بقلم : منى بوسمرة
ليست مصادفة أبداً أن تتطابق الدوحة مع طهران، وعلناً هذه المرة، حين تدعو إلى تدويل الحرمين المكي والمدني، تحت عنوان يقول إن هذه المواقع إسلامية، ولا يجوز أن تدار من قبل المملكة العربية السعودية.
السعودية ليست بحاجة أولاً إلى شهادة أحد فيما تقدمه من رعاية لحجاج بيت الله الحرام، وأعمال التوسعة في الحرمين تشهد على جهود ملوك السعودية بلا استثناء، ولقب خادم الحرمين الشريفين لم يأت من فراغ، بل تأسس على موروث يشهد به الجميع في العالم الإسلامي.
الدوحة وكعادتها تقلب الحقائق، وتريد تشويه سمعة السعودية على خلفية المعايير التي وضعتها بشأن الحجاج القطريين، فتدعي أنها تحرم حجاج قطر من أداء المناسك، ولا تعترف أمام شعبها بأن تصرفاتها هي التي أدت إلى منع السفر براً التزاماً من الرياض بما اتفقت عليه مع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب بمقاطعة نظام الدوحة، هذا إضافة إلى أن المملكة جعلت السفر جواً أمراً متاحاً بما يعنيه من معايير تنظيمية أعلى، ولم تمنع القطريين بتاتاً من الوصول إلى مكة والمدينة.
الدوحة هي من أوصل المشهد إلى هذا التعقيد بإغلاقها، أمس، تسجيل الحجاج، ومنعها القطريين من أداء المنسك، وهي بذلك تثبت أنها لا تبالي بشعبها أساساً، في حين تطالب الآخرين بالوقوف عند مطالبها وادعاءاتها التي وصلت حد توظيف المقدس في المدنس، والمقدس هنا هو موسم الحج فيما المدنس هي السياسة القطرية ودعم الإرهاب واستغلال هذه الفريضة الإسلامية لخدمة أهدافها المشبوهة.
لقد استغلت إيران سابقاً موسم الحج بدعوات لتدويل الأماكن المقدسة من باب مناكفة الرياض، ولم يهتم أحد في العالم الإسلامي ولا في غيره بهذه الدعوات، وها هي قطر تلجأ إلى ذات السيناريو لتدويل الحرمين ووضعهما تحت وصاية دولية أو إسلامية، وفي غمرة هذا الكلام تتناسى الدوحة أن الأمر لا يخصها أساساً، فهذا شأن يعود إلى المملكة وإلى أكثر من مليار مسلم يقبلون ويقرون بالدور السعودي إزاء المقدسات، إضافة إلى أن مكة والمدينة تخضعان بالضرورة التنظيمية والأمنية لمفهوم السيادة الوطنية، غير القابلة للتجزئة أو المس أو الاقتراب بأي شكل من الأشكال.
لم تقترب السعودية أساساً من حقوق أي مسلم في أداء مناسك الحج، قطرياً كان أو من أي جنسية أخرى، وما يمكن قوله إنه على الرغم مما يعنيه دخول القطريين كحجاج إلى السعودية من كُلفة أمنية، فقد وضعت السعودية هذا الأمر جانباً، وقالت لحجاج قطر إن الباب مفتوح ضمن شروط منطقية وتتفق مع خدمتها لزوار الحرمين دون النظر إلى جنسياتهم وأماكن قدومهم، وما الحملة القطرية المسعورة إلا دليل على أن الدوحة لقيت لطمة كبيرة في وجه مخططاتها التي تم إفشال مثيلاتها سابقاً.
تبقى رسالة أخيرة للدوحة التي تستجير مجدداً بالمؤسسات الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان بقصد الإساءة لسمعة السعودية، أن كل هذا التباكي لا يغير من الواقع شيئاً، وقد كان الأولى بدلاً من هذه الحالة أن تسترضي الدوحة أشقاءها، وأن تسترد عقلها الذي لا يعرف أحد أين تاه ومن خطفه، وإلى أين مستقره ومآله النهائي.