المصالحة الخليجية خطوة للأمامولكن

المصالحة الخليجية: خطوة للأمام...ولكن!

المصالحة الخليجية: خطوة للأمام...ولكن!

 تونس اليوم -

المصالحة الخليجية خطوة للأمامولكن

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

لم يصدر وزير خارجية الكويت عن تفكير "رغائبي"، وهو يزفُّ متفائلاً، بشرى إنجاز "خطوة تاريخية" على طريق المصالحة الخليجية – الخليجية...الوسيط الكويتي، صدر عن "قناعة ذاتية" بإمكانية إنجاز المصالحة بين قطر ودول "الرباعي العربي" بعد سنوات ثلاث من القطيعة والحصار...وكشف عن استعداد الأطراف، المتفاوت حُكماً، للهبوط عن قمة الشجرة.

هذا الإنجاز يسجل لـ"دبلوماسية رجل الإطفاء" الكويتية، ومن الغبن والنفاق، ردّها إلى "صبيّ" البيت الأبيض، الذي لم يلعب ورئيسه يوماً، سوى دور "مُشعل الحرائق"...ومن يَعُد لبواكير الأزمة، وما كشفت عنه "اعترافات" ريك تيلرسون، يدرك تمام الإدراك، أن شراراتها الأولى قد انطلقت من البيت الأبيض، وأن الرئيس ترامب، كان من أول من تبنى رؤية ورواية دول الرباعي العربي لأسباب الأزمة مع قطر ومبررات حصارها، و"أرشيف" تغريداته شاهد على ما نقول على أية حال.

لكن من الخطأ المبالغة، في حجم الإنجاز ووصفه بـ"التاريخي"...فالتوافق حتى الآن، لم يشمل قضايا الخلاف وشروط الرباعي الثلاثة عشرة، بل اقتصر على وضع إطار للمفاوضات القادمة...والأطراف الأربعة، لا تقرأ من الصفحة ذاتها، وهي تتحدث عن قطر، فيما لا تنظر الأخيرة، للدول الأربع التي تحاصرها، بالعين ذاتها، فكيف ذلك؟

من بين دول الحصار الأربع: (السعودية، مصر، الإمارات والبحرين)، تبدو المملكة الأكثر حماسة لاستعادة علاقاتها مع دولة قطر، ولها في ذلك حسابات ومصالح، ترتبط في معظمها بمجيء إدارة جديدة للبيت الأبيض بزعامة جو بايدن، لا يُتَوقع لها أن تُنهي "شهر العسل" المديد، الذي عاشته المملكة مع إدارة دونالد ترامب فحسب، بل وأن تسلك نهجاً جديداً مع "العدو الأول" للمملكة: إيران، وهذا أمرٌ مقلق للمملكة.

ولخشيتها من احتمالات خروج طهران من "شرنقة العزلة والعقوبات الاقتصادية"، تعيد الرياض تقييم بعض ملفات سياساتها الخارجية...المراجعة لا تقتصر على العلاقة مع قطر، بل تشمل تركيا كذلك، ورسائل الغزل والاتصالات رفيعة المستوى بين البلدين، تتكثف هذه الأيام، وسط "تبشير" سعودي لا يتوقف، بقرب عودة المياه إلى مجاريها بين الرياض وأنقرة.
مقابل الاستعداد السعودي لطي صفحة الحصار المضروب على قطر، يبرز الاستبعاد الإماراتي لهذا الخيار، وعدم تفضيله، أقله إلى أن تتحقق للرباعي العربي، شروطه الثلاثة عشر، والتي إن أمكن تلخيصها بجملة مفيدة واحدة، يمكن القول: إنها صك إذعان، وتفريط بسيادة البلاد، وتسليم زمام أمرها وقرارها، لـ"إدارة انتدابية رباعية"...الإمارات لن تجعل مهمة الوسيط الكويتي سهلة في قادمات الأيام، وهي سترمي بكامل ثقلها لمنع الأطراف الأخرى، من المضي بعيداً على طريق المصالحة، وتركها وحيدة.
بالنسبة للسعودية، وبخلاف الإمارات، تبدو قطر ليست في موقع "المُزاحم" للرياض على موقعها ومكانتها في العالمين العربي والإسلامي، والمصالحة مع الدوحة (وتركيا استتباعاً)، تبدو متطلباً تمهيدياً، إن قررت المملكة، طائعة أم مرغمة، ولوج طريق التطبيع الرسمي والعلني مع إسرائيل حتى نهايته، وبأقل قدر من "المزايدة" و"المزاحمة" والضجيج الإعلامي الذي يصمُّ الآذان....أبو ظبي من جهتها، تنظر للدوحة على أنها "المزاحم" و"المنافس" لدورها في الإقليم، وفي ظني أن واحداً من أسباب الحماسة الإماراتية لعزل قطر ومحاصرتها، إنما يكمن في رغبتها في إخراج قطر من حلبة المنافسة، وفي شتى المجالات: الطاقة، السياسة، الدور الإقليمي، الترانزيت، الموانئ والطيران، المال والأعمال والاستثمار وغيرها.
من بين دول الحصار الأربع، تُبدي قطر اهتماماً خاصاً باستعادة علاقاتها مع المملكة العربية السعودية...هي تعرف أن علاقاتها بالإمارات لن تستقيم حتى وإن استُعيدت المصالحة، واستأنف مجلس التعاون أعماله كالمعتاد...ولديها في علاقاتها مع مصر، "أوراق قوة" تفوق ما لدى الأخيرة من أوراق: العمالة المصرية والتفوق الإعلامي...أما البحرين، فهي ليست حاضرة بقوة في حسابات الدوحة، والعلاقة معها تندرج غالباً في باب "تحصيل الحاصل"...وحدها السعودية، هي أكثر ما يهم المسؤولين القطريين، الذين شددوا في أحاديثهم مع الوسيط الكويتي والموفد الأمريكي، على أهمية المسار الثنائي (السعودي – القطري) وأولويته...المصالحة مع الرياض تأتي أولاً، وبعد ذلك، تلتحق بقية الأطراف تباعاً.

هذا الطرح القطري، يضع المملكة في "خانة الحرج"، فالحصار بدأ رباعياً ومن المنطقي أن تأتي المصالحة رباعية كذلك...هكذا تقول أبو ظبي بالفم الملآن، وهكذا يقول لسان حال القاهرة والبحرين...وأية خطوة سعودية منفردة، سوف تضعف ثقة حلفاء المملكة بها، وهذا ما تسعى الرياض في تفاديه ما أمكن...وهذه عقدة، سيتعين على الوسيط الكويتي أن يتعامل معها، وإن كنّا نلحظ ميلاً سعودياً متعاظماً للسير على خطى استعادة العلاقة مع قطر، بصورة منفردة، ولكن متدرجة.

وسيكون صعباً على إدارة ترامب، في ربع الساعة الأخير، إتمام مصالحة عجزت عن تحقيقها حتى بعد أن أدركت متأخرة أهميتها، سيما بعد تفاقم حدة صراعها مع إيران، واشتداد حاجتها لـ"جبهة خليجية موحدة" تساعدها على كسر إرادة الإيرانيين ومقاومتهم للضغوط الأمريكية غير المسبوقة في التاريخ...ولن تجد الأطراف ذات الصلة، بما فيها قطر، مصلحة لها في تقديم "هدية المصالحة" إلى إدارة مرتحلة، وهي تنتظر بكثير من القلق، مقدم إدارة جديدة، لتتقدم إليها بأوراق اعتماد جديدة.

نعم، ثمة خطوة كبرى تحققت على طريق المصالحة الخليجية، تستعدي حفاوةً كويتية وردود فعل مرحبة عربية ودولية...لكنها خطوة واحدة على طريق طويل وشائك، بل و"مفخخ" بالحسابات والمصالح المتضاربة، والأرجح أنها لن تعيد لمجلس التعاون الخليجي سابق "عهده الذهبي"، فالمنظومة الخليجية اليوم، تقودها مراكز ثلاثة: الرياض، أبو ظبي والدوحة، بعد أن ظلت تستند حتى الأمس القريب، وطيلة أربعة عقود خلت، على "عمود فقري" واحد: السعودية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المصالحة الخليجية خطوة للأمامولكن المصالحة الخليجية خطوة للأمامولكن



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 17:17 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 18:04 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:04 2021 الخميس ,09 كانون الأول / ديسمبر

الخطوط التونسية تعلن عن برمجة رحلتين إضافيتين إلى لندن

GMT 11:01 2016 الجمعة ,18 آذار/ مارس

فوائد الروزماري الطبية والجمالية

GMT 16:25 2021 الثلاثاء ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

قانون المالية التعديلي في تونس يؤكد وجود عجز بـ9،7 مليار دينار

GMT 17:34 2021 الخميس ,01 إبريل / نيسان

وطنُ الصَفْحِ والمصالحةِ والمصافحة

GMT 17:54 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

انخفاض في درجات الحرارة

GMT 07:18 2016 الخميس ,17 آذار/ مارس

الألوان الهادئة الأفضل

GMT 10:26 2021 السبت ,15 أيار / مايو

رحيل

GMT 14:49 2021 الأحد ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

إضراب لأعوان شركة البستنة والغراسات يوم 16 نوفمبر في قبلي
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia