الرئيس العراقي في الرياض

الرئيس العراقي في الرياض

الرئيس العراقي في الرياض

 تونس اليوم -

الرئيس العراقي في الرياض

عبد الرحمن الراشد
بقلم - عبد الرحمن الراشد

بين العاصمتين تتأرجح التطلعات بين أقصى نقطة في التعاون الشامل، وأدناها بالاكتفاء بالدبلوماسية التقليدية. لهذا؛ يجيء للرياض الرئيس العراقي الجديد، الدكتور برهم صالح، في وقت تنتظر العلاقات تنشيطها، انسجاماً مع تحرك الأوضاع الإقليمية، وحتى العراقية الداخلية. هذه إطلالته الأولى منذ انتخابه من قِبل البرلمان العراقي. الرياض مسك ختام جولته، مع أن أحد مساعديه قال كانت الرياض المحطة الأولى لولا أن الزيارات الملكية لمناطق المملكة كانت قد برمجت. لهذا؛ فهو يصل إلى السعودية ولديه اطلاع مباشر على مواقف الدول في محيط العراق.
الرئاسة العراقية تبدأ عهدها والوقت يدعو للتفاؤل لإكمال رحلة عبور الجسر فوق الهاوية، التي نجحت الرئاسة السابقة في تفادي السقوط فيها، حيث ألغام إيران وسوريا والإرهاب. الرئيس برهم صالح ينشد تضامن دول الجوار مع بلاده، واحترام الجميع لسيادتها وسلامة أراضيها، ولا تكون ممراً للجيوش، ولا ساحة للاحتراب الإقليمي.
وأزمات الصيف المنصرم بينت تنوع التحديات التي تواجه حكومة بغداد الجديدة، عدا عن ميليشيات إيران العابرة للحدود، والعراقية الممولة من إيران، وبقايا تنظيم داعش المنكسر، وفلوله الهاربة من حرب سوريا... عدا عن كل هذه القضايا الخطيرة فقد عصفت بالحكومة السابقة أزمات لا تقل خطورة، انفجر الغضب الشعبي بسبب تلوث المياه وانقطاع الكهرباء. الحكومة الجديدة تواجه الأزمات نفسها؛ العلاقات الملوثة مع طهران مع المياه الملوثة، وستحتاج إلى جهد سياسي كبير لتأمين الأمن والاستقرار والخدمات المعيشية، والبدء في التنمية.
السعودية، بين الدول الست المجاورة، أقدر على مساعدة السلطات العراقية في أن تتحول نحو التنمية الاقتصادية. وقد سمى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في كلمته في مؤتمر الاستثمار الأخير، العراق بين الدول التي تنبأ لها بالنجاح الاقتصادي الإقليمي.
على الأرض وعلى الخريطة، العراق بين جارين متنافسين؛ السعودية وإيران. والعلاقة الثلاثية بين الرياض وبغداد وطهران متشابكة ومعقدة. ويبقى الخيار للمسؤولين في العراق، في أن يقرروا كيف يريدون ترتيبها والتعامل مع الحكومتين. السعودية وإيران، كلتاهما تعتبر العراق امتدادها الجغرافي السياسي، وخطها الدفاعي الأول، ويمكن أن يكون مصدر الاستقرار مثلما يمكن أن يكون مصدر الاضطراب. ورغم التشابه في الرؤى تبقى الفوارق واضحة في تناقض الممارسات. السعودية تريد العراق ممراً إلى سوريا وتركيا ووسط آسيا، تعبر منه حافلات الحجاج والمعتمرين والشاحنات الغذائية والمنتجات الصناعية. أما إيران فتريد استخدام العراق طريقاً سريعة لنقل المقاتلين والسلاح وتمويل حروبها في المنطقة. الرياض تريد العراق بلداً مستقراً وناجحاً مثلما ترى مصر، تستطيع أن تتكئ عليه لتأمين حدودها، وتزدهر التجارة معه. أما نظام إيران فيريد أن يبقي على العراق بقرة حلوباً لتحدي الحصار الاقتصادي الغربي، وتمويل نشاطات «فيلق القدس» و«حزب الله» وغيرهما في سوريا ولبنان. هذه ممارسات نظام المرشد الأعلى في أفغانستان وباكستان، يصدّر إليهما الفوضى والمقاتلين والسلاح.
تستطيع السعودية أن تكون شريكاً اقتصاديا كبيراً، وتساهم في نهضته، وتعزز استقرار سلطته المركزية حتى لا تكون تحت إدارة جنرالات الحرب في إيران. والعراق لاحقاً ربما يستطيع أن يلعب دوراً في مرحلة ما بعد العقوبات الاقتصادية الأميركية، بدفع طهران نحو الاعتدال وليس فتح الحدود لها للتخريب وشن الحروب.
الرئيس برهم صاحب تجربة سياسية وحكومية مميزة، عرفناه رمز العراق الموحد، والعراق الحديث. عاش حياته السياسية نظيفاً بعيداً عن الصراعات الطائفية والعرقية، معظم أفكاره تحولت إلى مشروعات على الأرض في التنمية والتعليم والتعايش. فقد تشرفت بالعمل معه عن قرب، في مجلس أمناء الجامعة الأميركية في كردستان التي فتحت أبوابها لكل العراقيين، أسست ومارست نشاطاتها في أوج مراحل الإرهاب والتنازع المحلي.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرئيس العراقي في الرياض الرئيس العراقي في الرياض



GMT 08:13 2021 الثلاثاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

تصفير الخلافات منذ اتفاق العلا

GMT 08:13 2021 السبت ,04 كانون الأول / ديسمبر

«البوليفارد» مسرح التغيير الكبير

GMT 08:27 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

صعود القذافي الابن

GMT 07:39 2021 الأحد ,31 تشرين الأول / أكتوبر

بين الرياض وبيروت

GMT 04:28 2021 الخميس ,30 أيلول / سبتمبر

الخلاف حول اليمن

GMT 15:48 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

لا تتورط في مشاكل الآخرين ولا تجازف

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:37 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 19:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 06:28 2020 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

إيقاف منفذي محاولة اغتيال النائب أحمد موحى

GMT 15:27 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

إتيكيت حل الخلافات بين الزوجين

GMT 20:34 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

حلول عمليّة لإعداد ديكور صالات الشقق الصغيرة

GMT 21:12 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

"SsangYong" تطلق سيارة فائقة للسباقات الصحراوية

GMT 09:07 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

الفراشة تولِّد إعصاراً

GMT 11:40 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

مجموعه من افكار الديكور و صور ديكور مميزه وراقي

GMT 13:03 2019 الأحد ,12 أيار / مايو

شركة "شاومي" تطلق السيارة Redmi
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia