اجتثاث في العراق وعزل في ليبيا

اجتثاث في العراق وعزل في ليبيا!

اجتثاث في العراق وعزل في ليبيا!

 تونس اليوم -

اجتثاث في العراق وعزل في ليبيا

عبد الرحمن الراشد

معمر القذافي حكم ليبيا واحدا وأربعين عاما، وهذا يعني عمليا أنه لا يوجد ليبي واحد لم يعمل في دولته، مدرسا أو سفيرا أو شرطيا أو إعلاميا، أو أي وظيفة كانت، إلا من ولد وعاش في الخارج. حكم القذافي ليبيا حكما شموليا لا يرحم، مما يعني أن قانون العزل، وكما قال أحدهم، يعني عزل كل الليبيين. من الجلي أن في ليبيا صراعات على الحكم بين الفرقاء المنتصرين، وبعض الذين فشلوا في الانتخابات لجأوا إلى إحياء أسلوب القذافي في الحكم، بحمل السلاح لتخويف الخصوم بتصفيتهم، وجاهروا بمحاصرة مؤسسات الدولة وتهديد أعضاء المؤتمر الوطني، أي البرلمان، الذي صوت على قرار العزل في ظروف لا تمت للديمقراطية بصلة. الذين يحاصرون الوزارات ويهددون نواب البرلمان عمليا هم نتاج القذافي، وأولاده فكريا. يرفضون النظام الديمقراطي، ويؤمنون بفرض مطالبهم بالقوة، كما كانت تفعل اللجان الشعبية ومؤتمراتها التي اخترعها القذافي. هؤلاء هم منتج ثقافة وتربية نظام شمولي، في حين أن المستهدفين بالعزل هم الذين اختارهم الشعب الليبي بالأغلبية، جماعة يؤمنون بالدستور ودولة القانون، وبكل أسف هناك من يستغل هذه الجماعات المسلحة الخارجة على القانون لفرض مواقفه وتحالفاته الخارجية. «ميليشيات القذافي» هذه تطبق قرار العزل السياسي المنسوخ عن مشروع اجتثاث البعث في العراق، الذي حمله أحمد الجلبي للتخلص من خصومه السياسيين، وبفضله يحكم نوري المالكي اليوم البلاد بنفس الديكتاتورية التي حكم بها صدام حسين. أحد المشمولين بالعزل هو أحد أهم أبطال المعارضة.. واجه القذافي لثلاثين عاما متواصلة، محمد المقريف، من مؤسسي الجبهة الوطنية للإنقاذ في مطلع الثمانينات، وقد حاول القذافي اغتياله. عندما بدأ المقريف معارضة القذافي والسعي لإسقاطه لم يولد نصف الذين يتهمونه اليوم ويخونونه. هؤلاء حاربوا القذافي ستة أشهر، أما المقريف ورفاقه فقد حاربوه ثلاثين عاما. وحتى عندما تعزل شخصية معتبرة مثل مصطفى عبد الجليل، بنفس الحجة، هذا يعني إفشال مشروع ليبيا الجديدة، والعودة بها إلى نظام القذافي وكتابه الأخضر ولجانه الثورية من شبيحة المجتمع وبلطجيته، وكل قيمتهم السلاح الذي يحملونه. العزل يجوز في حق رموزه الذين خدموا النظام ولم يعارضوه، وليس كل من عمل فيه، أو انتفض ضده. ولو أن فرنسا طبقت قرار العزل بعد تحررها من ألمانيا لما وجد بطل تحريرها، شارل ديغول، وظيفة لنفسه. وكذلك الحبيب بورقيبة في تونس، وجمال عبد الناصر ورفاقه الذين كانوا جزءا من نخبة عسكر الكلية الحربية. وفق نظام الاجتثاث العراقي والعزل الليبي لا مكان لهؤلاء، مثل المقريف ومحمود جبريل ومصطفى عبد الجليل ومئات غيرهم، الذين هم فعليا من أسقط القذافي. وما يدعو للسخرية أن في الإعلام الخارجي من يدعو ويحرض على عزل الوطنيين بحجة أنهم عملوا في ليبيا في فترة ما، خلال أربعين عاما مضت، في حين أنهم الذين كانوا حلفاء القذافي يأخذونه بالأحضان ويدافعون عن جرائمه الداخلية والخارجية. نقلا عن جريدة الشرق الاوسط

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اجتثاث في العراق وعزل في ليبيا اجتثاث في العراق وعزل في ليبيا



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 13:46 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الثور الخميس 29-10-2020

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 18:05 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

200 ألف طفل يعانون من اضطرابات طيف التوحد في تونس

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia