اعتراف امريكا بفشل برنامجها لتدريب المعارضة السورية

اعتراف امريكا بفشل برنامجها لتدريب المعارضة السورية

اعتراف امريكا بفشل برنامجها لتدريب المعارضة السورية

 تونس اليوم -

اعتراف امريكا بفشل برنامجها لتدريب المعارضة السورية

عبد الباري عطوان

تعيش الادارة الامريكية وحلفاؤها في الشرق الاوسط حالة “انكار” دائمة عنوانها الابرز عدم الاعترافها بفشل استراتيجيتها، والهزيمة في جميع حروبها، واعتمادها في معظم الاحيان على المرتزقة والفاسدين.

هذه الادارة دربت الجيش العراقي وانفقت عليه اكثر من 26 مليار دولار، وانهزم قبل ان ينخرط في اي مواجهة مع قوات “الدولة الاسلامية”، وقادت تدخلا عسكريا في ليبيا، ولم تحصد غير الفوضى الدموية، وحاصرت ايران لاكثر من ثلاثين عاما، ورضخت في نهاية المطاف، ووقعت معها اتفاق يعترف بها كقوة نووية.

النجاح الوحيد الذي يحسب للسياسة الامريكية هو توفير كل اسباب القوة والتفوق والحماية لدولة العدوان الاسرائيلي، وهو نجاح لا يعود لها بالدرجة الاولى، وانما الى خنوع الانظمة العربية وضعفها، وانعدام الوازع الديني والاخلاقي والوطني لدى معظمها، ولا نستثني السلطة الفلسطينية.

حتى هذا النجاح يظل مؤقتا، وبدأ يتآكل وبسرعة ملحوظة، لان هذه الفوضى الدموية التي زرعتها الولايات المتحدة في المنطقة من خلال تدخلاتها العسكرية هي الحاضنة الادفأ للجماعات الاسلامية المتشددة، وهؤلاء سيصلون حتما الى العمق الاسرائيلي، سواء كانوا من اتباع المذهب الشيعي او السني.
***

بالامس اعترف المتحدث باسم ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما ان برنامج وزارة الدفاع (البنتاغون) لتدريب “المعارضة السورية المعتدلة” التي من المفترض ان تقاتل هذه الجماعات المتشددة قبل “الدولة الاسلامية” و”جبهة النصرة” “فشلت فشلا ذريعا”. وقالت قناة “سي بي اس″ الامريكية التي نقلت كلام هذا المتحدث “انه تم القضاء او اختفاء نصف فرقة المقاتلين حتى قبل ان يحتكوا بـ “الدولة الاسلامية”، واضافت ان هذه الخسائر لحقت بهم نتيجة المعارك مع “جبهة النصرة”، ونوهت ان البنتاغون انفق على تدريب 60 مقاتلا خلال شهرين اكثر من 42 مليون دولار، فيما تدقق الاستخبارات الامريكية في صلاحية سبعة آلاف متطوع آخرين، للتأكد من مدى توافقهم مع المعايير الامريكية لقبولهم.

ما هي هذه المعايير الامريكية؟ الاجابة بكل بساطة ان يحارب هؤلاء الجماعات “الجهادية”، وان يكونوا منزوعي الوطنية والاخلاق والكرامة، وكل قيم العروبة والاسلام.. مطلوب من هؤلاء ان يتحولوا الى “مرتزقة” يقاتلون من اجل المال، والمال فقط.

بمعنى آخر ان العقيدة القتالية لهؤلاء هي “حب المال” لا غير، وان يضحوا بأرواحهم من اجل حفنة متواضعة منه، لانهم عاطلون عن العمل، وبلدهم سورية مدمر من قبل الامريكيين، وحلفائهم بالدرجة الاولى.
كيف يمكن ان يصمد هؤلاء او امثالهم في مواجهة اسلاميين، اتفقنا معهم او اختلفنا، عقيدتهم القتالية هي “الشهادة”، ويتنافسون فيما بينهم على ارتداء الاحزمة الناسفة، والوقوف في مقدمة طابور العمليات الانتحارية او “الانغماسية”، حسب ادبياتهم؟

حركة “طالبان” التي قاتلت الاحتلال الامريكي لبلادها طوال الاعوام الـ 14 عاما الماضية تتواضع امام جبهات مقاتلة مثل “الدولة الاسلامية” و”النصرة” و”احرار الشام”، وهزيمة اي من هذه الجماعات على ايدي هؤلاء الشباب المغرر به، تحت مسمى “الاعتدال” شبه مستحيلة، ان لم تكن مستحيلة فعلا، ولذلك سيهربون من الميدان، او سيرفعون رايات الاستسلام البيضاء، او حتى قمصانهم، اذا تعذر عليهم وجودها، بمجرد خروجهم من المعسكرات الامريكية التي يتمركزون فيها.
من الصعب ان نتصور ان امريكا التي فشلت في هزيمة طالبان والمقاومة العراقية، مثلما فشلت في القضاء على تنظيم “القاعدة”، بعد حرب على الارهاب استمرت عشرين عاما، نقول من الصعب عليها ان تهزم “الدولة الاسلامية”، وحتى اذا افترضنا انها نجحت في ذلك بمساعدة حلفائها العرب والاتراك، فان هذه الهزيمة ستكون مؤقتة ومكلفة جدا ماديا وبشريا.

***
امريكا تعتمد في رسم استراتيجياتها على حلفاء فاسدين، وبنوك معلومات تنفق عليها ملايين الدولارات من اجل تقدم معلومات ودراسات لا تمت للحقيقة بصلة، ليس لانها تريد تضليل امريكا، ما عاذ الله، وانما لانها غير مؤهلة عمليا للقيام بأي مهمة نافعة وموضوعية.

اربع سنوات والمخابرات الامريكية تشرف على تسليح المقاتلين لاسقاط النظام السوري، بينما ينشغل الحلفاء العرب والاتراك في تكوين الاجسام السياسية، وينفقون المليارات من الدولارات على التسليح والتمويل وتغطية النفقات، وتشجيع الانشقاقات العسكرية والدبلوماسية، فكيف جاءت النتيجة؟ يبحثون الآن عن حلول سياسية لانقاذ “ماء الوجه” عنوانها الابرز بقاء الرئيس الاسد في قمة السلطة، لمرحلة انتقالية، قد تطول او تقصر، ثم ترتيب انتحابات عامة يعود من خلالها الى الحكم بشرعية صناديق الاقتراع.

امريكا وباختصار شديد، تخدعنا، وتمتص اموالنا، وتفتت بلداننا، وتقتل مئات الآلاف من ابنائنا في حروبها، وهناك من بيننا من يصفق لها.
نحن كعرب ومسلمين نستحق ما هو اكثر من ذلك.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعتراف امريكا بفشل برنامجها لتدريب المعارضة السورية اعتراف امريكا بفشل برنامجها لتدريب المعارضة السورية



GMT 22:46 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

10 فوائد صحية مذهلة لشراب الكركديه

GMT 17:57 2021 الإثنين ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

مؤشرات التشغيل تؤكد ارتفاع نسبة البطالة في تونس

GMT 06:10 2016 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

مدرب منتخب تونس لليد يلغي التدريب الأول في القاهرة

GMT 06:12 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

إرتفاع العجز التجاري التونسي 13.7%

GMT 09:05 2013 الأحد ,26 أيار / مايو

قطة تختار مستشفى الفيوم لولادة صغارها

GMT 04:53 2013 الجمعة ,01 شباط / فبراير

الاحتفال بإشهار "المتحف الوطني" في الأردن

GMT 03:54 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير السيارة الرياضية "بيك آب" لتفاجئ عشاقها

GMT 06:04 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

ملكة إسبانيا أنيقة بالجمبسوت الأحمر

GMT 12:31 2021 الجمعة ,15 كانون الثاني / يناير

كيفية توافق البرج الفلكي لكل أم مع أبنائها

GMT 05:34 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

منزلك أكثر تميّزًا مع الديكورات اليابانية العصرية المودرن
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia