فشل إعادة تعويم الأسد

فشل إعادة تعويم الأسد

فشل إعادة تعويم الأسد

 تونس اليوم -

فشل إعادة تعويم الأسد

مصطفى فحص

انعكست تحولات الوقائع الميدانية على جبهة حلب لصالح قوات المعارضة السورية في عدة اتجاهات سياسية. كان من أبرزها سقوط رهانات نظام الأسد، على تحويل مبادرة المبعوث الدولي دي ميستورا بتجميد القتال في مدينة حلب إلى مكاسب سياسية وعسكرية، وتحويله القوة الوحيدة الجاهزة لتصبح شريكا واقعيا للتحالف الدولي ضد «داعش»، والاعتماد عليه كذراع برية في محاربة التنظيم المتطرف.
فقد ترافقت مبادرة دي ميستورا مع حراك سياسي وإعلامي على الصعيدين الدولي وبعض العربي، يسوق لفكرة التعايش مع نظام الأسد، ويزين أن فكرة إنجاز تسوية في سوريا لا بد أن تقوم على الجمع بين النظام والمعارضة المعتدلة، وتوحيدهما، أولا من أجل محاربة التطرف، وثانيا أن تكون تحت سقف النظام، وذلك بحجة أن الأولوية في هذه المرحلة تصب في محاربة التطرف المتمثل بالتهديد الذي يشكله «داعش» و«القاعدة» للأمن والاستقرار الدوليين، مع إغفال كل القرارات الدولية، ومنها قرارات «جنيف 1 و2»، التي اتخذت أساسا بناء على فكرة الدخول في مرحلة انتقالية مشروطة بعدم وجود الأسد.
حاولت موسكو التقاط إشارات دي ميستورا واستغلالها، ومقاربة مواقف إدارة البيت الأبيض المتناقضة في أولوياتها، التي بدت غامضة في المرحلة الأخيرة تجاه الحل في سوريا، والتي زادها غموضا عدم تطرق أوباما في خطابه الأخير عن حال الاتحاد إلى الأسد ونظامه، واقتصار حديثه على التهديد الذي يشكله «داعش»، مما شجعها على رفض التطرق إلى مستقبل الأسد في أعمال المؤتمر الذي رعت فيه حوارا بين معارضين سوريين بصفتهم الشخصية ووفد يمثل النظام، حيث كان كل هدفها منه عدم الاعتراف بالتشكيلات الرسمية للمعارضة السورية، بغرض تشتيتها، وترسيخ فكرة أن النظام باق، ولم تعد هناك جدوى من الحديث عن رحيله.
في حين كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» ومجلة «فورن أفيرز» مجموعة من الآراء يجري تداولها في واشنطن، تدعو إلى التعايش مع النظام السوري، واعتبار المعارضة السياسية السورية قد فشلت في تقديم البديل المقنع، وأن تقوية الفصائل المسلحة المعتدلة تحتاج إلى وقت طويل. الأمر الذي يبرر للإدارة الأميركية عودتها إلى التعامل مع النظام القائم، باعتباره أمرا واقعا لا يمكن تخطيه.
واندلع في مقابل ذلك جدل دولي وإقليمي، حول إمكانية أن يضحي البيت الأبيض بتحالفات واشنطن التاريخية في المنطقة، ويعطي موسكو وطهران الفرصة التي تمكنهما من إنجاز تسوية في سوريا على قياس مصالحهما، تحقق لهما سياسيا ما لم تفلح الآلة العسكرية في تحقيقه على مدى أربع سنوات.
عندها، ومن أجل لملمة الموضوع، سارعت الخارجية الأميركية، عشية وصول الوفد الأميركي الكبير إلى الرياض لتقديم واجب العزاء في رحيل الملك عبد الله بن عبد العزيز، إلى نفي ما ورد في الصحف الأميركية، ثم عادت وأكدت أن النظام ارتكب فظائع لا يمكن التغاضي عنها، في أي عملية سياسية انتقالية، وفعلت الحديث عن الثوابت السياسية تجاه حلفائها التقليديين في المنطقة، وعن تطابق مصالحها معهم، في الكثير من الملفات.
في هذا الوقت كان الحلفاء، وفي مقدمتهم الرياض وأنقرة، يعاودون تعميم ثوابت رؤيتهم وتأكيدها، حول الحل في سوريا، والتي ترشح عنها موقف سعودي - تركي مدعوم من فرنسا وبريطانيا، يقوم على فكرة توحيد مسار المعركة ضد الأسد و«داعش»، حيث لا يمكن القضاء على واحد دون القضاء على الآخر.. مما شكل انتكاسة فعلية لمشاريع إعادة تعويم الأسد، بحجة مكافحة الإرهاب، أو عدم إيجاد البديل، ووضع موسكو ومن أيدها سرا في بعض العواصم العربية أمام حائط مسدود، فانتهت جهودها إلى خواتيم غير سعيدة لها ولحليفها الأسد.
يبدو أن الأسد وداعميه حاولوا استغلال لحظة إهمال دولي وأميركي للقضية السورية، لكن محاولاتهم باءت مجددا بالفشل، فقد بات من الواضح جدا، بعد فشل مؤتمري موسكو والقاهرة، والتقدم العسكري على جبهة حلب، والتمحور السياسي الصلب، أنه لا مكان للأسد في معادلة التسوية السورية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فشل إعادة تعويم الأسد فشل إعادة تعويم الأسد



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 18:02 2021 الثلاثاء ,13 إبريل / نيسان

الغنوشي يهنئ سعيّد بشهر رمضان

GMT 16:14 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حذف وزارة الشؤون المحلية وإلحاق مهامها بالداخلية التونسية

GMT 09:52 2021 الإثنين ,06 كانون الأول / ديسمبر

3000 مصاب بالسيدا يرفضون المتابعة الطبية في تونس

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 14:23 2014 السبت ,11 تشرين الأول / أكتوبر

"نوني" تطلق تشكيلة من الأحذية الشتوية أنيقة ومميزة

GMT 13:24 2013 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

"الجماعات الإسلامية والعنف" كتاب لمنير أديب

GMT 13:01 2013 الجمعة ,24 أيار / مايو

دب أميركي يتسبب بإغلاق مدرسة في ميشيغان

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 12:31 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

أحدث صيحات فساتين الزفاف بالطبقات موضة لعام 2021
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia