ولا تزال الحيرة مستمرة

ولا تزال الحيرة مستمرة !

ولا تزال الحيرة مستمرة !

 تونس اليوم -

ولا تزال الحيرة مستمرة

بقلم : طارق الحميد

إبان ما عرف بالربيع العربي كتبت أن مصر غير تونس المختلفة عن ليبيا، وجميعها غير سوريا، وثارت ثائرة البعض، وإن أدركوا مؤخرًا رجاحة ذلك، واليوم وبعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا نعود لنفس أزمة التعميم، والاصطفاف. في تركيا تقوم الدولة الآن بـ«انتقام»، وفي لحظة انفعال قال الرئيس إن محاولة الانقلاب الفاشلة «هدية من الله لتطهير الجيش».وهذا ما يتم فعلاً، ما يعني المساس ببنية الدولة، وبلغ عدد المعتقلين والمفصولين ستين ألفًا، من العسكر، والقضاء، والتعليم، وسيأتي دور الإعلام، والخصوم السياسيين، فمسار الأحداث يشي بذلك. ورغم كل هذا نجد في منطقتنا جدلاً بين المثقفين، والإعلام، وكذلك الإسلاميين الحركيين، بين مؤيد لانتقام أنقرة، وبين معتبر أن فشل الانقلاب هو انتصار للديمقراطية، والعلمانية. والسؤال هنا: من يتعرضون للإقصاء في تركيا، وبحسب تصريحات الرئيس والمسؤولين، هم المحسوبون على الداعية فتح الله غولن، أي الإسلاميين، وبالتالي سيتم إبدالهم بإسلاميين آخرين محسوبين على حزب العدالة والتنمية، حزب الرئيس، فما الذي تغير؟ وأي مستقبل ينتظر تركيا، وهناك أتراك لا يستهان بأعدادهم ليسوا إسلاميين، بالمعنى الحركي؟وهل مقبول أن تقوم الحكومة، أي حكومة، بتغيير تركيبة المجتمع وفقًا لأهوائها كلما فازت بالانتخابات، أو بعد كل حدث؟ أم أن الأصل والمطلوب هو منهج جامع مفيد للدولة، أي دولة، يسهم بنموها وتطورها، وفق منطق الدولة؟ فاز الإخوان المسلمون بحكم مصر فأرادوا التغيير والإقصاء ثاني يوم، متجاهلين العقد الاجتماعي، ومكونات المجتمع الأخرى، خصوصًا من هم غير إسلاميين حركيين، فأين نقف؟ وما هو مفهوم الدولة بعد كل ذلك؟ ويكفي تأمل تجربة حل الجيش العراقي، وحل حزب البعث بشكل انتقامي، وليس وفق القوانين.والأمر نفسه في الجدال حول العلمانية، والقول بانتصارها بعد فشل الانقلاب، فوسط الممجدين لعلمانية تركيا، والمهاجمين لها، السؤال هو: عن أي علمانية نتحدث؟ وهل العلمانية التي يتم الدفاع عنها في تركيا هي علمانية قومية أم علمانية ليبرالية؟ وبالطبع هناك فروق رئيسية بين العلمانيتين، ومهما بدا بينهما من تقاطع، فعلمانية تركيا القومية ليست علمانية أوروبا الليبرالية. فعن أي علمانية نتحدث، وأي انتصار ذاك الذي تحقق طالما أن الحكومة التركية تغير في تركيبة الجيش الحامي لعلمانيتها؟ هذا في حال كنت مناصرًا للعلمانية. وإذا كنت ضدها، وتعتقد أن إردوغان مجبور على مسايرة النظام العلماني إلى أن تتحقق له فرصة تطبيق نظامه الإسلامي، فلماذا تلوم فتح الله غولن إذًا، بحال كان هو فعلاً المخطط للانقلاب، فكلاهما إسلامي؟ بل وما رأيك بما فعله الغنوشي في تونس حين أعلن تخلي حزبه الإخواني عن الإسلام السياسي؟الخلاصة أنه لا يوجد أبيض وأسود في قضايا المنطقة، والأكيد أن الحيرة ستستمر، ولأسباب عدة؛ أهمها غياب البحث الجاد، ونقص التعليم المتحرر من ضغوط التيارات، والأهواء، وفوق كل ذلك ضبابية مفهوم الدولة أمام هذه الأحزاب المنفلتة في منطقتنا.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ولا تزال الحيرة مستمرة ولا تزال الحيرة مستمرة



GMT 05:55 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

روسيا تدافع عن نفسها لا الأسد

GMT 05:40 2017 الخميس ,13 إبريل / نيسان

بوتين يحذر إيران والأسد

GMT 05:55 2017 الأربعاء ,12 إبريل / نيسان

سورية... ما بعد الضربة الأميركية!

GMT 06:02 2017 الثلاثاء ,11 إبريل / نيسان

سورية... وماذا عن إسرائيل؟

GMT 05:53 2017 الأحد ,12 شباط / فبراير

أين يعيش الأسد؟

GMT 15:12 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 19:35 2016 الثلاثاء ,23 آب / أغسطس

8 فوائد صحية لأكل الهليون

GMT 01:10 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على طرق وأساليب تعليم طفل 4 سنوات الكتابة

GMT 18:51 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 14:53 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

تعرّف على موعد صرف الزيادة الجديدة على المعاشات

GMT 13:14 2014 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

حزب "الحقيقة" السوداني يعلن خوضه للانتخابات

GMT 09:59 2021 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

وفاة مخرج جيمس بوند البريطاني مايكل أبتيد عن 79 عاما
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia