مصر لا تحتمل دخول «الثلاجة»

مصر لا تحتمل دخول «الثلاجة»

مصر لا تحتمل دخول «الثلاجة»

 تونس اليوم -

مصر لا تحتمل دخول «الثلاجة»

محمود مسلم

حالة من الهلع والرعب أصابت الناس فجأة من أحداث الجمعة 28 نوفمبر، ثم انتابت الحكومة الحالة نفسها، فخرجت تهدد وتتوعد. وذهب كل وزير لإطلاق التصريحات، بمن فيهم وزير التعليم، الذى أعلن تأمين المدارس رغم أن الجمعة إجازة رسمية، لدرجة أنك تشعر بأن البلد كله أصبح فى حالة تأهب أو بمعنى أدق «توهان»، خاصة أن مظاهرات 28 نوفمبر لن تكون بنفس قوة أحداث أخرى مرت على مصر بسلام وآخرها ذكرى فض رابعة والنهضة فى 14 أغسطس الماضى.

أشعر بالحزن أن مصر تنشغل بمثل هذه القضايا، وهى أمامها العديد من التحديات والأمنيات المفترض أن تهتم بها لتحقق التقدم وأرى أن السبب المنطقى لحالة الهلع والرعب يعود إلى عملية «الفراغ السياسى» الذى تعيشه البلاد، فحيوية الحكم لا تناسب طاقات وساحات الإعلام المرئى والمسموع والمقروء وكأن مصر تسير إلى مرحلة ركود، فالرئيس منشغل بخطط ورؤى استراتيجية وقضايا الأمن القومى والشئون الخارجية، وهذه أمور لا تجد صدى فى الإعلام، كما أن نتائجها حتماً ستتأخر، أما الحكومة فمنغمسة فى شكليات ولا تملك رؤية أو خطة واضحة ولا تقحم وزراءها فى عش الدبابير، بينما الشعب حائراً لا يجد من يوجهه أو يستثمر طاقاته وينظمها، لذلك لم يكن غريباً أن يتجه الإعلام إلى قضايا تافهة تحتل الشاشات والصحف، بل والمواقع الإلكترونية مثل العناتيل والشذوذ والاغتصاب وزنا المحارم والسحر أو برامج الرقص أو استضافة المتشددين، رغم علم الجميع بأن مصر فى حالة حرب وجود، والمفترض أيضاً أنها فى مرحلة إعادة بناء.

حتى الآن لم يجد الناس ما يروى ظمأهم من متغيرات جذرية فى إدارة الدولة أو برامج تنموية تستوعب الطاقات المعطلة أو رؤية واضحة لمصر فى الأعوام أو الشهور المقبلة. كل ما يحدث نوايا طيبة وتصريحات للاستهلاك المحلى والنجاحات ما زالت فردية، بينما المؤسسات غائبة وحل القضايا المصيرية لم يبدأ بعد مثل مواجهة الفساد، وتطور التعليم والصحة، والإصلاح الإدارى، واستراتيجية فكرية لمواجهة الإرهاب، العدالة الاجتماعية وغيرها. وحتى انتخابات البرلمان يسير فيها الأداء بنفس الارتباك والتخبط لدرجة أن البعض بدأ يشعر بأن أحداً لا يريد الانتخابات سوى الخارج فالحكومة يسعدها تأخر تشكيله لضمان استمرارها رغم سوء أدائها، والأحزاب تخشى المواجهة فتغفل إرجاءها لعدم استعدادها، أما المرشحون المستقلون فلا يرغبون فى الاستعداد حتى تتضح الصورة.. والنتيجة حالة من الفراغ السياسى ليست فى صالح الدولة.

لا يشعر أحد بأن الدولة الجديدة تحاسب أحداً أو تكافئ آخر.. الكل سواسية، لأن النوايا تسبق التقييم والروحانيات ترتفع فوق الدستور والقانون.. والانطباعات تتغلب على المعايير.. والاستسلام لمقولة ليس فى الإمكان أبدع مما كان تتفوق على عمليات البحث عن الكفاءات.. وبالتالى تعانى مصر من حالة فراغ أو تجمد، فلا مسئول يحاسب آخر ولا استعدادات حقيقية للبناء وكله يسير بـ«الحتة» واليومية والتصريحات الوردية.

■■ ستمر مظاهرات 28 نوفمبر كما مرت أيام كثيرة أخرى أرادها الإخوان وعملاؤهم فرصة لإسقاط الدولة، لكن التحدى الأكبر سيظل يطارد السلطة من خلال إشغال الناس والإعلام والمؤسسات ببرامج وقضايا جادة وحقيقية، لأن قضايا مصر ومشكلاتها تحتاج إلى حيوية فى إدارتها تشغل الناس وتمنحهم الأمل ولا تحتمل دخول الثلاجة مرة أخرى!

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر لا تحتمل دخول «الثلاجة» مصر لا تحتمل دخول «الثلاجة»



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 03:58 2016 الإثنين ,21 آذار/ مارس

أهم الفوائد الصحية للزعتر أو الأوريجانو

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 11:26 2020 السبت ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

تسجيل 3 حالات وفاة جديدة بكورونا في زغوان

GMT 08:19 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

إنقاذ 9 بحارة تونسيين من موت محقق في سردينيا الإيطالية

GMT 18:22 2021 الإثنين ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتعزيز إضاءة المنزل في الشتاء

GMT 14:23 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

خانه التعبير واعتذر.. فلِمَ التحشيد إذن!
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia