الرهينة

الرهينة

الرهينة

 تونس اليوم -

الرهينة

بقلم : عمرو الشوبكي

لا يختلف عربى عاقل على وزن السعودية فى العالم العربى وعلى قوتها الاقتصادية وتأثيرها السياسى، وأن استقرارها من استقرار المنطقة، كما أن خياراتها عادة خيارات استقرار ومحافظة على الوضع القائم حتى وصفها أحد المثقفين السعوديين الكبار فى ندوة عقدت فى هلسنكى منذ عامين مع وزير الخارجية الإيرانى بأنها دولة Status quo، ولذا فإنها منذ البداية لا ترتاح لنموذج الثورة الإيرانية قبل تعمق الخلافات المذهبية بين السنة والشيعة، والتى لعبت الدولتان دورا كبيرا فى إذكائها.

ولذا بدا ما أقدمت عليه السعودية مؤخرا بحق رئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريرى خارج الطبيعة السعودية نفسها، حين قدمت استقالة غريبة فى مكانها وتوقيتها أثارت علامات استفهام وقلقا على المشروع الجديد فى المملكة الذى امتلك أوجها إصلاحية مشرقة قابلتها أوجه أخرى تثير القلق والصدمة.

فالمؤكد أن استقالة رئيس وزراء دولة ذات سيادة على أرض دولة أخرى أمر مريب ومستهجن، وأن الحجج التى صاغها الحريرى لتبرير «الاستقالة السعودية» لم تكن مقنعة وأثارت، حتى هذه اللحظة، شكوك كل من تابعها.

فمعظم الصحف العالمية ووكالات الأنباء الكبرى تشككت فى الرواية الرسمية السعودية، وأيضا ما قاله الحريرى فى حواره مع قناة المستقبل اللبنانية بأنه لم يجبر على الاستقالة وإنه غير محتجز فى السعودية.

وإذا عاد الحريرى قريبا، كما قال، إلى لبنان فإن هذا لن ينفى تقديمه لاستقالته على أرض دولة أخرى، وهو الأمر الذى فتح الباب أمام معلومات وتحليلات كثيرة بعضها ذهب إلى أن الحريرى أصر على التهدئة مع حزب الله وفتح قنوات اتصال مع إيران لضمان السلم الأهلى فى لبنان، على غير رغبة السعودية، وعلى خلاف ما قاله لقادتها، مما دفع الأخيرة إلى احتجازه وإجباره على الاستقالة.

خطورة إقدام رئيس وزراء دولة عربية ذات سيادة على الاستقالة فى دولة أخرى أنه يقدم صورة تخرج السعودية تماما عن طبيعتها المحافظة والحصيفة ويحول كل الأمانى المتعلقة بدور الملك القادم فى الإصلاح الدينى والسياسى والثقافى والمساواة مع المرأة، واحترام الأديان والمذاهب الأخرى، إلى صورة شديدة التهور فيها من الاستهانة بالحلفاء والعالم ما يذكرنا بسلوكيات نظم مثل صدام حسين وغيره، والتى لم تستمع إلا لنفسها فكانت النهاية مأساوية.

أن تكتب وزارة الخارجية الفرنسية على موقعها الرسمى وعقب زيارة غير مخطط لها لرئيس جمهوريتها للسعودية قائلة: نحن نتمنى أن يحظى السيد سعد الحريرى بكامل الحرية فى التنقل، وأن يكون قادراً تماماً على الاضطلاع بدوره الأساسى فى لبنان، وأن يقف المجتمع الدولى صفًّا واحدًا من أجل ضمان استقرار لبنان، أمر له أكثر من دلالة.

ما كتب حول استقالة الحريرى وكل من تابع حديثه التليفزيونى سيرجح سيناريو احتجازه نتيجة اعتراض السعودية على سياساته المهادنة مع إيران وحزب الله، وإنه بدا وكأنه أخذ رهينة حتى يقوم بتعديل هذه السياسة.

لقد ارتكبت القيادة الجديدة خطأ فادحا بهذا الإجراء الذى لم يستطع أصدقاؤها الدفاع عنه، فأن تصل الأمور إلى هذه الدرجة من الاستهانة بالدول والشعوب الأخرى وتصوير الحلفاء (حتى لو أخطأوا من وجه نظرها) على هذه الدرجة من الضعف والتهافت أمر سيضر ضررا شديدا بصورة السعودية وسيقوض مشاريعها الإصلاحية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرهينة الرهينة



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 18:02 2021 الثلاثاء ,13 إبريل / نيسان

الغنوشي يهنئ سعيّد بشهر رمضان

GMT 16:14 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حذف وزارة الشؤون المحلية وإلحاق مهامها بالداخلية التونسية

GMT 09:52 2021 الإثنين ,06 كانون الأول / ديسمبر

3000 مصاب بالسيدا يرفضون المتابعة الطبية في تونس

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 14:23 2014 السبت ,11 تشرين الأول / أكتوبر

"نوني" تطلق تشكيلة من الأحذية الشتوية أنيقة ومميزة

GMT 13:24 2013 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

"الجماعات الإسلامية والعنف" كتاب لمنير أديب

GMT 13:01 2013 الجمعة ,24 أيار / مايو

دب أميركي يتسبب بإغلاق مدرسة في ميشيغان

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 12:31 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

أحدث صيحات فساتين الزفاف بالطبقات موضة لعام 2021
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia