أخوان مصرومشكلة العودة الى صندوق الاقتراع

أخوان مصر...ومشكلة العودة الى صندوق الاقتراع

أخوان مصر...ومشكلة العودة الى صندوق الاقتراع

 تونس اليوم -

أخوان مصرومشكلة العودة الى صندوق الاقتراع

خيرالله خيرالله

تقوم كلّ الحملة التي يشنها الاخوان المسلمون على الشعب المصري من أجل الاحتفاظ بالسلطة الى ما لا نهاية على كلمة واحدة هي "الشرعية". يركّز الاخوان المسلمون في مصر على "الشرعية" في محاولة لاعادة الدكتور محمّد مرسي الى الرئاسة. قد تكون "الشرعية" مبررا كافيا للمطالبة باعادة عقارب الساعة الى خلف...في حال كانت هناك "شرعية" حقيقية مستندة الى انتخابات جرت في ظروف طبيعية. ولكن في حال مصر، لا وجود لمثل هذه "الشرعية" التي تسمح للاخوان بالعودة الى السلطة عن طريق واجهة في موقع رئيس الجمهورية. فما بني على باطل لا يمكن وصفه الّا بأنّه باطل. لا يستطيع أحد تزوير التاريخ، خصوصا عندما يتعلّق الامر بأحداث لم يمرّ عليها الزمن. لا يمكن الكلام عن "شرعية" من اي نوع كان عندما يكون هناك ملايين المصريين يعتبرون أنفسهم تعرّضوا لخداع الاخوان المسلمين. تبيّن مع مرور الوقت أن هؤلاء يستطيعون الهدم ولا علاقة لهم بالبناء...وأن كلّ ما سعوا اليه يتمثّل في الاستيلاء على السلطة والاحتفاظ بها الى ما لا نهاية عن طريق صناديق الاقتراع. لدى الاخوان، في كلّ مكان، شبق لا مثيل له الى السلطة ولا شيء آخر غير السلطة. هناك بكلّ بساطة مشكلة بين الاخوان وصندوق الاقتراع، أو على الاصحّ مع العودة الى صندوق الاقتراع. لا لشيء سوى لأنّ صندوق الاقتراع يعني قبل أيّ شيء آخر التداول السلمي للسلطة. انه ليس مجرّد وسيلة تستخدم للوصول الى السلطة والبقاء فيها كما يشتهي الاخوان. بكلام أوضح، لا وجود لانتخابات من اجل الانتخابات. الانتخابات تتويج لمسيرة ديموقراطية تقوم أوّل ما تقوم على الاعتراف بالآخر وبحقه بممارسة نشاطه السياسي بكلّ حرّية. هذا من جهة. أمّا من جهة أخرى، تعني الديموقراطية أوّل ما تعني احترام مؤسسات الدولة واستمراريتها. ما حصل في مصر أنّ أوّل ما فعله الاخوان هو المسّ بهذه المؤسسات. حاولوا بكلّ وقاحة تحويل الدولة المصرية الى دولة للاخوان. هذا ما لم يسمح به المصريون. هذا ما لم تسمح به المؤسسة العسكرية التي كانت شريكا في "ثورة الخامس والعشرين من يناير" التي خطفها الاخوان. كشف الاخوان لعبتهم باكرا. انقلبوا على المؤسسة العسكرية التي لعبت دورا محوريا في حمل الرئيس حسني مبارك على التنحي عن السلطة. استخفّ الاخوان بالمؤسسة العسكرية، مثلما استخفوا بالشعب المصري. اعتقدوا أن اللعبة هي لعبة تذاك. وقعوا في فخ لعبة التذاكي. هذا كلّ ما في الامر. تبيّن ان الشعب المصري ليس بالغباء الذي يعتقدون وأن المؤسسة العسكرية تمتلك ما يكفي من الوعي لادراك أنّ ليس في استطاعتها أن تنتهي أسيرة تنظيم متخلّف يعتقد أنّه يكفي تجهيل الشعب المصري من أجل الامساك به وجعله أداة طيعة في يد تنظيم ديني لا يستطيع التعاطي الجدّي مع أي مشكلة مصرية. لا شرعية من أي نوع كان للاخوان، لا في مصر ولا في غير مصر. لا يمكن بناء شرعية على هدم مؤسسات الدولة بدءا بالقوات المسلحة وصولا الى القضاء مرورا بوزارة الداخلية والمحافظات. بلغت الوقاحة بالاخوان، في أواخر عهد محمد مرسي، حدّا لا يستطيع عاقل تصوّره. عيّن شخص مسؤول بشكل مباشر عن ضرب السياحة واستهداف السيّاح محافظا لاسوان. لم يكن ذلك تصرّفا معزولا عن سياسة عامة تصبّ في تغيير طبيعة المجتمع المصري بهدف تدجين المصريين والسيطرة عليهم. انّ نجاح تجربة اسقاط الاخوان في مصر لا يمكن الاّ أن تكون لها انعكاسات ايجابية على المنطقة كلّها. ولذلك، لا يمكن الاّ توجيه الشكر لكلّ عربي سعى الى دعم الثورة الحقيقية، "ثورة الثلاثين من يونيو" التي اطاحت حكم الاخوان غير المأسوف عليه. للمرّة الاولى في التاريخ الحديث يقدم العرب الواعون على عمل ايجابي يصبّ في خدمة الاجيال الصاعدة. ما قامت به دولة الامارات، التي سارعت المملكة العربية السعودية والكويت الى اللحاق بها، لا يمكن الاستهانة به. فسقوط مصر كان يعني سقوط المنطقة كلّها. الاهمّ من ذلك كلّه، أن تحرّك العرب الواعين، وبينهم الملك عبدالله الثاني الذي أصرّ على زيارة القاهرة ولقاء الرئيس الموقت عدلي منصور وكبار المسؤولين المصريين، أجبر الادارة الاميركية على اعادة النظر في موقفها بعدما سايرت الاخوان المسلمين طويلا ارضاء لايران واسرائيل في الوقت ذاته. نعم، ايران واسرائيل في الوقت ذاته! تبدو ورقة "الشرعية" التي يسعى الاخوان الى استخدامها من النوع الذي مرّ عليه الزمن. أيّ شرعية لنظام متواطئ كلّ التواطؤ مع "الامارة الطالبانية" التي اقامتها "حماس" في قطاع غزة؟ أيّ شرعيةلنظام لا يجد مثالا أعلى يحتذي به سوى تجربة "حماس" في غزة، وهي تجربة بائسة لم تجلب على الفلسطينيين سوى الويلات وساهمت في زرع فوضى السلاح في سيناء بما بات يهددالامن المصري كلّه؟ من يريد شرعية حقيقية وليس "شرعية" مستمدة من عملية خطف موصوفة لـ"ثورة الخامس والعشرين من يناير" ولطعن في الظهر للمؤسسة العسكرية ثم لطموحات الشعب المصري وتطلعاته، لا يبتزّ دول الخليج العربي عن طريق اقامة علاقات مع ايران ولا يضع غزة مثلا أعلى له. هناك شرعية و"شرعية". ما حصل في مصر كان سحبا لـ"شرعية" مزيّفة ونهاية للعبة سمجة. لا بدّمن أن تكون للحدث المصري انعكاساته الاقليمية، خصوصا داخل غزّة حيث تتظاهر "حماس" وهي فرع من فروع الاخوان بأنّ لا علاقة لها بما يجري في القاهرة وأنها بعيدة كلّ البعد عن الانتشار الارهابي في سيناء ومناطق مصرية أخرى. كان لا بدّ من انقاذ مصر. كان انقاذ مصر أكثر من ضرورة، خصوصا أن لا شرعية لمن لا أساس لشرعيته. فما بني على باطل، حتى لو كان عملية انتخابية في ظروف أكثر من مريبة، لا يستطيع استخدام هذه الورقة لاقامة نظام ديكتاتوري. هذا النظام الديكتاتوري، الذي لم يعمّر أكثر من سنة، جعل المصريين يترحمون على حسني مبارك...وحتى على جمال عبدالناصر، بطل هزيمة 1967، الذي لم تكن لديه سوى حسنة وحيدة تتمثل في مقاومته للاخوان...

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أخوان مصرومشكلة العودة الى صندوق الاقتراع أخوان مصرومشكلة العودة الى صندوق الاقتراع



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 17:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 00:01 2020 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

الرجاء البيضاوي يتعثر أمام الزمالك المصري في المغرب

GMT 12:40 2021 الإثنين ,24 أيار / مايو

بريشة : علي خليل

GMT 21:12 2019 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

فساتين صيف تزيد من بهجة إطلالتك من "ريزورت 2020"

GMT 10:42 2019 الخميس ,07 شباط / فبراير

أسعد يُشيد بإمكانات مصر في مجال التكنولوجيا

GMT 04:52 2015 الثلاثاء ,14 تموز / يوليو

منتجع "جبل نوح" يوفر تجربة سياحية فريدة من نوعها
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia