الحوار السعودي  الإيراني و «القوة الناعمة»

الحوار السعودي - الإيراني و «القوة الناعمة»

الحوار السعودي - الإيراني و «القوة الناعمة»

 تونس اليوم -

الحوار السعودي  الإيراني و «القوة الناعمة»

بقلم: وليد شقير

يكثر الحديث هذه الأيام عن الآمال بحوار إيراني - سعودي. وموجة الآمال هذه تنطلق من بعض أوجه التهدئة على الحدود السعودية - اليمنية نتيجة زيارة وفد من الحوثيين للمملكة قبل أسابيع، والتي بنى عليها مراقبون من أجل توقع العودة إلى طاولة التفاوض على الحل السياسي، وصولاً إلى زيارة موفد إيراني الكويت قبل أسابيع مقترحاً عليها أن تكون الوسيط مع السعودية.

وكان انطلاق مفاوضات جنيف – 3 على الحل السياسي في سورية محفزاً لهذه الآمال والتوقعات التي ما لبثت أن عاكستها الأجواء الفعلية التي تعكس حقيقة الصراع بين المملكة وإيران نتيجة تمادي التدخلات الإيرانية في المنطقة. وذهب حلفاء إيران إلى حد القول إن دعوة الرئيس الأميركي باراك أوباما دول الخليج إلى حل المشاكل مع إيران بالحوار، سيدفع بالأولى إلى الانسجام مع هذه الرغبة.

لا يوحي الهجوم الإيراني المتصاعد ضد السعودية عبر «حزب الله» في لبنان، وآخره كلام الأمين العام السيد حسن نصرالله الإثنين الماضي، بإمكان تحقق هذه الآمال، مع أنه كرر القول إن طهران تطالب المملكة بالحوار منذ مدة لكن الأخيرة ترفض. فالتهدئة المفترضة للحوثيين على الحدود مع السعودية هي حتى إشعار آخر، استثناء في الصراع الدائر هناك، نظراً إلى أنها تمت بوساطة قبلية فرضتها آلية العلاقات القبلية بين البلدين. هذا فضلاً عن أن التصعيد العسكري وحشد المقاومة وجيش الشرعية المزيد من القوات قرب صنعاء ترافق مع طلب إيران الحوار، فيما معاودة المفاوضات بإشراف الأمم المتحدة، والتي سبق أن أفشلها الحوثيون وجماعة علي عبدالله صالح قبل 3 أشهر، ما زالت تخضع لاختبار مدى جدية إيران في السعي الى وقف الأعمال القتالية في اليمن في 10 نيسان (ابريل) المقبل، ولاستئناف المفاوضات في الكويت بعدها. ولذلك آليته الخاصة أيضاً لئلا تتكرر تجربة مطاطية التفاوض الجاري على الجبهة السورية والتي يجيد النظام المماطلة فيها، مثلما راوغ الحوثيون وصالح في جولتي التفاوض السابقتين في جنيف. كل ذلك رافق وأعقب التهدئة الحدودية، إضافة إلى تزامنها مع اكتشاف سفينة تحمل أسلحة من إيران إلى الحوثيين.

والمسؤولون الكويتيون كانوا واضحين في إبلاغ مدير الاستخبارات الإيرانية حين زارهم أنه لا يمكنهم التوسط إذا لم توقف طهران تدخلاتها في دول المنطقة، وخصوصاً في اليمن وفي سورية. ويتندر بعض العارفين بمهمة موفد طهران بواقعة اتهامه الرياض بالتدخل في منطقة الأحواز الإيرانية، مقابل التهمة الموجهة لإيران بالعبث بالأمن العربي، للدلالة على عدم جدية الأخيرة في الحوار.

الإيرانيون أرادوا وضع جدول أعمال للحوار يشمل أيضاً الاتفاق مع الدول العربية على التعاون في وجه إسرائيل ودعم المقاومة «لتحرير فلسطين»، على رغم اعتقاد المسؤولين العرب أن الإيرانيين «منشغلون بدعم المظلومين في العالم من أميركا اللاتينية (فنزويلا) إلى نيجيريا»، فضلاً عن انغماسهم في الأوضاع الداخلية العربية.

بصرف النظر عن مدى صحة التسريبات من جهات عدة حول لوائح المواضيع التي استكشف الجانبان الإيراني والكويتي إمكان تناولها، من الصعب تصور قبول دول الخليج أن يخضع تدخل طهران سواء عبر «حزب الله»، أم في شكل مباشر من «الحرس الثوري»، في أمن هذه الدول، تبعاً للخلايا التي كشفتها أجهزتها في كل من الكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة، وفي السعودية نفسها، للمساومات. وهي لن تقبل أن «تمن» عليها طهران بضبط جماعاتها في كل من هذه الدول، بحكم مونتها، للمساومة على ذلك مقابل ما يسميه الإيرانيون دورهم و «كلمتهم» في الحلول الأمنية الإقليمية لأنه أمر يمس سيادتها. ولن تركن إلى تطمينات إيران، بل إلى تشديدها القبضة على الأذرع التي تحركها، وفي أحسن الأحوال إلى سحب القيادة الإيرانية لهذه الأذرع بلا أي مقابل.

أما بالنسبة إلى التمدد في الدول الأخرى فإن الرياض والمنظومة الخليجية لن تقبلا أقل من تجريد الحوثيين من سلاحهم لمصلحة الدولة المركزية والشرعية، وفق القرار الدولي الرقم 2216 والانسحاب الإيراني من سورية وفقاً للقرار الدولي 2254 ، وأن يُترك الحكم العراقي للتوازنات الداخلية عبر وقف أعمال الحشد الشعبي لتهميش التشكيلات السنّية. وفي لبنان ما يهم دول الخليج هو تسهيل إنهاء الفراغ الرئاسي سواء باتفاق اللبنانيين أم بتوافق الرياض وطهران على رئيس توافقي.

أي من التجارب العربية السابقة مع طهران لم تكن مشجعة. فبعد كل موجة تدخل يواجهها العرب، مثلما حصل في «عاصفة الحزم»، لإفشال استثمارها السياسي، تلجأ القيادة الإيرانية لاستيعاب الصدمة عبر «القوة الناعمة»، فتروج للحوار، معتمدة النفس الطويل للإفادة من فترة تهدئة، ثم استئناف تمددها.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحوار السعودي  الإيراني و «القوة الناعمة» الحوار السعودي  الإيراني و «القوة الناعمة»



GMT 05:51 2017 الجمعة ,26 أيار / مايو

الشرق الأوسط «الإيراني» والتنف السوري

GMT 05:10 2017 الجمعة ,12 أيار / مايو

الجمباز الروسي في سورية

GMT 05:56 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

مناطق آمنة للدول أم للسوريين؟

GMT 05:53 2017 الجمعة ,28 إبريل / نيسان

روسيا المرتبكة تنتظر ترامب

GMT 06:15 2017 الجمعة ,21 إبريل / نيسان

جنرالات ترامب وإيران وسورية واليمن

GMT 15:57 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

كيفية تنظيف "شكمان" السيارة في المنزل بطريقة سهلة

GMT 18:30 2017 السبت ,16 أيلول / سبتمبر

مطعم المرسة في الدنمارك الأطراف في العالم

GMT 09:08 2014 الإثنين ,03 آذار/ مارس

هطول أمطار على محافظة حقل في منطقة تبوك

GMT 16:24 2021 السبت ,02 كانون الثاني / يناير

منصة ألعاب مايكروسوفت المُقبلة "Xbox Series S"

GMT 08:36 2016 الأحد ,30 تشرين الأول / أكتوبر

في وداع "غزة"

GMT 17:34 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"ماركس وَسبنسر" تطلق تشكيلتها لخريف 2021 من ملابس النوم النسائية

GMT 12:39 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

هجوم كبير على لاعب الصفاقسي لسوء مستواه
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia