هل ينجح البعث السوري في مهمّته الاخيرة

هل ينجح البعث السوري في مهمّته الاخيرة؟

هل ينجح البعث السوري في مهمّته الاخيرة؟

 تونس اليوم -

هل ينجح البعث السوري في مهمّته الاخيرة

خيرالله خيرالله

لا وجود اصلا لشيء اسمه حزب البعث في سوريا حتى يفيد تغيير القيادة القطرية في مجال ما. من يسمّون الاعضاء في القيادة القطرية أو القومية في الحزب ليسوا سوى أدوات يستخدمها النظام لتحقيق مآرب خاصة به...متى دعت الحاجة الى ذلك. الحزب كلّه ليس سوى واجهة تستخدم لتغطية تصرّفات نظام عسكري- أمني تحوّل بعد انقلابه على القيادة المدنية للحزب، في العام 1963، الى نظام طائفي الى حدّ كبير. بعد ذلك، تفرّد حافظ الاسد بالسلطة وأقام نظاما خاصا به يعتمد بين ما يعتمد على جعل سنّة الارياف في مواجهة سنّة المدن، في حين يبقى العصب الاساسي للنظام، أي الأمن، بين يديه شخصيا وأيدي المحيطين به من الطائفة بمقدار ما يسمح هو بذلك. اعتمد الأسد الأب على معادلة في غاية الدقة أجاد استخدامها الى ما قبل سنتين أو ثلاث من وفاته. شملت هذه المعادلة بين ما شملته ايجاد توازن عربي- ايراني داخل سوريا نفسها. ابتزّ العرب بالايرانيين والايرانيين بالعرب. ولا شكّ أن وجود صدّام حسين في السلطة في العراق ساعده في ذلك كثيرا، ان لدى بعض العرب وان لدى الايرانيين... منذ العام 2000، اي بعدما ورث بشّار الاسد السلطة ومعها سوريا، صارت هذه السلطة بين يدي العائلة وما يتفرّع عنها. صار الحزب مهمّشا أكثر فأكثر. لم يعد يصلح حتى غطاء، خصوصا مع تزايد النفوذ الايراني في دمشق نفسها وتحوّل بشّار اسيرا لهذا النفوذ. كان أفضل تعبير عن حجم هذا النفوذ العلاقة الجديدة بين "حزب الله"، وهو ميليشيا مذهبية لبنانية تابعة مباشرة للنظام الايراني من جهة والنظام السوري من جهة أخرى. لم تكن جريمة التمديد للرئيس اللبناني اميل لحّود في العام 2004 على الرغم من صدور القرار الرقم 1559 عن مجلس الامن سوى امتداد طبيعي لهذه العلاقة الجديدة بين النظامين الايراني والسوري. وقد استتبع هذا التمديد في طبيعة الحال، تنفيذ الجرائم المرتكبة في لبنان، على رأسها جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه...وصولا الى الوضع الراهن الذي نشهد فيه التدخل المباشر للميليشيا الايرانية ذات العناصر اللبنانية الى جانب النظام السوري في الحرب التي يشنها منذ سنتين وخمسة أشهر على شعبه. تغيّرت القيادة القطرية لحزب البعث في سوريا أم لم تتغيّر، هناك معادلة جديدة مختلفة تفرض نفسها على البلد. تزداد أهمّية هذه المعادلة، التي يعتبر الطرف الايراني صاحب الكلمة الفصل فيها، مع مرور الوقت.كلّما مرّ الوقت يزداد اعتماد النظام السوري على ايران وعلى السلاح الروسي. البعث صار جزءا من الماضي. كان حلما لدى بعض الشباب الرومانسي اراد أن يقلّد تجارب الغرب عن طريق تغليفها بشعارات ذات طابع عربي. مع تولّي بشّار الاسد السلطة، صار هناك حزب جديد يعتمد عليه النظام السوري ويمثّل شريان الحياة بالنسبة اليه. هذا الحزب هو النظام الايراني الذي يرسل عناصر من "حزب الله" واخرى تنتمي الى ميليشيات مذهبية عراقية لخوض المعارك التي تستهدف اخضاع المدن والبلدات السنّية في سوريا وحماية ممرّ يربط دويلة ايران، القائمةفي سهل البقاع اللبناني وعاصمتها مدينة بعلبك التاريخية، بالساحل السوري. مطلوب ايرانيا تنفيذ هذا المشروع حتى لو كلّف ذلك تهجير مليون سوري من حمص وتدمير القصير على اهلها وتطويق بلدة عرسال اللبنانية من كلّ جانب... ثمة جانب آخر لا يمكن تجاهله لدى الحديث عن البعث في سوريا والقيادة القطرية للحزب وحتى القيادة القومية التي لم تكن يوما سوى اداة لابتزاز هذه الدولة العربية أو تلك. يتمثّل هذا الجانب في ان بشّار نفسهيقول أنّه يعرف أن السوريين يكرهون الحزب وكلّ ما هو بعثي. لكنّه يقول أيضا أن السوريين يحبونه وهم معجبون به! من يفكّر بهذه الطريقة، انما هو شخص لا علاقة له بما يدور على الارض السورية. كان الاعتقاد السائد أن الرئيس السوري لا يعرف شيئا عن لبنان. وقد تبيّن أن ذلك صحيح. من يعتقد حاليا أنّ في الامكان الضحك على السوريين عن طريق الاتيان بقيادة قطرية جديدة للبعث، انما لا يعرف شيئا عن سوريا أيضا. ما يسعى اليه السوريون يتجاوز البعث وما شابه البعث وشعارات النظام من "مقاومة" و"ممانعة". ما يسعى اليه السوريون يتمثل في التخلّص من النظام الذي لم يكن يوما سوى آلة قتل وظلم وتعذيب. لم تعد المسألة مسألة بعث. تجاوزت الاحداث البعث هذا ما يفترض في الرئيس السوري أن يعرفه ويدركه. يمكن تلخيص المسألة السورية في السنة 2013 بأنّ البلد في حرب أهلية تتخذ يوما بعد يوما طابعا مذهبيا. تحوّلت ايران بدعم روسي مكشوف الى جزء لا يتجزّأ من هذه الحرب، بل محرّكها الاساسي. المؤسف في الامر أنه كلما بقي النظام المرفوض من شعبه في السلطة، كلّما زاد التطرّف في صفوف ابناء الشعب الثائر. هل هذا ما تريده ايران التي ترى في التطرف السنّي، الذي تشجّعه بكل الوسائل الممكنة، مبررا لوجود ميليشيات مذهبية تابعة لها في هذا البلد العربي أو ذاك، بدءا باليمن والبحرين وصولا الى لبنان والعراق وسوريا نفسها؟ ما على المحكّ مستقبل سوريا... وليس مستقبل البعث. البعث ينتمي بشعاراته وادبياته الى الماضي لا أكثر. استُخدم في تخريب سوريا وتدمير مؤسساتها المدنية، كما استخدم في تخريب العراق وتسهيل ايصاله الى ما وصل اليه اليوم. أدّى الحزب كلّ المهمّات المطلوبة منه. هل ينجح في مهمّته الاخيرة المتمثلة في تسليم سوريا، أو جزء منها، الى ايران؟

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل ينجح البعث السوري في مهمّته الاخيرة هل ينجح البعث السوري في مهمّته الاخيرة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 17:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 00:01 2020 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

الرجاء البيضاوي يتعثر أمام الزمالك المصري في المغرب

GMT 12:40 2021 الإثنين ,24 أيار / مايو

بريشة : علي خليل

GMT 21:12 2019 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

فساتين صيف تزيد من بهجة إطلالتك من "ريزورت 2020"

GMT 10:42 2019 الخميس ,07 شباط / فبراير

أسعد يُشيد بإمكانات مصر في مجال التكنولوجيا

GMT 04:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

منتجع "جبل نوح" يوفر تجربة سياحية فريدة من نوعها
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia