حماس في سيناء وحزب الله في سوريا

"حماس" في سيناء و"حزب الله" في سوريا...

"حماس" في سيناء و"حزب الله" في سوريا...

 تونس اليوم -

حماس في سيناء وحزب الله في سوريا

خيرالله خيرالله

من يحتاج الى دليل على أن مصر في عهد الاخوان لم تعد مصر، يستطيع التركيز قليلا على الوضع في سيناء الذي يستخدم في عملية ابتزاز واضحة للشعب المصري. كان ملفتا أن تكون سيناء منطلق الردّ الاول على تحرّك قسم كبير، بل الاكبر، من الشعب المصري، بدعم من المؤسسة العسكرية، لاعادة الامور الى نصابها في البلد العربي الاكبر. لم يعد سرّا أنّ هناك تواطؤا على كلّ المستويات بين الاخوان المسلمين المصريين وحركة "حماس" التي اقامت "أمارة طالبانية" في قطاع غزة المرتبطة جغرافيا بسيناء. مثل هذا التواطؤ أكثر من طبيعي نظرا الى أن "حماس" جزء لا يتجزّا من تنظيم الاخوان وهي تعتبر نفسها معنية بما يدور في القاهرة بمقدار ما هي معنية بالسيطرة على غزة وتمدد نفوذها في اتجاه سيناء. أكثر من ذلك، تبيّن أنّ "حماس" معنية مباشرة بمن يمتلك السلطة في القاهرة. أنها تسمح لنفسها حتى بمهاجمة القضاء المصري بسبب ادانته الرئيس المخلوع الدكتور محمّد مرسي. انحازت "حماس" الى تنظيم مصري، ترى فيه شقيقا لها، بدل المحافظة على موقف محايد مما يدور في مصر. يظهر ذلك أن "حماس" لا تمتلك قضية مرتبطة بالقضية الفلسطينية وتحقيق طموحاته المشروعة. على العكس من ذلك، انّ "حماس" غير مهتمة بما تستطيع مصر، كمصر، تقديمه لقضية الشعب الفلسطيني ومشروعه الوطني. قضيتها كانت ولا تزال في مكان آخر بعيد جدا عن فلسطين. يبدو همّها محصورا اكثر من أيّ وقت في من يحكم مصر وكيف يمكن تغيير طبيعة المجتمع المصري أكثر مما تغيّر. في الواقع، قبل سقوط الرئيس حسني مبارك، كان هناك نفوذ لـ"حماس" في كلّ الاراضي المصرية. صارت مصر الشغل الشاغل للحركة بعدما أهمل مبارك وقسم من الفريق المحيط به الوضع في قطاع غزة وفي سيناء. غاب العقل السياسي الذي يدرك أبعاد سيطرة "حماس" على غزة ونشرها لثقافة فوضى السلاح في القطاع وسيناء في الوقت نفسه. بكلام أوضح، انقلبت الآية. بدل أن تكون غزة دائرة في الفلك المصري، اصبحت مصر في فلك غزّاوي، أي في فلك تنظيم متخلّف يعتبر أن همّه يجب أن ينصبّ على تغيير طبيعة المجتمع الفلسطيني في غزة وليس التخلص من الاحتلالالاسرائيلي للضفة الغربية والقدس الشرقية أو البحث في كيفية الحصول على دعم مصري للمشروع الوطني الفلسطيني المتمثّل في اقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف وتضمّ الضفة والقطاع. كان هدف "حماس" في السنوات الاخيرة محصورا في كيفية تعميم فوضى السلاح كي تشمل سيناء خدمة لمشروع لا علاقة له من قريب أو بعيد بالقضية الفلسطينية. مثل هذا المشروع يخدم مصلحة الاخوان المسلمين عموما ويخدم حكما النظام الايراني الذي لا يزال يسيطر على قسم من "حماس" وعلى مجموعات اخرى تابعة له مباشرة موزعة بين غزة وسيناء. جاء الآن وقت تحرّك هذه المجموعات بغية افشال المشروع الوطني المصري الذي يمكن أن يلد من رحم "خارطة الطريق". مثل هذا المشروع يصبّ في اقامة دولة عصرية ذات مؤسسات راسخة بديلا من دولة يديرها الاخوان على غرار "الامارة" التي أنشأتها "حماس" في غزة. كشفت الثورة المصرية الثانية "حماس". كشفت أولوياتها وكشفت خصوصا أنّ كلّ ما تسعى اليه يصبّ في خانة مساعدة الاخوان المصريين في الاستحواذ على السلطة والاحتفاظ بها الى ما لا نهاية. لو لم يكن الامر كذلك، لكانت التزمت حدا ادنى الحياد في تعاطيها مع ثورة الشعب المصري على الاخوان المسلمين. هذه الثورة أكثر من حقيقية نظرا الى انها تمثل رفضا للانقلاب الذي نفّذه الاخوان بهدف أخونة مؤسسة الدولة المصرية. لم ينتفض المصريون على الاخوان وعلى ما يرمز اليه مرسي بسبب فوز الاخير في انتخابات الرئاسة. ثار المصريون لانّهم وجدوا أنّ الاخوان يسعون الى وضع اليد على مؤسسات الدولة المصرية، بما في ذلك الشرطة والجيش وذلك كي لا يعود مجال لانتخابات رئاسية أو غير رئاسية تسمح بالتداول السلمي على السلطة. كذلك ثاروا لأنّ الاخوان بعدما وجدوا أنّ هؤلاء لا يمتلكون أي مشروع لدولة عصرية على علاقة من قريب  بما يدور في العالم. لم يعد مستغربا أن تشمل الثورة سيناء والوضع الامني في سيناء الذي في أساسه "الامارة الطالبانية" في غزة. هناك بكلّ بساطة علاقة مباشرة وعضوية بين الاخوان في القاهرة والاخوان في غزة. الاخطر من ذلك كلّه أنّ الاخوان في القاهرة لم يعد لديهم من مثل اعلى يحتذون به سوى مثل غزة. هذا ما يفسّر الى حدّ كبير التعاون القائم بين الجانبين والذي جعل "حماس" تنسى أن قضيتها في مكان آخر... لا يشبه تدخل "حماس" في مصر وتغطيتها للهجمات التي يتعرّض لها الجيش المصري في سيناء سوى تدخل "حزب الله" في سوريا انطلاقا من الاراضي اللبنانية. فتحت شعار "المقاومة" تدعم "حماس" الاخوان المصريين. وتحت شعار "المقاومة" أيضا ينفض "حزب الله" على الشعب السوري الساعي الى التخلص من الظلم والقهر واستعادة كرامته. في الحالتين، هناك دور لـ"المقاومة". في الحالتين انّه دور لا علاقة له بـ"المقاومة" من قريب أو بعيد.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حماس في سيناء وحزب الله في سوريا حماس في سيناء وحزب الله في سوريا



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 17:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 00:01 2020 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

الرجاء البيضاوي يتعثر أمام الزمالك المصري في المغرب

GMT 12:40 2021 الإثنين ,24 أيار / مايو

بريشة : علي خليل

GMT 21:12 2019 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

فساتين صيف تزيد من بهجة إطلالتك من "ريزورت 2020"

GMT 10:42 2019 الخميس ,07 شباط / فبراير

أسعد يُشيد بإمكانات مصر في مجال التكنولوجيا

GMT 04:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

منتجع "جبل نوح" يوفر تجربة سياحية فريدة من نوعها
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia