عقد على غيابه صفقوا صفقوا

عقد على غيابه: صفقوا... صفقوا

عقد على غيابه: صفقوا... صفقوا

 تونس اليوم -

عقد على غيابه صفقوا صفقوا

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

لا أدري إذا كانت نقطة ضعف أنيس منصور أنه كان كل الأشياء معاً أم هي قوّته. لكنه برع في الكثير منها، خصوصاً الزاوية القصيرة، أو «عمود» الصفحة الأخيرة، وهو تقليد أُخذ عن الصحافة الأميركية، حيث صارت الأخيرة في مقام الأولى، ولكن بالتنوع والوجدانية والانطباعات والاعترافات الشخصية. درس أنيس الفلسفة، ثم درّسها. لكنه اكتشف أن هذا العمل الراقي يدرّ عليه 5 جنيهات شهرياً، ما يكفي لوجبتي غداء وعشاء. فيما قرر له كامل الشناوي 60 جنيهاً في الشهر عندما ضمّه إلى صحيفة «الأساس». ومن هو كامل الشناوي هذا؟ هذا أطيب وأكرم وأذكى خلق الله كلهم، كما في وصف أنيس. ومن هو الرجل الثاني بعد كامل، سيد العشاق وأحزنهم وأمير الصحافيين من دون إمارة، الذي يصرف راتبه وقروضه على عشاوات الباشوات والصحافيين؟ هو أيضاً كامل الشناوي. «وليس أحسن منه راوياً ومحدثاً ومضحكاً. إنه آخر الظرفاء في تاريخ الأدب والصحافة. فهو أستاذ النكتة والشياكة والقفشة الذكية»... وليس له مثيل في تاريخ الصحافة كل «العصور». لن تجد أنيس، الضنين عامة بكل شيء، يغدق كل هذه المشاعر على إنسان آخر. فهو عملي منطقي ديكارتي من أيام الفلسفة وأستاذه عبد الرحمن بدوي. ولا تظهر العاطفة في آلاف المقالات التي كتبها، إلا عندما يتحدث عن أمه، أو عن جمال خالته، التي يبدو أنها كانت سيدة يفوق جمالها، معدل العائلة والمرحلة. لكن طاب له أن يلقَّب بـ«عدو المرأة»، وأن يُنتقَد ويهاجَم بسبب ذلك من النساء والرجال. لم يلتفت إلى ذلك كثيراً. كان يقول إن الممثل يمل من تكرار الكلام نفسه كل يوم، والضحكات نفسها. لكنه لا يمل أبداً من التصفيق وتكرار التصفيق. وأعتقد أن فيه شيئاً من ذلك. كان يهمه النجاح والتفوق وأن يكون ذكره إلى جانب العمالقة، خصوصاً أساتذته، الذين أحبهم وتعلّم منهم وساعدوه على صنع شهرته. وعلى نحو خاص مصطفى وعلي أمين. وكان معجباً بتجربتهما في تجديد الصحافة، واختصار الخبر والصياغة المباشرة. وهذا يعني أنه لم يكن معجباً بـ«الأهرام» ومدرسة هيكل وحبه التزويق والاستطراد، مع أنه نقل عموده إلى الصفحة الأخيرة منها. وفي سنواته الأخيرة كان يوزع غزارته اليومية على عمودين، واحد في «الشرق الأوسط» والثاني في «الأهرام». ولم يكن يراعي رغبات هذا الجمهور أو ذاك، وإنما مخزونه الخاص، وفيه رحلته إلى إندونيسيا، أو السهرة عند محمد عبد الوهاب. ولم ينجح الصديق عبد الوهاب في تحاليل العالم النفسي الأنيس. فهذا المطرب الأول في الشرق، كان يعرف أن حياة الحنجرة محدودة، ولذلك ركز على التلحين. وأغنية «من غير ليه» التي كانت آخر ما غنى، لم يضعها لنفسه، بل لعبد الحليم حافظ. لكن عندما توفي «الحليم» وجد عبد الوهاب نفسه أمام خيار واحد، وهو أن يغنيها هو.
وصدف أن غنّاها يومها للمرة الأولى في قاعة «ألبرت هول» في لندن. وذهبتُ لسماع «موسيقار الشرق» يغني أغنيته الأخيرة، لكننا استمعنا إلى رجل في الثامنة والثمانين لم يبقَ في حنجرته إلا القليل من حنجرة «الهوى والشباب». ولم يطرب أحد لهذا الإخفاق. وندمنا أننا شهدنا عليه.
إلى اللقاء...

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عقد على غيابه صفقوا صفقوا عقد على غيابه صفقوا صفقوا



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 06:26 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

اصطدام قطار بشاحنة نقل في ولاية صفاقس التونسية

GMT 13:14 2020 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

موديلات سلاسل ذهب أبيض ناعمة

GMT 17:35 2020 الجمعة ,02 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مسرحية سميحة أيوب مع سمير العصفوري

GMT 15:42 2013 الإثنين ,25 آذار/ مارس

جينيفر لوبيز في ثوب من التول الذهبي

GMT 19:04 2021 السبت ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

جنوح قاطرة وعربة للقطار الرابط بين تونس والدهماني

GMT 05:31 2016 السبت ,26 آذار/ مارس

البردقوش فوائده واستخدامه

GMT 11:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

اصطياد سمكة قرش عملاقة يزيد عمرها عن 50 عامًا

GMT 11:55 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

مظلات حدائق منزلية بتصاميم عصرية ومميزة

GMT 09:06 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

17 مليار دينار قيمة المشاريع المعطلة في تونس

GMT 13:06 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

أفكار جديدة لتزيين المنزل لعيد الأضحى 2021
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia