ضفادع ضفادع

ضفادع... ضفادع

ضفادع... ضفادع

 تونس اليوم -

ضفادع ضفادع

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

طار اللبنانيون فرحاً عندما نجح الرئيس نجيب ميقاتي في الحصول على رضى رئيس الجمهورية، وسمح له بتشكيل حكومة حملت، كالعادة، بعض المفاجآت. فالوزراء الجدد الذين أوحى وأوصى بهم جبران باسيل أشهروا فوراً عينات من خبراتهم. واحد دعا إلى أكل الضفادع، وآخر دعا إلى إلغاء حفاضات الأطفال. والعودة إلى الأساليب القديمة في حضانة الأجيال الجديدة، مساهمة منه (أي معالي الوزير) في رفع الكابوس عن صدر الاقتصاد اللبناني.
ما أن عقدت الحكومة جلستها الأولى، حتى طار الفرح نفسه هذه المرة. ففيما كان الرئيس ميقاتي يحاول جمع الأضداد وتقريب من لا يقارب ولا يقترب، أطلت مفاجأة الوزير جورج قرداحي وقراءتها الثورية لأحوال العرب، خصوصاً الساكنين منهم في هناءة اليمن السعيد، وسماح المسيرات الحوثية. وهكذا، عاد لبنان سريعاً إلى دنيا الأحجيات. فالحكومة لا تستطيع الاجتماع لأنها إذا اجتمعت انفجرت. وإذا انفجرت، لن يعود من الممكن تشكيل حكومة أخرى خلال هذا القرن. وبعد تفجر الأزمة مع الخليج، أصبح من المحتمل أن يمتد الوضع السياسي برمته إلى نهايات القرن المقبل أيضاً. وبدلاً من أن يسارع الوزير القرداحي إلى التخفيف من حدة الأزمة، إما بالاعتذار أو بالاستقالة، فقد رفض الاثنين معاً، حرصاً على سيادة لبنان واستقلاله وسلامة أراضيه. وفوق ذلك، حرصاً على الازدهار الرهيب والانهيار الشامل الذي يمر به منذ أكثر من عامين.
المحزن أن لا جديد في الأمر، غالباً ما كان أعضاء الحكومات أعداء متربصين. وغالباً ما كانت بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة علاقة حواجز وخنادق وفخاخ. لكن هذه المرة تخطى الواقع السياسي كل ما عرف عن كره وحقد على لبنان، ولا مبالاة بمصيره وتفككه وتحوله إلى دولة فاشلة عائمة فوق بحر من الفقر والخوف واليأس.
كانت الفكرة أن نجيب ميقاتي قادر على إرضاء، أو استرضاء المتناحرين والمتناكفين من أجل أن يخرج العهد في عامه الأخير بشيء من الحدود الدنيا في صورة الدولة وشكل الوطن. لكن أحداً لم يدرك أن انهيار الفكرة اللبنانية قد وصل إلى هذا الحد. وما دام الوزير قرداحي يعتبر أن كرامته أهم من أهم علاقة للبنان مع محيطه العربي، فليس من أمل في أي أمل.
سوف يدخل الوزير قرداحي التاريخ على أنه الرجل الذي في سبيل كرامته السيادية، لم يسأل عن شيء أو أحد. لا عن صداقاته الماضية، ولا عن عتب الأصدقاء، ولا عن مواقفه السابقة. إنها السيادة التي يفاخر بها دائماً الوزير جبران باسيل في كل خطاب يوجهه إلى الأمة ليبلغ اللبنانيين، مقيمين ومغتربين، عما حققه من إنجازات لم يعرف لبنان أسوأ منها في تاريخه، كمثل الطاقة والكهرباء والعزلة السياسية، أو العقوبات التي جرها على بلده.
لم يدمر الوزير قرداحي فقط فرصته بتحوله إلى رجل دولة يعرف أن الاستقالة أحياناً أهم من التوزير. بل دمر كذلك فرص أصدقائه في تعديل الاتجاه الكارثي في السنة الأخيرة من العهد. ودمر حلم الرئيس ميقاتي بحكومة إنقاذية تستطيع انتشال البلد المدمى، ولو أن بعض وزرائها يرون أن الإنقاذ في الضفادع والحفاضات.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضفادع ضفادع ضفادع ضفادع



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 12:13 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

غروبها في يوبيلها الماسي؟

GMT 14:05 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الأسد الخميس 29-10-2020

GMT 05:02 2018 السبت ,11 آب / أغسطس

إذلال؟

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 06:28 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

راشد الغنوشي يوضح أتمنى الشفاء العاجل لنادية عكاشة

GMT 16:04 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

إميليا ويكستيد تضيئ أسبوع لندن للموضة

GMT 07:32 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الشهداء لا يموتون
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia