بقلم : منى بوسمرة
بدلاً من الالتزام واحترام ما تتطلبه المرحلة الحساسة التي تمر بها دول مجلس التعاون الخليجي، وهي التزامات ليس صعباً التعامل معها، تتهرب الدوحة من أدنى حدود الالتزام الذي يتطلبه العقل والمنطق والجوار نحو تصنيع أزمة عالمية، والتحشيد ضد دول التعاون بطريقة سيئة، وما تظنه الدوحة خافياً عنا ليس سراً.
الدوحة هنا تعبر في الأساس عن شعورها بالنقيصة، والبحث عن حاضنات دولية لحمايتها، أو للتفاوض معها بخصوص شأن عربي خليجي.
التدويل أشار إليه الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، بأنه لن يؤدي إلى حل المشكلة، فالدوحة بدلاً من أن تستمع إلى ما تريده الإمارات والسعودية والبحرين، وتقدر مكانة أمير الكويت ووساطته والتراجع عن كثير من السياسات، تتخبط بعيداً عن جوارها.
تهرب إلى أحضان إيران تارة وتستقوي بها، ثم تهرب إلى أحضان تركيا وتستغيث بقواتها، وتصعّد من اتصالاتها السياسية مع الروس والأوروبيين والأميركان، ظناً منها أن بإمكانها حشد العالم ضد الإمارات والسعودية والبحرين.
التحشيد السري هو الأخطر مع التدويل، إذ إن المخاطر التي تمثلها علاقات قطر مع تنظيمات إرهابية في هذا التوقيت بالذات، وما قد تسعى إليه الدوحة سراً وتتنكر له لاحقاً من حيث زيادة رقعة العمليات الإرهابية، والمعلومات مؤكدة أنها تشتري آلاف المغردين بالمال من أجل شن حملات ضد الدول الخليجية الثلاث عبر مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام بشكل عام.
هذا التحشيد يأتي تارة تحت عناوين إنسانية ترتبط بالمتضررين من مقاطعتها، وتارة عبر الحديث عن خروقات تخص القانون الدولي، وأن هذه الأزمة أكبر من دول مجلس التعاون الخليجي، وبحاجة إلى تدخل أممي، وتتدرج عمليات التحشيد في سياق سعيها لاختطاف الأزمة من إطارها الداخلي الخليجي إلى إطار أوسع نحو تدويلها.
قطر تناقض نفسها، فهي في الوقت الذي تؤكد فيه أنها جزء من منظومة مجلس التعاون الخليجي، وداعمة له مثلما جاء على لسان وزير الخارجية القطري في تصريحاته البارحة، تسلك كل الطرق من أجل تهديد دول الخليج العربي، كما أنها في ذات الوقت تؤكد إصابتها بعقدة الزعامة حين تريد توظيف الأزمة حتى تبقى تحت أضواء النقاشات العالمية وحتى تُدخل على الأزمة أطرافاً جديدة ليست على صلة بها في الأساس.
محاولتا التدويل والتحشيد ستبوءان بالفشل لعدة اعتبارات، فقطر أولاً ليست مركز العالم حتى يدور العالم حولها وفي فلكها، كما أن الدول التي تستمع إلى الدوحة هي ذات الدول التي لا يمكن لها أن تتجاوز الإمارات والسعودية والبحرين، إضافة إلى أن قطر تريد عبر هذا التدويل والتحشيد التغطية على أساس المشكلة، أي مشكلة تحولها إلى خطر كبير على الأمن العالمي، وأمن المنطقة العربية وأمن الخليج العربي الأكثر حساسية بمعايير العالم.
لا بد أن تقف قطر عند ما تريده دول الخليج العربي، فالحوار الذي تتحدث عنه الدوحة وتريده بدون شروط مسبقة، سبق أن خاضته دول الخليج وخبرنا نتائجه بشكل واضح، وهذا يعني اليوم أن لا حوار إلا إذا أعلنت الدوحة عن تحقيقها لطلبات مجلس التعاون الخليجي، وتخلت عن مشروعها لتصدير الفوضى إلى دول الخليج ذاتها بما يمس الأمن الخليجي، ويرتد بنتائجه على كل العرب.