لنحكِ الأمور مثلما هي

لنحكِ الأمور مثلما هي

لنحكِ الأمور مثلما هي

 تونس اليوم -

لنحكِ الأمور مثلما هي

وليد شقير

لم يكن منتظراً من «حزب الله» أن يوقف إطلاق النار (السياسي على الأقل) على المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، طالما أنه يخرق وقف النار في سورية منذ بدء الهدنة السورية السبت الماضي. وهو يشترك مع قوات النظام السوري وروسيا والميليشيات التابعة لإيران و»حرسها الثوري»، المنتشرة من محافظة درعا جنوباً وفي محيط دمشق، وصولاً الى ريف حلب ومحيطها شمالاً.

وإذا كان الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله قال في خطابه الأخير الثلثاء الماضي، إن «المعركة الكبرى» التي يخوضها «اليوم في المنطقة ستحدد مصيرها، ومنها مصير لبنان»، رافضاً المنطق القائل بأن لا علاقة للبنان بهذه المعركة، فعليه ألا يستغرب أو يستنكر أن تواجهه دول المنطقة في المقابل، بمثل ما يواجهها به من الخصومة والعداء والهجوم.

في كل خطاب يلقيه لتبرير سياسته وتقديم مطالعته لإشاحة النظر عند الجمهور اللبناني على الأقل، عن أن انخراطه في هذه المعركة هو تنفيذ لأجندة إيرانية بالتدخل في الحروب الدائرة في عدد من الدول العربية تسعى طهران إلى تقويض استقرارها لتسهيل توسيع نفوذها الإقليمي، يستخدم نصرالله تعابير من نوع: «لنحكِ الأمور مثلما هي»، و «نحن معنيون بأن نقول الحقائق»...، وهو بذلك ينسب لنفسه موقع من يمتلك الحقيقة المطلقة والوقائع الصافية.

أسهب الأمين العام لـ «حزب الله» في سرد ما اعتبره حقائق من دون أن يأتي على ذكر ما أعلنته الحكومة اليمنية من تسجيلات عن وجود عناصره في اليمن وعلى الحدود مع السعودية لتنفيذ عمليات على أرضها، وما وثّقته أجهزة الدول الكبرى عن تهريب إيران الأسلحة الثقيلة والصواريخ الباليستية إلى الحوثيين قبل بدء الرياض ردها العسكري ضد محاولة طهران السيطرة على اليمن السعيد، ولا تلك المعلومات عن استمرار تهريب هذه الأسلحة عبر البحر. وهو تجاهل ما سبق لحكومة الكويت أن كشفته عن خلايا الحزب المسلحة فيها التي تخطط لتفجيرات وتسليح مجموعات، ولا عن الخلايا التي كشفتها الحكومة البحرينية... ولا عن تلك التي سبق للحكومة المصرية أن ألقت القبض عليها. لم يذكر شيئاً عن سبب تدخله في نيجيريا. يقفز نصرالله فوق الأمور «مثلما هي»، لينسب الى غيره التحريض على الفتنة المذهبية، ويهرب من أثر تدخلات حزبه في إيقاظ الفتنة من سباتها، فهو يستند الى قاعدة تعبئة مذهبية، ويستظل بشعارات كبرى عنوانها التوجه الى فلسطين ومواجهة إسرائيل والهيمنة الأميركية على المنطقة، من حلب السورية وصعدة اليمنية...

بهذا المنطق يسهّل نصرالله على نفسه الاقتناع بأن موقفه ضد حملة السعودية العسكرية ضد التمدد الإيراني في اليمن «أعظم من المقاومة» ضد إسرائيل، ويقر بلسانه بأن حجة مقاومة إسرائيل تأتي بمرتبة متأخرة على تدخلات حزبه الأمنية في دول الخليج، التي يعطيها الأولوية.

مثله مثل سائر الفرقاء المعنيين بالحرب في سورية، لا سيما روسيا والولايات المتحدة الأميركية، يعتقد السيد نصرالله أن الهدنة الراهنة الهشة فيها، هدفها استنفاد الخيارات الديبلوماسية لإطلاق الحل السياسي، تمهيداً للعودة الى جولات عسكرية جديدة من أجل تصحيح ميزان القوى، حتى يستمع الأسد لصوت التسوية، التي قد يقتضي إنجاحها الأخذ بالاقتراح السعودي إرسال قوات إسلامية وعربية، بينها وحدات سعودية، لمحاربة «داعش»، والمساهمة في ضبط المناطق التي تسيطر عليها فصائل معارضة وسنّية، حتى يكون للجانب العربي دور في هذه التسوية، لأن الدورين الروسي والإيراني وحدهما يستحيل عليهما رعاية حل سياسي في غياب الرعاية العربية.

إذا كان يتوجب أن «نحكي الأمور كما هي»، فإن اللغة اليائسة عند «حزب الله» من أن يتمكن من الجلوس على طاولة التفاوض في اليمن، عبر إيران، تجعله يتشدد ضد المشاركة العربية في أي معادلة تتعلق بسورية. خلافاً لتوقيع 97 فصيلاً سورياً على تفويض الهيئة العليا التفاوضَ بالنيابة عن المعارضة السورية، فإن «حزب الله» غير معني بتفويض أي جهة بالتفاوض في سورية
.
يرفض «حزب الله» التسويات، بما فيها على رئاسة الجمهورية في لبنان، حتى لو قدم سعد الحريري تنازلاً بدعم ترشيح أحد حلفاء الحزب. لكن المشكلة تكمن في أنه مع إقراره بأن مشكلة دول مجلس التعاون الخليجي، «هي معنا نحن ونتحمل المسؤولية»، في معرض رفضه تحميل لبنان المسؤولية، فإن قول «الأمور مثلما هي» يعني أنه يريد للبنانيين أن يتحملوا معه تبعات تنطحه للمعارك العابرة للحدود، وأن يسكتوا عن رفضه تحييد البلد.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لنحكِ الأمور مثلما هي لنحكِ الأمور مثلما هي



GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:13 2021 الأحد ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان الـ 2021 غير لبنان الـ 89

GMT 07:46 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

«حزب الله» ينتظر الاتفاق الأميركي ـ الإيراني لحل أزمته!

GMT 07:39 2021 الأحد ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بين الرياض وبيروت

GMT 09:05 2021 الأربعاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

عن مشكلة «حزب الله» مع العدالة

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 13:46 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الثور الخميس 29-10-2020

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 18:05 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

200 ألف طفل يعانون من اضطرابات طيف التوحد في تونس

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia