يحالون اختزال حركة الشارع المصري بعدد من البلطجية الذين اعتدوا على المقرات بالضد من نداءات جبهة الإنقاذ وقيادة حركة "تمرد"؟. ثم من قال أن الشارع المصري يخشى صناديق الاقتراع؟ ... ألم تجعل "تمرد" و"الإنقاذ" الانتخابات الرئاسية المبكرة هدفاً لها؟ ... لماذا يرفض إخوان مصر، ومن خلفهم (ورجع صدى لهم) إخوان الأردن، الانتخابات الرئاسية ويصرون على البرلمانية، هل فشل الرئيس ونجح الإخوان مثلاً؟. ثم كيف يُسبغ إخوان الأردن على أنفسهم "شرعية" النطق باسم الشعب وكثرته الكاثرة، وهم بالكاد يحركون بضعة مئات أو آلاف إلى الشوارع والميادين الأردنية، في حين ينكرون على ملايين المتظاهرين جقهم في النطق باسم الشعب المصري، بل ويصفونهم بما لم يجرؤ نظام مبارك على وصفهم به؟ ... أليست هذه معايير مزدوجة، وديمقراطية بتراء، لا ترى إلا ما ينفع الإخوان، أما ما ينفع الناس وخصوهم، فإلى الجحيم؟ ... ومن يصدق الإخوان في ادعائهم الديمقراطي بعد اليوم، وهم الذي ينظرون إلى خصوم إخوان مصر، على أنهم بلطجية وأدوات لمؤامرات خارجية وبيادق في يد الولايات المتحدة؟ ... ما إذا قرر خصوم إخوان الأردن، التحرك سلمياً وشعبياً ضدهم، هل سيصبحون خونة وجواسيس وطابور خامس وبلطجية؟ ثم ما حكاية "المؤامرة الأمريكية" التي صدع لها المتظاهرون والبلطجية والفلول؟ ... كنا نظن أنها بضاعة قديمة، لم يعد أحد يجرؤ على عرضها في السوق، فإذا بهم يشهرونها مرة ثانية ... وبقليل من الموضوعية نقول لإخوان الأردن، أن الهتافات المناهضة للولايات المتحدة علت في مختلف الميادين والشوارع المصرية بالأمس، ما عدا ميدان رابعة العدوية ... وأن علم إسرائيل حُرق على أبواب قصر الاتحادية وليس في ميدان رابعة العدوية ... وأن صور سفيرة الولايات المتحدة في مصر آن باترسون حرقت في ميدان التحرير وليس في ميدان رابعة العدوية، وأن "السي أن أن" التي كرست ساعات من بثها المباشرة لتغطية أحداث تركيا وسوريا وثورة 25 يناير، "غابت عن السمع" بالأمس، ولم تصدر أي صحيفة كبرى في الولايات المتحدة بـ"مانشيتات" أو افتتاحيات عن الحدث المصري، فمن هو المشتبه بارتباطاته الأمريكية، ومن هو الأقرب لأجندات العم سام المصرية والإقليمية والدولية ؟ أما عن "الجزيرة" وأخواتها، فحدث ولا حرج ... قارنوا هزال التغطية اليوم وانحيازها لمرسي والإخوان القرضاوي وشيوخ السلفية، وحيوية التغطية وشمولها في يناير 2011 ... من هم ضحايا الصمت الأمريكي والانحياز القطري ... هل هم إخوان مصر ورئيسها أم المعارضون لهم في الشوارع والميادين المصرية؟ كفى لعباً بروقة الضحية (ضحية المؤامرات الغربية والإمبريالية) فما عادت مقنعة لأحد، خصوصاً بعد عودة اصطفافات الحرب الباردة وتحالفاتها، في العدد الأكبر والأهم والأخطر من الملفات العربية المفتوحة ... كفى إلغاءً وإقصاءً لكل خصوم الإسلاميين ومجادليهم، فإذا كانت حركات الإسلام السياسي قد عانت من الإلغاء والتهميش على أيدي نظم الفساد والاستبداد، فليس معنى ذلك أن يتقمصوا شخصية جلاديهم ومُبعديهم، وأن يستنسخوا لغتهم وخطابهم وأدواتهم ... وقد آن الأوان لوقفة مراجعة عميقة للخطاب والبرنامج والرؤية والأدوات ... آن الأوان للقبول بالآخر بشكل عميق وأصيل، وليس بشكل انتهازي وطارئ و"وظيفي" ... آن الأوان للإيمان بالديمقراطية والحرية كقيم عليا سامية، غير مشروطة، وغير قابلة للقسمة والمقايضة، فوق الأحزاب وعابرة لمصالحها الضيقة، وبما ينفع الناس ويبقى في الأرض. ما يحصل في مصر، ومن قبله في تركيا، قمين بأن يكون درساً وعبرة ... لا سببا للانكفاء والانغلاق وإطلاق النار يمنة ويسرة، ومن باب أولى لا مبرراً للتراجع عن بعض الخطوات المتواضعة التي أنجزتها هذه الجماعات على طريق تبني خطاب مدني – ديمقراطي بمرجعية إسلامية ... نأمل أن يتجذر هذا البعد في خطاب هذه الجماعات بدل أن تشرّع أبوابها لرياح التطرف التي تهب عليها من "فقه البداوة" وفقهاء الظلام.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إخوان الأردن والحدث المصري إخوان الأردن والحدث المصري



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 17:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 00:01 2020 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

الرجاء البيضاوي يتعثر أمام الزمالك المصري في المغرب

GMT 12:40 2021 الإثنين ,24 أيار / مايو

بريشة : علي خليل

GMT 21:12 2019 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

فساتين صيف تزيد من بهجة إطلالتك من "ريزورت 2020"

GMT 10:42 2019 الخميس ,07 شباط / فبراير

أسعد يُشيد بإمكانات مصر في مجال التكنولوجيا

GMT 04:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

منتجع "جبل نوح" يوفر تجربة سياحية فريدة من نوعها
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia