بقلم : منى بوسمرة
كل الموروث القطري قائم على نقض الوعود والعهود، والذي يقرأ التاريخ يدرك أن نقض العهد ليس سمة من سمات السياسة القطرية هذه الأيام وحسب، بل هو ممارسات انتقلت بالدم جيلاً بعد جيل بين أولئك الذين يحكمون الدوحة، فوق ما فيهم من حقد على جوارهم.
الدوحة تلجأ إلى المراوغة مجدداً، وتسأل عن مطالب دول الخليج العربي من أجل مناقشتها، برغم أنها تعرف قبل الجميع ما الذي تريده هذه الدول، وملخصه أن تتصرف قطر بمسؤولية وتراعي أسس أمن الخليج العربي، وألا تبقى سكيناً مزروعاً في خاصرة العرب، تتآمر هنا وهناك، وتتبنى كل منشق وإرهابي ومجرم، وتصير مهمتها في هذه الحياة دعم الانقلابات والتظاهرات والجماعات الإرهابية.
صفحات الخلاف مع قطر كثيرة، وقد منحت دول التعاون الخليجي الفرصة تلو الفرصة للدوحة لتغيير سياساتها، ومثل كل مرة كانت الدوحة تبحث عن مخرج أزمتها عبر وسطاء من هنا وهناك، وتأتي استجابة دول الجوار الخليجي من باب منح الفرصة للدوحة للالتزام بما يتفق عليه، لكنها مثل كل مرة تستخف بالوسطاء وبالعهود والوعود، بسلوك يعد من أبرز صفات المنافقين الذين يعتبرون نقض العهود مهارة سياسية لازمة لإدارة المشهد وتناقضاته.
حتى لو أعلنت الدوحة غداً استعدادها للتجاوب مع طلبات دول مجلس التعاون الخليجي، وتعهدت شفوياً أو خطياً، وتدخل وسيط ليضمن التعهدات القطرية، فإنه لا أحد يصدق الدوحة، ومن المعيب سياسياً أن تحترف العواصم الكذب عقيدة سياسية، تقول شيئاً في النهار وتفعل عكسه في الليل، ولعلنا نتعجب كيف تدير الدول وجودها على طريقة الأحزاب الباحثة عن شعبيات رخيصة في عالم العرب.
قطر التي تؤشر كل المعلومات إلى خيانتها للعهود والوعود لا تقف عند هذا الحد، بل تسعى إلى التآمر على من تعهدت لهم، وهذا الاستخفاف بالكلف يعبر عن مراهقة سياسية.
هل يمكن للدوحة أن تقول للعرب وللعالم عن أدوارها السرية والعلنية في تخريب اليمن مثلاً، ودعم الحوثيين نكاية بدول عربية أخرى، أو عن دعمها لجماعات محسوبة على القاعدة في سوريا والعراق، وعما تفعله في ليبيا لإفشال كل وصفات الحل عبر الجماعات التي تتلقى مخصصاتها وسلاحها من الدوحة، وعما يجري في فلسطين، من سيطرتها على حركة حماس وحضها على التمرد على السلطة الوطنية الفلسطينية في سياقات شق المشروع الفلسطيني خدمة لإسرائيل، وعما فعلته الدوحة أيضاً ضد البحرين والسعودية، وما نراه من عبث إعلامي وسياسي لأجل تخريب مصر؟!
ثم تخرج الدوحة لتتمسكن وتدعي زوراً المظلومية، وهي التي تعد المتسبب الأول في سفك دماء الأبرياء في العالم العربي، فينام قادتها آمنين بأن لا أحد سوف يحاسبهم، متناسين أن عين الله لا تنام عن الظَلَمة، مثلما أن الشعوب ستقف نهاية المطاف في وجه هذه المظالم وتردع الذين يتسببون فيها.
لا نثق بقطر لتاريخها القائم على الكذب والمراوغة، وهي بحاجة إلى أن تتطهر من هذا الإرث، وهي أيضاً أمام مهمة صعبة جداً أساسها إعلان البراءة من كل ما فعلته سابقاً، وأن تقدم الأدلة قبل التعهدات على أنها ستعود سوية العقل، في وقت تواجه فيه المنطقة تحديات عاصفة ستنال من قطر أولاً.
المصدر : صحيفة البيان