لافروف ومنطق الدفاع عن الأسد

لافروف ومنطق الدفاع عن الأسد

لافروف ومنطق الدفاع عن الأسد

 تونس اليوم -

لافروف ومنطق الدفاع عن الأسد

طارق الحميد

في معرض شرحه لمبادرة الرئيس بوتين لمكافحة الإرهاب، دافع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن شرعية بشار الأسد، وعدم منطقية المطالبة برحيله بالقول: «من المستحيل أن يكون الأسد شرعيًا فيما يخص أغراض تدمير الأسلحة الكيماوية، في الوقت الذي ليست له شرعية لمكافحة الإرهاب. يبدو أن المنطق ناقص هناك».


والحقيقة أن هذه هي المرة الثانية التي يكرر فيها الوزير لافروف هذه الجدلية، أو التبرير، وبشكل علني، دفاعًا عن الأسد. ونحن هنا أمام أمرين؛ فإما أن الوزير لافروف مقتنع تمامًا بما يقول، وإما أنه يكرر هذا التبرير لأنه لم يجد من يتصدى لهذا المنطق، ويفنده. تعاون الأسد من خلال تسليمه لأسلحته الكيماوية، وذلك بعد التهديد الأميركي باستخدام القوة ضده، أي الأسد، لا يمنح مجرم دمشق الشرعية، ولا يعني أنه قد تم الاعتراف به، عربيًا أو دوليًا، فتسليم الأسد لأسلحته الكيماوية لم يكن نتاج صفقة تنتهي بتبييض صفحة النظام الدموية، بل كانت لتجنيبه عواقب دولية كان يفترض أن تنتج عنها ضربة عسكرية في وقتها. وكان الأولى بالروس، وغيرهم، ممن يتشدقون بالقوانين الدولية، أن يشرعوا وفور تسليم الأسد لأسلحته تلك بالتحقيق حول كيفية حصوله عليها؟ وعبر من؟ وكان الأولى بالروس أيضًا أن يسعوا إلى تحقيق دولي حول استخدام الأسد لتلك الأسلحة ضد الشعب السوري الأعزل، وهي جريمة مثبتة، وكان ولا يزال، من المفروض معاقبة الأسد على استخدامه للأسلحة الكيماوية ضد السوريين، وليس اعتبار تسليمه لتلك الأسلحة حجة للتعاون معه، أو تبييض صفحته.


وطالما أن الحديث هنا هو عن مبادرة الرئيس بوتين لمكافحة الإرهاب في العراق، وسوريا، وغيرهما، فما الفرق بين بشار الأسد الذي استخدم، ويستخدم، الكيماوي لقتل السوريين، هذا عدا عن إلقاء البراميل المتفجرة عليهم يوميًا، و«داعش» التي تحرق، وتجز الرؤوس؟ ما الفرق بين الأسد و«داعش»؟ بالطبع لا فرق، كله قتل وحشي وهمجي، فهل إذا تعاونت «داعش»، مثلا، وأوقفت الذبح بالسكين، يمكن التعاطي معها لأنها توقفت عن استخدام أساليب وحشية في ترويع الآمنين، وكما فعل الأسد حين سلم أسلحته الكيماوية؟ بالطبع لا، وهذا منطق لا يستقيم، وحجة ضعيفة واهية.


وعليه، فإن أفضل سبل مكافحة الإرهاب في المنطقة، ليست الدفاع عن المجرمين، بل في تشديد حرمة الدم، وعدم التساهل حيال ذلك، وهو الأمر الذي يتطلب وقف التدخلات الطائفية، وكما تفعل إيران وأتباعها من حزب الله وغيره، في لبنان وسوريا والعراق الذي هو بحاجة ماسة لنبذ الطائفية الرسمية، وضرورة الشروع بمصالحة سياسية. حينها ستكون محاربة الإرهاب معركة مضمون الانتصار فيها، ولو طال الوقت، أما الدفاع عن الأسد، وتبرير جرائمه، ومحاولة منحه الشرعية، فإنه لن يؤدي إلى نجاح «داعش» وحسب، بل وإلى ظهور ما هو أسوأ منها، وحينها سيكون الضرر أكبر مما نرى بكثير، وعلى الجميع.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لافروف ومنطق الدفاع عن الأسد لافروف ومنطق الدفاع عن الأسد



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 17:36 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

الهلال السعودي يخوض خمس مواجهات تجريبية

GMT 13:46 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الثور الخميس 29-10-2020

GMT 06:35 2016 الإثنين ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"الغذاء والدواء" تضبط 250 تنكة زيت زيتون مغشوش في الأردن

GMT 10:25 2021 الأحد ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صيحات فزع بسبب أزمة الأدوية المفقودة في تونس

GMT 04:45 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

ارفعوا أياديكم عن محمد صلاح
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia