تفكيك صناعة التطرف

تفكيك صناعة التطرف

تفكيك صناعة التطرف

 تونس اليوم -

تفكيك صناعة التطرف

بقلم - عمرو الشوبكي

رسالة المهندس حازم راضى، أو مقاله بمعنى أدق، تعكس السجال الدائر بين مدرستين إحداهما تحمل النصوص الدينية المتطرفة مسؤولية العنف، والثانية تحمل الواقع الاجتماعى والسياسى، وجاء فيها:

أريد أن تشارك معك بعض الأفكار التى أثارها مقالك «صناعة التطرف».

تعلم أننى من أنصار المدرسة التى ترى أن الإرهاب فى المنطقة العربية ينطلق أساسا من تفسيرات النصوص (المقدسة) التى تدعو إلى العنف والكراهية والإرهاب.

ولكننى أتفق معك أيضا أن البيئة السياسية والاجتماعية والثقافية المريضة هى بمثابة التربة الخصبة التى تنمو فيها هذه الأفكار إلا أن الجهود المبذولة لسحقها وقصها من جذورها ضعيفة ولا تجد أى مساندة من الدولة أو إرادة سياسية تساعد على ذلك حتى الآن.

ولكننى اسمح لى بأن أختلف معك فى أن موجة الإرهاب فى المنطقة العربية سببها وجود مظالم سياسية أو اجتماعية، لأن هذه المظالم كانت السبب الرئيسى فى خروج الشعب المصرى فى 25 يناير ولم تحدث أى حوادث إرهابية.

إذا نظرنا إلى العالم من حولنا سنجد أن الحركات الإرهابية تنشأ فقط من أجل مطالب فئوية أو إقليمية أو عرقية ولكن دون وجود مسوغ دينى لها مما يجعلها أقرب لحركات احتجاجية تحمل السلاح، مما يجعل تدخل الدولة لقمعها مشروعا لحماية كيانها، ولكن فى منطقتنا العربية فإن تشدق هذه الحركات بالنصوص الدينية يجعل تدخل الدولة ضدها يحمل خطر اتهامها بمحاربة الدين.

ربما كانت المظالم الاجتماعية أو السياسية سببا فى نزوع بعض الشباب إلى أحضان هذه الحركات الإرهابية، ولكن هذه الحركات موجودة منذ زمن بعيد من بعد وفاة الرسول. وما هؤلاء الشباب إلا وقود لها حتى يصبح قادتها أمراء وحكاما على الأرض، ولو لاحظت أن معظم أو كل من التحق بأى تنظيم إرهابى قد تعرض أو مر سريعا على أحد الشيوخ الذين يزرعون المفاهيم المغلوطة عن الجهاد والدولة الإسلامية والحاكمية وما شابها من مصطلحات. إن هؤلاء الشيوخ لم يأتوا بهذه المفاهيم من عندهم، بل وجدوها فى الكتب القديمة وفى تفسيرات النصوص المقدسة، والتى تدعو صراحة إلى تحكيم السيف والجزية والجهاد وتأسيس دولة دينية.

إننى على يقين أن المرحلة الأولى من محاربة «صناعة التطرف» هى خلق دولة مدنية (علمانية) لا تخلط الدين بالسياسة، ثم تأتى المرحلة الثانية وهى تهيئة وإصلاح البيئة الاجتماعية والثقافية والسياسية حتى نضمن وجود مجتمع متعلم مثقف لا يشغل باله بدخول الحمام بالرجل اليمنى أم باليسرى، بل بكيفية تعمير الأرض وتزكية نفس الإنسان، وحينها إذا ظهرت أى حركة إرهابية فإنها لن تجد من النصوص ما تلتحف به لخداع الجهلة، وإذا تحججت بالدين فإنها سوف تكون منزوعة الجذور ولن تصمد أمام العلم الحقيقى الذى ينزع عنها لباس الدين وتصبح إرهابا محضا، يحق للدولة سحقه، ولن يجد ملاذا شعبيا أبدا. وإذا كانت هناك مظالم سياسية أو اجتماعية فإن الشعب المتعلم والمثقف سوف يجد طريقا سلميا للتغيير والإصلاح بدون هدم أو تخريب للدولة.

إننى على يقين أن المدرستين ينبغى أن تعملا معا وأن تتقفا وتتعاونا على الوسائل التى تفكك منظومة الإرهاب فى منطقتنا العربية وينبغى أن تساندهما القيادات السياسية فى جميع البلاد العربية. وحفظ الله مصر.

المصدر: المصري اليوم

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تفكيك صناعة التطرف تفكيك صناعة التطرف



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 15:57 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

كيفية تنظيف "شكمان" السيارة في المنزل بطريقة سهلة

GMT 18:30 2017 السبت ,16 أيلول / سبتمبر

مطعم المرسة في الدنمارك الأطراف في العالم

GMT 09:08 2014 الإثنين ,03 آذار/ مارس

هطول أمطار على محافظة حقل في منطقة تبوك

GMT 16:24 2021 السبت ,02 كانون الثاني / يناير

منصة ألعاب مايكروسوفت المُقبلة "Xbox Series S"

GMT 08:36 2016 الأحد ,30 تشرين الأول / أكتوبر

في وداع "غزة"

GMT 17:34 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"ماركس وَسبنسر" تطلق تشكيلتها لخريف 2021 من ملابس النوم النسائية

GMT 12:39 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

هجوم كبير على لاعب الصفاقسي لسوء مستواه

GMT 08:41 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

رامي عيّاش يؤكّد أن بعض الممثّلين آدائهم هزيل أمام تيم حسن

GMT 04:17 2015 الإثنين ,26 كانون الثاني / يناير

رحيل ملك عظيم

GMT 10:41 2014 الجمعة ,21 آذار/ مارس

الحكومة تُسيطر على الإعلامِ في الأردن

GMT 08:21 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

رئيس "بني عبيد" يكشف مؤامرة اتحاد الكرة مع الزمالك
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia