الشرق الأوسط مشكلة مرور

الشرق الأوسط.. مشكلة مرور

الشرق الأوسط.. مشكلة مرور

 تونس اليوم -

الشرق الأوسط مشكلة مرور

بقلم : مأمون فندي

كلما أمعنت النظر في الاضطراب الحادث في الشرق الأوسط تدرك أننا بصورة مبسطة أمام مشكلة في المقام الأول٬ وهي مشكلة مرور عصية على الحل٬ لأننا لا نتناولها من كل أبعادها. في عدة جلسات للعصف الفكري وليوم كامل٬ حاول معهد لندن للدراسات الاسترايجية أن يقوم بجرد حساب لخمس سنوات ما بعد انطلاق ما ُس ِّمي اصطلا ًحا الربي َع العربي.

وكان واض ًحا أن واحدة من مشكلات الربيع هي أن اهتمام منطقتنا والعالم انصب على تغيير سائق السيارة ولم يهتم لا بمواصفات السيارة نفسها ولا بقواعد المرور. في العربة المسماة مصر كان الاهتمام بأن يرحل السائق (حسني مبارك) ليأتي بدلاً منه سائق جديد نختاره نحن٬ فاختار الشعب محمد مرسي ولما وجد طريقة سيرة عشوائية «وسيلبس السيارة في الحيط»٬ قمنا بتغيير السائق مرة أخرى٬ ولكن٬ لا بد أن نهتم الآن بقوانين السير في مصر غير المطابقة للمواصفات٬ وهذا ما قاله لنا صندوق النقد الدولي من خلال إصراره على إصلاح السيارة (مصر) وتعديل قوانين السير لتتوافق مع القوانين الدولية. لن يمنحنا الصندوق القرض البالغة قيمته 12 مليار دولار إلا إذا ذهبت السيارة إلى الورشة٬ وهذا سيعطل حياة الركاب ويزيد الأجرة من خلال تعويم الجنيه (أي تقليص الفارق ما بين قيمة الجنيه في البنوك والسوق السوداء)٬ فبينما سعر الدولار في البنوك هو ثمانية جنيهات للدولار الواحد٬ نجده في السوق السوداء مساوًيا لضعف السعر٬ ليصل إلى 17 جني ًها٬ ومع ذلك فقد جاء حديث السفير ناصر كامل٬ ٬ حيث ذكر الحضور أن مصر أنجزت خارطة الطريق من خلال كتابة دستور واختيار أعضاء ا متفائلاً


سفير مصر بلندن في مؤتمر معهد لندن للدراسات الاستراتيجية٬ حديث برلمان وانتخاب رئيس٬ ولكنه لم يجب عن الأسئلة المعقدة عن بوابة خروج مصر من أزمتها.

وجاء حديث الأمير محمد بن نواف٬ سفير المملكة العربية السعودية٬ متركًزا على تلك العربة الطائشة على الطريق الإقليمي السريع والمعروفة بإيران٬ ووصف سلوك إيران بأنه سلوك غير منضبط٬ لأن إيران لا تتصرف كدولة٬ ولكنها تتصرف كثورة أو ثور هائج في الإقليم٬ سيارة إيران الطائشة لديها القدرة على تعطيل حركة المرور كلها في الإقليم٬ فهي تتدخل على الأرض في سوريا والعراق واليمن ولبنان من خلال منظمة «حزب الله» في لبنان وسوريا ومنظمات شبيهة في العراق واليمن.

أما وزير الدفاع الأسبق وكذلك وزير الخارجية في حكومة توني بلير ورئيس لجنة الاستخبارات والأمن في البرلمان البريطاني٬ السير مالكوم ريفكند٬ فقد وصف المشهد تشبه أزمات السير٬ ولكنه نظر إليها من منظور غربي٬ حيث تحدث عن غياب

الاستراتيجي الإقليمي بوصف لا يبتعد كثي ًرا عن صورة الدولة كسيارة٬ وأن الأزمة هي فعلاً رجل المرور أو المنظم للقوانين في الإقليم٬ فقد رأى أن انسحاب أميركا وبريطانيا من الإقليم هو الذي أوصلنا إلى تلك الكارثة التي نحن فيها٬ وأن دخول روسيا كشرطي إقليمي بديل يعقد الأمور ولا يحلها. فدخول روسيا في سوريا اليوم يضع الإقليم في ورطة٬ فإذا أرادت تركيا مثلاً ومعها أميركا فرض حظر جوي في شمال سوريا٬ فإن أي حادثة طارئة ستدخل العالم في مواجهة مع الروس٬ وتلك مشكلة كبرى للسلم والأمن العالميين.

أزمة المرور في العالم العربي خطيرة٬ فيها سيارات فقد القائد السيطرة عليها فاصطدمت بالرصيف وقتلت من عليه (العربتان السورية والعراقية)٬ وأن السيارة من المحتمل أن تتكسر تما ًما ولا يبقى أمامنا سوى حماية الركاب والاتصال بشركات التأمين. هناك سيارات مقسومة إلى نصفين٬ ومع ذلك تحاول السير٬ مثل اليمن٬ وهناك سيارات تسير بشكل غير مركز وهي أمام منحنى خطر في الطريق٬ وهناك بالطبع أخطار الطريق الأخرى٬ مثل الإرهاب والجماعات الإرهابية٬ وهو المساوي لعاصفة رملية أو ثلجية. أما ندوة الإعلام في المؤتمر٬ فكشفت أننا أمام منحنى تعليمي صعب في التغطية الإعلامية للأحداث منذ بداية الربيع حتى الآن. عربة الإعلام اعتمدت على بنزين السوشيال ميديا السهل٬ فترنحت للدرجة التي قاربت فيها فقدان المصداقية٬ إذ انحازت إلى الرأي أكثر من المعلومة والصورة على حساب الكلمة.

الأزمة بالفعل مرورية خانقة٬ سيارات تسير عكس الاتجاه٬ وعربات دون ترخيص٬) وهنا أقصد الحركات مثل الجماعات المتطرفة والتنظيمات المتطرفة٬ مثل «حزب الله» في لبنان٬ وما شابهه في سوريا والعراق واليمن».

التحدي أمامنا في العالم العربي ليس تغيير السائق٬ كما حدث مع مبارك ومرسي في الحالة المصرية أو حتى تغيير الأسد في الحالة السورية٬ المطلوب النظر إلى تلك السيارات المهترئة وإصلاحها والتأكد أنها لا تنتج ملوثات للبيئة من آيديولوجيات التطرف والتعليم السيئ. كما أنه يتعين علينا في المقام الأول أن ندرك أن السيارات هذه تحمل ركاًبا٬ وأن مصلحة الركاب (المواطنين أو الشعب) فوق كل اعتبار.

وأن قوانين السير تتبع حقوق الإنسان حسب المعايير العالمية٬ عندئذ تكون عندنا بيئة استراتيجية تسمح باستقرار نوعي يسمح بنوع من التقدم يأخذنا إلى مصاف الأمم المتقدمة. المنطقة منذ أحداث الربيع العربي تحتاج إلى جردة حساب مبنية على المعلومات الحقيقية لا المعلومات المسّيسة أو الملونة٬ فقط عندها يمكننا أن نبدأ بداية مقبولة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرق الأوسط مشكلة مرور الشرق الأوسط مشكلة مرور



GMT 09:43 2019 الإثنين ,18 شباط / فبراير

الإمام والبابا

GMT 09:37 2019 الإثنين ,04 شباط / فبراير

صباح الأحمد

GMT 02:52 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

نظام عالمي جديد؟

GMT 03:56 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

الإعلام الجديد

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 20:44 2016 الثلاثاء ,19 تموز / يوليو

فوائد المستكة

GMT 03:16 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

قائمة بـ10 أحجار كريمة تجلب الحظ السعيد

GMT 03:38 2016 الإثنين ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

حيل سهلة لتغيير إطلالة الشّعر من دون قصه

GMT 02:47 2015 الخميس ,16 تموز / يوليو

اختتام بطولة شجع فريقك في نادي مسقط

GMT 01:01 2021 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

ميرهان حسين تعلق على تشبيهها بكيم كارداشيان

GMT 03:36 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

علامة تحذير خطيرة في البول لمرض السكري النوع 2

GMT 13:50 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

منافس جديد آخر لهواتف سامسونغ من Xiaomi

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 20:31 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

5 أسباب شائعة لألم الصدر أثناء ممارسة تمرين الجرى
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia