رهان اخوان  مصرعلى إرهاب سيناء

رهان اخوان مصر...على إرهاب سيناء

رهان اخوان مصر...على إرهاب سيناء

 تونس اليوم -

رهان اخوان  مصرعلى إرهاب سيناء

خيرالله خيرالله

كان مهمّا انقاذ مصر. انتقلت مصر من بلد متجه الى الغرق حتما... الى بلد يمتلك أملا بالتعافي على الرغم من مشاكله الكبيرة. في طليعة هذه المشاكل، الجهل الذي يسعى الاخوان المسلمون الى تعميمه مستفيدين قبل كلّ شيء من ستة عقود من حكم العسكر. بدأ حكم العسكر بتجربة اشتراكية فاشلة افقرت الناس وعلمتهم على الكسل وقادت الى الهزيمة العربية في عهد جمال عبدالناصر ... وانتهت برأسمالية متوحشة لم تعرف كيف التعامل مع ظاهرة التطرف الديني التي راحت تغزو المجتمع وتنتشر فيه انتشار النار في الهشيم. هذا لا يعني في طبيعة الحال أن اليد العربية الممدودة قادرة وحدها على اعادة مصر الى العصر الذهبي، أي الى ما كانت عليه في العهد الملكي قبل أن ينقل العسكر الريف الى المدينة بدل العمل على تطوير الريف والمدينة في آن. هذا يعني أن لدى مصر أملا في الانتقال الى وضع أفضل نسبيا بعدما ساعدت نفسها أوّلا. ساعدت نفسها عن طريق الثورة الثانية، "ثورة 30 يونيو" التي صححت مسار الثورة الاولى، "ثورة 25 يناير" التي خطفها الاخوان. بكلام أوضح، لو لم تساعد مصر نفسها أوّلا وتتخلّص من حكم الاخوان، الذي لم يكن محمد مرسي سوى واجهة له، لما كانت تلك المبادرة العربية التي قادتها دولة الامارات العربية المتحدة وسارت فيها المملكة العربية السعودية ثم الكويت.هذه المبادرة مرشّحة لأن تتسع دائرتها، خصوصا أنها وضعت الادارة الاميركية أمام أمر واقع وأخرجتها، الى حدّ ما، من حال التذبذب والحيرة التي تعاني منها. أو على الاصحّ التي يعاني منها الرئيس باراك اوباما...الرئيس الحائر أبدا ودائما، خصوصا عندما يتعلّق الامر بفهم الشرق الاوسط والثورات الشعبية فيه على غرار الثورة السورية. اثبت بعض العرب المهتمين بحماية شعبهم من التطرف والجهل والتجهيل أنهم قادرون على اتخاذ الموقف الصحيح متى دعت الحاجة الى ذلك، خصوصا عندما يتعلّق الامر ببلد في أهمّية  مصر ستكون لسقوطه انعكاسات سلبية على كلّ المنطقة. كلّ ما في الامر أنّ بعض العرب قبلوا اخيرا تحمّل مسؤولياتهم وذلك ليس تجاه بلد في أهمية مصر فحسب، بل تجاه أنفسهم وتجاه شعوبهم أيضا. انها رسالة واضحة فحواها أنّ هناك استعدادا لمواجهة التطرف بكلّ تسمياته، أيا يكن شكل الاقنعة التي يرتديها أو الخيول التي يركبها لتحقيق غاياته. وهذه الغايات معروفة جيدا، بل أكثر من اللزوم وتتلخص بالاستيلاء على السلطة بكل الوسائل المتوافرة، بما فيها الانتخابات التي تجرى بطريقة متسرّعة. بمساعدة الشعب المصري الذي نزل بالملايين الى الشارع يوم الثلاثين من حزيران- يونيو الماضي وبدعم من المؤسسة العسكرية التي انحازت الى الشعب، استطاع العرب الفاعلون، أي عرب الاعتدال، التصرّف. كسبوا جولة أولى في المواجهة مع  التطرف الديني بكلّ اشكاله. الاهمّ من ذلك كلّه، أنّ هذه الجولة ساهمت في كشف حقيقة الاخوان المسلمين وما زرعوه في مصر نفسها وفي محيطها، في سيناء وفي قطاع غزة. أكثر من ذلك، جعلت خسارة الجولة الأولى القياديين الاخوانيين يفقدون صوابهم واعصابهم، فكشفوا حقيقة ما يضمرونه لمصر. انهم بكلّ صراحة يراهنون على شقّ المؤسسة العسكرية المصرية. فما دامت المؤسسة العسكرية متماسكة، لا يمكن للاخوان الاّ أن يخسروا الجولة الثانية التي قد تكون الاخيرة. ما نشهده حاليا في سيناء من هجمات على المواقع العسكرية المصرية، وهي هجمات مدعومة من "حماس" التي جعلت من غزة قاعدة خلفية للارهابيين والارهاب، جزء لا يتجزّا من الحرب على المؤسسة العسكرية المصرية. تبدو المؤسسة العسكرية مستهدفة أكثر من أي وقت، خصوصا بعدما تبيّن، أقله الى الآن، أن الخرق الاخواني لها محدود جدا، حتى يمكن القول أنه لا يذكر. فوجئ الاخوان بانحياز المؤسسة العسكرية للشعب المصري. فاجأهم، بعد عزل محمّد مرسي، وجود أطراف عربية مستعدة للمساعدة في انقاذ مصر. أطراف تستثمر في الاعتدال وليس في التطرف، في العلم وليس في الجهل. أطراف يهمها أولا وأخيرا الاستقرار في المنطقة. ولذلك، لم تعبأ هذه الاطراف بما تريده الولايات المتحدة واعتبرت بكلّ بساطة أن مستقبل مصر من الاهمّية الى درجة لا يمكن تركه في يدي رئيس اميركي حائر... فرض عب الاعتدال اجندتهم على الادارة الاميركية. صحيح أن مصر لم تبلغ بعد شاطئ الأمان، لكن الصحيح ايضا أنها خطت خطوة مهة في هذا الاتجاه. هناك قبل كلّ شيء مرحلة انتقالية لا بدّ منها. مثل هذه المرحلة تسمح بالتفكير في كيفية معالجة مشاكل مصر، وهي مشاكل حقيقية تبدأ باعادة هيبة الدولة ومواجهة التطرف الديني والارهاب بكلّ اشكالهما، اي فرض الامن مجددا، وتنتهي بوقفالنمو السكاني العشوائي مرورا بالزراعة والصناعة والاقتصاد ومستوى التعليم ومدن القناة ومياه النيل... انّها لائحة مشاكل من النوع الذي لا ينتهي. على الرغم من كثرة هذه المشاكل التي تجعل مصر في أزمة عميقة، كان لا بدّ من متنفس اسمه المرحلة الانتقالية. لعلّ هذه المرحلة تسمح بالتفكير في كيفية الاستعانة بأفضل العقول المصرية وأكثرها انفتاحا على العلم والمعرفة بحثا عن بداية مخرج من الازمة. مثل هذه البداية يمكن أن تقضي على أي أمل بنجاح الاخوان في رهانهم على شقّ المؤسسة العسكرية. كذلك، يمكن  أن تساعد العرب، عرب الاعتدال، في  تقديم مزيد من المساعدات لمصر كي تعود ارض الكنانة عنصر توازن على الصعيد الاقليمي. انه التوازن الذي يفتقده الشرق الاوسط، وكلّ ما هو عربي فيه، أكثر من أيّ وقت في أيّامنا هذه...خصوصا نتيجة سقوط العراق في احضان ايران.  

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رهان اخوان  مصرعلى إرهاب سيناء رهان اخوان  مصرعلى إرهاب سيناء



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 17:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 00:01 2020 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

الرجاء البيضاوي يتعثر أمام الزمالك المصري في المغرب

GMT 12:40 2021 الإثنين ,24 أيار / مايو

بريشة : علي خليل

GMT 21:12 2019 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

فساتين صيف تزيد من بهجة إطلالتك من "ريزورت 2020"

GMT 10:42 2019 الخميس ,07 شباط / فبراير

أسعد يُشيد بإمكانات مصر في مجال التكنولوجيا

GMT 04:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

منتجع "جبل نوح" يوفر تجربة سياحية فريدة من نوعها
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia